أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الاجتماععلم النفس

وسائل التواصل الاجتماعي تقتل احترام الذات

أليكس كروتوسكي Aleks Krotoski هي اختصاصية في علم النفس الاجتماعي، ومقدمة برنامج «الإنسان الرقمي » على محطة BBC الإذاعية الرابعة.

في عام 1999 شاهدت برنامجاً عن شعر جسم المرأة. فقد كانت الفرضية بسيطة: خذ أربع نساء- اثنتين لهما علاقة غريبة نموذجية بشعر الجسم واثنتين مع رهاب شديد لشعر الجسم- واطلب إليهن التوقف عن معالجة ذلك لمدة ثلاثة أسابيع. انهارت النسوة الأربع، لمجرد أنهن لم يتمكّن من استخدام شفرة حلاقة.
وقد أزعجني هذا حقاً، ليس لأن ذكريات الحركة النسوية المثالية كانت لا تزال عالقة بذهني بعد سنوات الدراسة الجامعية التي قضيتها في جامعة شديدة التحرر. كلا، فقد انزعجتُ بسبب غضبي من معظم التغطيات الصحافية المتعلقة بأجساد النساء في وسائل الإعلام. إنني أعيش الآن في ذروة إحباط الثقافة الشعبية )ثقافة البوب (، بسبب تعرضنا للقصف بموسم آخر من الجدل العقيم، بفضل أسبوع الموضة في لندن. ليس هذا جدلاً جديداً، لكن الأمور تغيرت منذ أن حدقتُ في جهاز التلفزيون بشقتي في غلاسكو عام 1999.
وفي ذلك الوقت كان الناس يقارنون أنفسهم بالأشخاص الذين يشاهدونهم على التلفزيون أو على صفحات المجلات. أما الآن؛ فإذا استخدمنا وسائل التواصل الاجتماعي، فنحن نعيش في عالم تغمرنا فيه النسخُ الأفضل من أنفسنا، والتي نبثها في العالم الرقمي. وفي الحالات القصوى، يُزيِّنُ الناس غرف نومهم بحيث تبدو رائعة على إنستغرام Instagram، أو يجرون «جراحة للصور السلفي. » بالنسبة إلى النساء في تجربة شعر الجسم، كان أكبر همهن هو ما سيقوله أزواجهن. أما الآن؛ فالمخاوف تتعلق بما سيظنه الغرباء العشوائيون. يتمثل الهدف بالثقافة المرئية الفائقة في الحصول على أكبر عدد ممكن من علامات الإعجاب Likes، وبذلك يضع الناس أنفسهم أمام جمهور محتمل هائل. إنهم لا يفعلون ذلك للحصول على تعليقات سلبية، ومن ثمَّ ينتهي بهم المطاف إلى التوافق مع القوالب النمطية للجنسين ومع أفكار معينة حول المظهر الذي يجب أن يبدو عليه الناس.
وقد أجرت دراسة نشُرت في مجلةا لحواسيب السلوك الإنساني Computers In Human Behavior في مايو 2018 مسحاً تضمن 523 شاباً تتراوح أعمارهم بين 11 و 16 عاماً حول مدى استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي المرئية الفائقة. وكان الشباب الذين قضوا أكثر من ساعتين في اليوم على الإنترنت يعانون مشكلاتٍ في صورة الجسد أكثر من أولئك الذين ابتعدوا عنها لفترة طويلة. بالطبع، ربما كانوا يلجؤون إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«ينتهي بهم المطاف إلى التوافق مع القوالب النمطية المتعلقة بالجنسين. »

بسبب مخاوفهم من صورة الجسد، لكن الأشياء التي شاهدوها هناك تُروِّج نوعاً معيناً من الجمال، وهذا لا يساعدهم على التكيف مع مخاوفهم الشخصية. وحتى لو كان من الواضح أن هذا النوع من الجمال نُقح أو عُدل على برنامج فوتوشوب، فإن هذه الصور تصبح مصدراً للمقارنة.

لكن هذا الأمر لا يقتصر على المراهقين. ففي شهر يونيو 2018 وجدت دراسة أجريت على أشخاص تتراوح أعمارهم بين 17 و 30 عاما،ً ونشرت في مجلة «أدوار الجنسين Sex Role » أن النظر إلى صور الأشخاص المتمتعين باللياقة البدنية، والذين تلتقط لهم صور بطريقة تُبرز تلك اللياقة حقاً، ويؤدون أشياء توحي باللياقة البدنية يجعل المشاركين ينظرون إلى أنفسهم نظرة سلبية ويدخلون في حالة مزاجية سيئة؛ لذلك لا تفعل ذلك. والنظر إلى الأشخاص الذين يتدربون على اللياقة البدنية لا يزيدك طموحاً؛ بل يجعلك بائساً فحسب. يستخدم الأشخاص ذوو المنظور الإيجابي تجاه أجسادهم المنصات نفسها التي يستخدمها الناس للاحتفاء باختلافاتنا الجسدية المتهدلة والمتعددة الألوان. ولكن اتضح أن هذا ليس حلاً في مناقشة طويلة مع زوجي حول مزايا برنامج غوك وان Gok Wan بعنوان «كيف تبدو جيدا. » فقد وصفته بأنه يمنحك قوة معنوية، ويعد خطوة كبيرة في التركيز على الجمال الداخلي، لكن زوجي كان أكثر ازدراء له. أما الآن؛ فقد بدأت أتفق معه: يبدو أن أي اهتمام نوليه لصورة الجسد يجعلنا ندرك ما نملكه وما لا نملكه، ومن ثمَّ يجعل الجسد نقطة ارتكاز لتقديرنا لذواتنا. فماذا لو اكتشفنا، بدلاً من ذلك، ما نحن جيدون فيه بالفعل؟ ماذا لو احتفلنا بما يجعلنا نستيقظ في الصباح؟ ربما بعد ذلك، سيمكننا تحرير أنفسنا من كل هذا البغض لأجسادنا. سواء كنا مشعرين، أم لا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى