الدليل العلمي إلى… الــحــج
الحج هو الرحلة السنوية إلى مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، أقدس مكان على وجه الأرض للمسلمين. هذا العام أُقيمت شعائر الحج ما بين
9 و 14 أغسطس، حيث تجمع أكثر من مليوني حاج؛ مما يجعله واحدا من أكبر التجمعات البشرية في العالم. وبسبب نقص المشورة الصحية العلمية على أرض الواقع، تقدم لنا طبيبة الطوارئ ومذيعة بي بي سي BBC «صالحة أحسن»ً نصائحها
ما مدى اللياقة البدنية التي تحتاج إليها الحاج؟
للقيام بالرحلة ومساعدتك على إتمام شعائر الحج بأمان، يعد الاستعداد أمراً أساسيّاً. اقض الوقت نفسه في الاستعداد البدني كما تفعل في الاستعداد الروحي، فالأول سيدعم الأخير. وبمجرد أن تنوي الحج، ابدأ بقضاء مزيدٍ من الوقت على قدميك. من المهم أن تكون «لائقاً للمشي». استخدم الدرج بدلاً من المصعد، أو سر إلى العمل أو على الأقل امشِ مسافة قصيرة، وأوصل أطفالك إلى المدرسة سيراً على الأقدام. ولكن لا داعيَ للقلق، فلن تحتاج إلى الشروع في التدريب مثل عدائي الماراثون.
ماذا عن الأشخاص المصابين بحالات مرضية سابقة؟
يوصي الدكتور عمران ضياء Imran Zia، استشاري طب الطوارئ في لندن الذي عمل طبيبا للحج منذ 11 عاماً كما يعمل مستشارا للمجلس البريطاني للحج، بأن يحمل الأشخاص الذين يعانون مشكلات صحية حالية وثيقة تتضمن بالتفصيل المستشفى، واسم الاستشاري، وبيانات الاتصال الخاصة به، واسم حالاتهم المرضية، وأي دواء يتناولونه، وبالنسبة إلى الحجاج البريطانييم رقم الهيئة الوطنية الصحية NHS الخاص بهم.
هل أحتاج إلى ارتداء أي لباس خاص؟
من الضروري جلب الأحذية المناسبة للسير لأيام طويلة في منطقة حارة ومتربة. يكفي أن تستخدم أحذية المشي المخصصة مع ارتداء الجوارب. ويختار البعض الصنادل المخصصة للأراضي الوعرة، وهي مفيدة أيضاً. الشيء المهم هو شراؤها مُقدماً وتجربتها. لا تنتظر حتى تصل إلى مكة لإخراجها من الصندوق، فستصاب بالبثور سريعاً! ربما لا يقيك أفضل برامج الإعداد في العالم من الإصابة بالبثور، كما أن المشي لمسافات طويلة في الحرارة سيجعلك عرضة للإصابة بها. وعلى الرغم من أنه من الأفضل ترك البثور سليمة في فقاعة السوائل المعقمة التي تكونها، إذا كان المشي مؤلماً، فعليك التحدث إلى طبيب. وقد يوصي الطبيب بإزالة الطبقة العليا من الجلد من البثرة وتنظيف المنطقة. غيّر ملابسك يوميّاً لتجنب العدوى. وإذا كانت البثرة صغيرة، غطها بالشاش وفوقه لاصق متين. لا تنسَ أن تتناول مسكنات الألم لمساعدتك على تحمل الألم.
قد تؤدي الحرارة والرطوبة والعَرَق والاحتكاك إلى تشققات في الجلد على باطن الفخذين. ولمنع حدوث ذلك، تجنب المشي في حرارة منتصف النهار أو ضع كريماً مضاداً للتشقق أعلى الفخذين. وإذا حدث تشقق، عليك باستخدام كريم مزلّق وتناول مسكنات الألم والراحة. وإذا صارت المنطقة ملتهبة وساخنة ومؤلمة ومنتفخة؛ فاطلب المساعدة الطبية.
ماذا عن التطعيمات؟
يجب أن يتلقى كل حاج لقاح المكورات السحائية ACWY، مع شهادة التحصين. لا يمكن لأحد دخول المملكة العربية السعودية للحج من دونه. يمكنك الحصول على اللقاح إما من طبيبك أو من الصيدلية. يوصي الدكتور ضياء الحجاج بأخذ عدة لقاحات أخرى. ربما حصلت على بعض هذه اللقاحات بالفعل، لذا عليك مراجعة طبيبك للتحقق منها. ويجب أيضاً تلقيح جميع الحجاج الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً والمصابين بالربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو أمراض القلب أو الكبد أو الكلى أو داء السكري أو فيروس نقص المناعة البشرية ضد الإنفلونزا والمكورات الرئوية.
