أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

بناء موطن

مرحبا بكم في القرية الفضائية

البشر مخلوقات هشة تحتاج بنيتها البيولوجية الحساسة إلى قدر كبير من الحماية. ينطبق هذا بشكل خاص بعيداً عن الشرنقة الواقية للغلاف الجوي لكوكبنا ومجاله المغناطيسي. ومن ثمَّ، فإذا أردنا البحث عن موطن آخر، فسنحتاج إلى أن نصمّم لأنفسنا بعض المساكن اللائقة. وشحن مواد البناء من الأرض أمر مكلف جداً، لذا فإن الاختصار الرائج الآن هو ISRU- أي استغلال الموارد في الموقع In Situ Resource Utilization. وهي طريقة منمقة لأن نقول: «استخدم ما يوجد هناك بالفعل.»

الخطط لذلك جارية بالفعل. وفي يوليو 2018 أعلنت وكالة ناسا أسماء الفائزين الخمسة لمسابقتها التي بلغت جوائزها 100,000 دولار، «تحدي الموائل المطبوعة بأبعاد ثلاثية» 3D-Printed Habitat Challenge، بهدف تصميم موطن يمكن للناس من العيش والعمل على سطح المريخ، ويمكن بناؤه باستخدام المواد المحلية وتقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد. فاز بالمركز الأول فريق زوفيروس Zopherus من مدينة روجرز، بأركنسو، الذي صمم طابعة روبوتية غير مأهولة من شأنها أن تهبط على سطح المريخ وتطلاق عربات جوالة (روفر) لجمع المواد المحلية. وتعكف وكالة الفضاء الأوروبية على دراسة كيفية طباعة لبنات ثلاثية الأبعاد لموائل الفضاء المستقبلية باستخدام التربة القمرية. ويمثل إنشاء الموئل بداية جيدة، ولكن إذا نظرنا إلى المدى الطويل، قد نرغب في «تأريض» Terraform موطننا الجديد وجعله أكثر شبهاً بالأرض. ويعني هذا التغيير الشامل إحداث تغييرات جوهرية في الغلاف الجوي ودرجة الحرارة لخلق بيئة أكثر ملاءمة للمياه السائلة وللحياة.

ووجدت دراسة نُشرت في يونيو 2018 أن مجموعة قديمة من الميكروبات تسمى «البكتيريا الخضراء المزرقة» (الزراقم) Cyanobacteria يمكنها إنجاز عملية البناء الضوئي في ظل الإضاءة الشديدة الانخفاض، وهي نعمة قد نستفيد منها في يوم ما بزراعتها في مناطق محمية على الكواكب السامة لكي تمتص ثاني أكسيد الكربون وتضخّ الأكسجين. ويعد المريخ أحد المرشحين المحتملين، على الرغم من أن دراسة حديثة أخرى تشير إلى أن الكوكب الأحمر رُبَّما لا يحتوي على ما يكفي من ثاني أكسيد الكربون لأداء هذه المهمة.

وتصميم بيت لا يشبه صنع موطن. فلكي تنجح أي مستعمرة، يجب أن يعمل سكانها كأعضاء في مجتمع ناشئ. ويتعلق هذا بالناس بقدر ما يتعلق بالطوب والأسمنت. وسيحتاج المستوطنون الأوائل إلى وضع نظام قانوني لإنفاذ القانون وحفظ النظام، ربما يستند إلى قوانيننا الحالية هنا على الأرض. ويجب استحداث الوظائف ومنحها لمن يتمتعون بالمهارات المناسبة، كما يجب التعجيل بإنشاء المؤسسات التي تقدم الخدمات الطبية والتعليمية والاقتصادية. مثاليا، سيخطط لكل ذلك قبل أن يغادر مسافرو الفضاء الأرض، حيث سيكون هناك ما يكفي للتفكير فيه على موطننا الجديد دون أن نضطر إلى بناء مجتمع عامل دون تفكير مسبق!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى