أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تعليق

أنا وأنت وميكروباتنا

لماذا تُشبه شريكَ حياتك أكثر مما قد تعتقد

تعرفتُ على زوجتي كلير في سنتنا الأولى في كلية الطب، وذلك قبل أكثر من 40 عاماً. منذ ذلك الحين نشأ بيننا توارد خواطر لفهم كلٍّ منا أحاسيسَ وأفكار الآخر. قد يبدو هذا مملاً إلى حدٍّ ما، ولكنه في الواقع تجربة ترابط قوية.
دفعني هذا إلى التساؤل عن مدى تقاربنا بعضنا مع بعض بمرور الوقت، لنكون أكثر شبهاً بطرق أخرى أيضاً. فلنأخذ مظهرنا الخارجي. هناك عدد كبير من الأبحاث التي تظهر أن الأزواج يميلون، على المدى الطويل، إلى أن يتشابهوا. لكن هل هذا لأنهم منذ البداية يشبه أحدهما الآخر، أو لأن الأزواج يصيرون أكثر تشابهاً بمرور الوقت؟ هل يحدث هذا يا تُرى بسبب النظم الغذائية المشتركة، أو أنماط الحياة، أو السلوك، أو بعض العوامل الأخرى؟
لمعرفة ذلك جمع فريق من الباحثين- من جامعة ستانفورد Stanford University في الولايات المتحدة- قاعدةَ بيانات تضم صور 517 من الأزواج، التُقطت بعد فترة وجيزة من الزواج، ثم بعد ذلك بعقود من الزمن. باستخدام برمجيات التعرُّف على الوجه Facial recognition software المتقدمة وبالاستعانة بحُكامٍ بشر، أظهروا أنه على الرغم من أن الأزواج الذين يعيشون معا فترة طويلة يميلون إلى أن يكونوا متشابهين، غيرَ أنهم لا يصيرون أكثر تشابُهاً بمرور الوقت. بمعنى آخر: تدعم هذه الدراسة القول بأننا نميل إلى اختيار شركاء يشبهوننا.

 

“يمكن لخوارزميات الحاسوب تحديد الأزواج بدقة %86 بناءً على ميكروبيوم بشرتهم وحده”

 

كتب الباحثون: “هذا يجعل مظهر الوجه يتماشى مع سمات أخرى- مثل الاهتمامات والشخصية والذكاء والمواقف والقيم والرفاه Wellbeing – التي تظهر تشابهاً أولياً، ولكنها لا تتقارب بمرور الوقت”.
ولكن على الرغم من أننا قد لا نصير أكثر تشابهاً في المظهر، فإن ميكروبيوم بشرتنا يصير بالتأكيد كذلك على مر السنين. ففي دراسة أُجريت قبل بضع سنوات، ونشرت في مجلة إم سيستمز mSystems، قرر علماء تحليل ميكروبيومات الجلد للأزواج، ووجدوا أن العيش معاً يؤثر تأثيراً كبيراً في المجتمعات الميكروبية على بشرة كل من أي زوجين.
لإجراء الدراسة جمع الباحثون عينات من عدة مواقع على أجسام المتطوعين، بما في ذلك الجفون العلوية والمنخران والأنف الداخلي والإبط والجذع والظهر والسرة وراحتي اليدين.
كان تأثير العيش معاً في مجتمعهم الميكروبي قوياً إلى درجة أن خوارزميات الحاسوب تمكنت من تحديد الأزواج المتعايشين بدقة %86 بناءً على ميكروبيوم بشرتهم وحده. أما منطقة الجسم حيث يكون الأزواج أكثر تشابهاً- من حيث الميكروبات- فهي القدمان. هذا ليس مفاجئاً تماماً، لأن كثيرين منا يتجولون في أرجاء المنازل حفاةً.
على الرغم من أن الأزواج أظهروا تشابهاً مذهلاً في الميكروبيوم الجلدي، فإن هناك بعض مناطق الجسم كان معها جنس المتطوع أكثرَ أهمية من كونه يعيش مع شريك. على سبيل المثال اكتشف العلماء أن المجتمعات الميكروبية التي تنمو على الفخذ الداخلية كانت أكثر تشابهاً بين الأشخاص المنتمين إلى الجنس البيولوجي نفسه منها بين الشركاء المتعايشين.
هنا أيضاً اتضح أن خوارزميات الحاسوب تمكنت من أن تميز بين الرجال والنساء بدقة %100 بتحليل عينات الفخذ الداخلية وحدها. من كان له أن يتوقع مثل هذا؟

 

مايكل موزلي Michael Mosley

مايكل كاتب ومذيع يقدِّم برنامجاً بعنوان: ثقي بي، أنا طبيب Trust Me, I’m A Doctor. صدر أحدث كتاب له بعنوان: الصيام 800 كيتو The Fast 800 Keto، (منشورات: Short Books)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى