أشعر بالحاجة… إلى السرعة
آليستير تشارلتون
Alistair Charlton
في فورت وورث Fort Worth بتكساس تبني شركة لوكهيد مارتن Lockheed Martin واحدة من أولى طائرات الشبح العمودية في العالم. زرنا المصنع للاطلاع على تكنولوجيا هذه النفاثة المقاتلة الجديدة.
تَفَقُّد
طائرة لوكهيد مارتن إف35- لايتنيغ الثانية F-35 Lighting II هي من أكثر الطائرات المقاتلة تطورا في العالم. فقد بُنيت الطائرة على خط إنتاج يبلغ طوله ميلاً واحداً (1,600 متر) في فورت وورث، وتكلف الواحدة منها نحو 100 مليون جنيه إسترليني، وهي مغلفة بغلاف متطور لتجنب اكتشافها من قبل رادارات العدو، وتستخدم خوذات الواقع المعزز AR لمنح الطيارين رؤية لا مثيل لها.
واستغرق إعدادها نحو 30 عاماً، والطائرة F-35 عبارة عن مجهود عالميّ بقيمة تريليون دولار باستثمارات من أستراليا وكندا والدنمارك وإيطاليا وهولندا والنرويج وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وطلب سلاح الجو الملكي البريطاني وسلاح البحرية الملكية 138 طائرة من هذا الطراز ستتمركز على حاملتي الطائرات من طراز كوين إليزابيث الجديدتين في المملكة المتحدة. حتى الآن، سُلِّمت 18، مع خطط لـ 30 أخرى بحلول عام 2025.
في الطابور
توجد ثلاثة أنواع من هذه الطائرات. تستخدم F-35A مدارج الطائرات كالمعتاد، وF-35B قادرة على الإقلاع من على مدرج قصير والهبوط عموديّاً، وصممت الطائرة F-35C للاستخدام حصريّاً على حاملات الطائرات، بفضل أجنحتها القابلة للطي. وتُنتج العشرات من جميع الإصدارات الثلاثة من طراز F-35 في شركة لوكهيد مارتن، حيث توضع طبقة خضراء مضيئة على ألواح الطائرة المصنوعة من الألمنيوم والتيتانيوم قبل تغطيتها بغلاف التخفي.
يُعرف الغلاف، وهو مركب من مادة البوليمر كأساس مصمم لامتصاص طاقة الموجات الكهرومغناطيسية، بصفته مادة ماصة للرادار Radar-absorbing material (اختصاراً: الغلاف RAM)، وهو مصنف سري جدّاً.
وفي عام 2019 كان من المتوقع أن تجهز 131 طائرة F-35 على خط الإنتاج، مع زيادة هذا العدد إلى 140 طائرة في عام 2020، وهكذا إلى أن يبلغ إجمالي الإنتاج السنوي 170 طائرة. توظف المنشأة أكثر من 16,000 عامل؛ يتنقل المهندسون في المبنى على دراجة أو يستخدمون عربة غولف كهربائية، في حين تنقل الطائرات على رافعات من محطة عمل إلى أخرى.
تصل سرعة هذه الطائرات إلى 1,900 كم/س (1,200 ميل/س) ويستغرق صنع كل منها نحو 58,000 ساعة عمل، ثم تنقل إلى البلد الذي اشتراها، وتحتاج إلى تزويدها عدة مرات بالوقود أثناء الطيران.
صامتة لكن قاتلة
يكمن سرّ طائرة الشبح إف35- في جسمها الأملس. فبدلاً من تعليق الأسلحة وخزانات الوقود في أجنحتها وتحت بطنها، توجد ترسانتها في داخلها. وبهذه الطريقة، يكون «ارتداد الرادار» Radar return – أي مقدار إشارة رادار العدو المرتد من الطائرة – يساوي الصفر تقريباً. وتبقى الطائرة مخفية عن الرادار حتى حول فتحات تهوية المحرك التي عادةً ما تكشف عن وجود الطائرات على شاشات الرادار. وزُودت الطائرة إف35- بأنابيب إدخال أفعوانية الشكل Serpentine inlet ducts، ترتد عنها إشارات الرادار ذهاباً وإياباً في طريقها إلى المحرك. نتيجة لذلك، فإن القليل من الإشارة، إن حدث ذلك، يجد طريقه إلى الخارج من جديد؛ مما يضعف صورة الطائرة على شاشات رادارات العدو. ولكن الطائرة التي يبلغ طولها 15.7 متراً ليست غير مرئية، ولكنها قد تكون كذلك بالنسبة إلى طياري العدو. ويقول آلان نورمان Alan Norman، قائد اختبار طائرات إف35-: «إذا اقترب منها الأعداء، فسيكون ذلك هو اليوم الذي يلقون فيه حتفهم».