هل هناك أي اعتبارات خاصة للنساء؟
ترتكز أحد المخاوف السائدة لدى النساء حول الحج على الدورة الشهرية. وتتطلب بعض شعائر الحج من المرأة ألا تكون في فترة الطمث. هناك العديد من التدخلات الآمنة على المدى القصير التي يجب على الحاجّات مناقشتها مع الطبيب العام في وقت مبكر من الإعداد.
كيف أقي نفسي من العدوى؟
لا يوجد شيء أسوأ من الإسهال والقيء، خاصة عند السفر. احرص دائماً على تناول أطعمة طازجة وتأكد من طهي أي لحوم جيداً. تجنب تناول طعام الشارع، وابتعد عن السلطات والخضراوات غير المطهية التي قد تُغسل بمياه ملوثة. اشرب الماء المعبأ في زجاجات فقط – مياه زمزم آمنة للشرب. . وتساهم المنشآت المكتظة في انتشار الأمراض المعدية، بما في ذلك سعال الحج الشهير، الذي يصيب أكثر من %60 من الحجاج، وسرعان ما يصبح صوت السعال جزءاً من صوت الخلفية في الحج. احصل على لقاحي الإنفلونزا والالتهاب الرئوي قبل السفر واتبع تدابير النظافة البسيطة- اغسل يديك بانتظام باستخدام هلام التنظيف اليدوي، وتخلص من المناديل الورقية في صناديق القمامة بعد استخدامها، ولا تتشارك المناشف أو السكاكين أو الأكواب مع أحد.
ماذا أفعل إذا شعرت بالجفاف؟
على الرغم من اللافتات الكثيرة التي تشير إلى محطات المياه، لا يزال الحجاج يفشلون في الحفاظ على تروية أجسامهم. نحتاج ما بين لترين إلى ثلاثة لترات من السوائل يوميّاً في الظروف الطبيعية. وقد يؤدي المشي في درجات الحرارة المرتفعة إلى فقدان كثير من السوائل في العرق؛ مما يعني أننا نحتاج إلى تعويضها. احتفظ بزجاجة ماء في متناول اليد وارتشف منها كميات صغيرة بانتظام، وضع دائماً الكثير من الكريمات الواقية من الشمس. لا تنتظر حتى تشعر بالعطش قبل أن تشرب. وقد تفيد عصائر الفاكهة؛ لأنها تزودك بالسوائل والمغذيات والسكر.
إذا شعرت بالصداع أو العطش أو الدوار أو الغثيان أو القيء أو بتقلصات عضلية، فقد تكون مصاباً بالجفاف. توجّه إلى الظل، واشرب الماء مع محاليل الجفاف المخففة أو عصير الفاكهة المخفف، واحصل على قسط من الراحة.
إذا عانيت الارتباكَ والتهيّج؛ فستتوقف عن التعرق، وتصبح بشرتك حارة وجافة، وتفقد الوعي، عندها قد تكون مصابا بضربة شمس. هذه حالة طبية طارئة تهدد الحياة وتحتاج إلى عناية فورية في المستشفى.
ماذا عليَّ أن أفعل عندما أعود إلى الوطن؟
لا يعاني معظم الناس أكثر من سعال الحج يتعافون منه بعد عودتهم إلى ديارهم، لكن الأمر قد يستغرق بضعة أسابيع حتى يزول الفيروس.
وقد يشعر البعض بآلام في العضلات والقدمين. فإذا سافرت بالطائرة وظللت لفترات طويلة دون حركة، تأكد من أنك لا تخلط بين الساق الحمراء المتورمة والمؤلمة وبين الألم العضلي البسيط. وإذا لاحظت ألماً في ربلة الساق وكانت الساق المصابة أكبر من الأخرى، فاطلب مساعدة طبية فورية لأن هذا قد يكون خثرة دموية. ولحماية نفسك عند الطيران، سِرْ بانتظام في ممرات الطائرة ومرّن الساقين أثناء الجلوس.
بعد بضعة أيام من الحج سيكون التعافي على الأرجح بتعويض فترات الحرمان من النوم، والتأمل فيما أنجزته للتو، وتصوّر كونك الآن «حاجّاً» رسميّاً.