ولكن هذه القدرة على التخفي من شأنها أيضاً أن تقي من اندلاع النزاعات. اذ يمكن لطياري الطائرة اختيار تجنب الأعداء والمضي في تنفيذ مهمتهم – ربما تكون مهمة استطلاعية – دون أن يراهم أحد. ويضيف نورمان: «لا يتعين علينا القتال إذا كنا لا نريد ذلك. هذا أمر رائع».
مدرسة الطيران
استُبدلت اللوحات التماثلية Analogue dials بشاشة لمس طولها 50 سم في 20 سم، ويمكن للطيارين ضبط التصميم ليناسبهم. بدلاً من التركيز على كل نظام طيران وتحديد ذلك للسيطرة على الطائرة، يتمتع طيارو إف35- بحرية معرفية أكبر لرؤية الصورة الأكبر والنظر في تكتيكات المهمة. ويناسب هذا النهج الذي يضع التكنولوجيا أولاً الطيارين الشباب، أو كما يصفهم نورمان: «المواطنون الرقميون الذين نشأوا مع أجهزة آيفون iPhone… تساعدنا الطائرة على أداء مهماتنا بشكل جيد جدّاً، بحيث يكون أداء الطيار الذي لديه رصيد من عشر ساعات طيران بمثل أداء طيار في رصيده 1,000 ساعة».
ويضيف نورمان: «اكتسب الطيارون خبرة في التكتيك بدلاً من أن يكونوا ميكانيكيين. كل طائرة تصير قائداً لساحة قتال بفضل حيازتنا كل هذه المعلومات».
أخيراً، لا مثيل لخوذة طيار إف35- التي يصل سعرها إلى 325 ألف جنيه إسترليني. فكل المعلومات عن السرعة والارتفاع والأسلحة المشغلة تظهر على الشاشة الداخلية إلى جانب مجال الرؤية من 360 درجة تلتقطه ست كاميرات خارجية موصولة معاً. ويقول نورمان: «عندما ينظر الطيار إلى أسفل، لا شيء يغطي مجال رؤيته، وإنما يمكنه رؤية التضاريس أسفل الطائرة».
حاسة سادسة
يقول نورمان: «لا يوجد سحر في هذه الطائرة… لكن الأقرب إليها هو ما نسميه دمج بيانات أجهزة الاستشعار Sensor fusion… إنها قفزة تكنولوجية هائلة لم نرَ مثلها من قبل». ودمج بيانات الاستشعار هو ما يحدث عندما تتلقى طائرة إف35- بيانات من مستشعرات خارجية – مثل البصمة الحرارية Heat signature لطائرة أخرى على بعد عدة أميال منها – ثم تفسر ذلك وتحدد مستوى التهديد وتراقب الموقف. فإذا زاد مستوى التهديد المحتمل من تلك الطائرة، تخبر الطائرة إف35- طيارها وتقترح التقصي.
وبعد ذلك يمكن للطيار البحث باستخدام طائرته أو الاطلاع على بيانات مستشعرات طائرات إف35- أخرى. وبهذه الطريقة، يمكن لأربع طائرات إف35- تبعد أميالاً عن بعضها بعضاً مشاركة رؤيتها وبياناتها، وهذا يعطي كل طيار رؤية كاملة لساحة المعركة.
يقول ستيف أوفر Steve Over، مدير تطوير الأعمال في شركة لوكهيد مارتن: «طائرات إف35- لا تصطاد على أنها طائرات فردية… وإنما تصطاد كسرب تفصله مسافات شاسعة في المجال الجوي. إذا كنت تقود طائرة إف35- فلن تتعرض لموقف يتسلل خلاله أحد من الخلف. يمكنك إخراج ذلك من المعادلة ».