الـطــــب الكهربائي
البروفيسور غوردون والاس Prof Gordon Wallace
طور باحثون في أستراليا خيطاً يمكن زرعه – أسموه سوترود Sutrode – ويمكنه علاج الأمراض عن طريق تحفيز الألياف العصبية. وفي هذه المقابلة يتحدث غوردون والاس Gordon Wallace إلى جيسون غوداير Jason Goodyer حول إمكانيته لعلاج الصرع والفصام، ولإنتاج الأطراف الاصطناعية.
ما «المستحضرات الكهربائية»؟
الاسم مشتق كبديل لمصطلح «المستحضرات الصيدلانية» Pharmaceuticals، ومن ثمَّ، فإن «المستحضرات الكهربائية» تعني استخدام التحفيز الكهربائي لعلاج أمراض معينة عن طريق استهداف أعصاب معينة، وتوجيه أعضاء معينة. كان التحدي الذي واجهنا حتى الآن هو إيجاد أدوات يمكنها التواصل مع جهازنا العصبي بميز أو دقة كافية لاستهداف أعصاب بعينها.
أنت تنتج «السوترودات»، فممَّ تُصنع؟
إنها خيوط مصنوعة من الغرافين. وتواصل هذه المادة العجيبة ظهورها في جميع المجالات. الغرافين مجرد طبقة واحدة من الكربون تم اكتشافها منذ سنوات عديدة، والتي حازت على جائزة نوبل. وكان هناك اهتمام هائل بتلك المادة، وبالمبادئ الكيميائية البسيطة والمنسقة جدا التي تسمح لنا بأخذ كتلة من الغرافيت- من النوع الذي تجده في قلم رصاص- وتقشرها أو تنسيقها لصنع صحيفة واحدة من الغرافين. ونفعل ذلك بطريقة يمكننا من خلالها التحكم في حجم الصفيحات وكذلك التحكم في كمية الأكسجين الموجود عليها. يمنحنا هذا مزيجاً من الخصائص الكهربائية والقابلية للمعالجة- أي القدرة على صنع الألياف. وقد مكننا مزيج من الكيماويات الذكية التي توفر كلتا الخاصيتين من تحقيق هذا التقدم بشكل خاص.
كيف تعمل؟
من خلال العمل مع شريكنا، البروفيسور ماريو روميرو-أورتيغا Mario Romero-Ortega في جامعة تكساس University of Texas، دالاس، أثبتنا أننا يمكننا ربط هذه الأقطاب الكهربائية حول حزم الأعصاب الصغيرة المتجهة إلى الأعضاء- الطحال في هذه الحالة. ولهذا السبب نسميها السوترود؛ لأنه يحتوي على الخواص الميكانيكية الأساسية للخيط الجراحي، وفي الوقت نفسه كل خصائص القطب الكهربائي. والأهم من ذلك، أنه قطب كهربائي متوافق مع نظام حي ونابض.
ما النتائج التي توصلتم إليها؟
لقد كنت أنا وماريو مهتمين بمجال المستحضرات الكهربائية لبعض الوقت. وعلى وجه الخصوص، ما إذا كان التحفيز الكهربائي للأعصاب المارة تحت الطحال يمكنه تنظيم الاستجابة المناعية. وفي وجود هذه الأدوات الجديدة، اتضح أننا نستطيع بالتأكيد تسجيل الإشارات الواردة من الأعصاب المتجهة إلى الطحال وأن هناك مستويات مختلفة من التواصل عبر كل من هذه الأعصاب المختلفة. وتبحث الدراسات فيما إن كان بإمكانك تنظيم الاستجابة المناعية من خلال التحفيز الكهربائي لتلك الأنواع المختلفة من الأعصاب. وقبل ذلك، سيتعين عليك تتبع حزم الأعصاب الأكبر لاستخدام الأقطاب الكهربائية التقليدية، ومن ثمَّ لم تكن لديك إمكانية تخصيص الاتصال – سواء للتسجيل أم التحفيز – التي لدينا الآن.
ما الحالات أو الأمراض التي قد يساعد على علاجها؟
في الوقت الحالي تركز دراساتنا على استخدام تجدّد الأعصاب والعضلات. وفي دراسات التجدّد، وفي مجال المستحضرات الكهربائية، ينصب تركيز ماريو على إجراء مزيد من الدراسات حول كيفية تنظيم سلوك الطحال عن طريق التحفيز الكهربائي. وكما أقول، فهذا ينظم الاستجابة المناعية.
لكننا نتصور أنه عندما يدرك الآخرون ما قد تفعله السوترودات، فإنهم سيقيمون أو سيحاولون إقامة تعاون مع الشركاء في جميع أنحاء العالم لاستهداف أمراض محددة أخرى باستخدام تبصراتهم البيولوجية أو الطبية حول تلك الأمراض وكذلك قدرتنا على إنتاج الأجهزة والبنى المختلفة.
إذاً، فهو يعالج المرض عن طريق القيام بما يفعله الجهاز العصبي السليم والفعال؟
نعم، لذلك تحاول المستحضرات الكهربائية استعادة السلوك الطبيعي لمنظومة الأعصاب [الجهاز العصبي]، من حيث التحكم في الأعضاء. وفيما يتعلق بتجدّد الأعصاب أو العضلات، يعزز السوترود عملية الشفاء عن طريق توفير قناة تُسِّهل إصلاح أو إعادة نمو الاتصالات العصبية، أو محاذاة وإصلاح العضلات.
ماذا يحدث في هذه الحزمة العصبية عند تحفيزها بواسطة السوترود؟
ما زلنا نتعلم ذلك. لقد تمكنا من إظهار أنه يمكننا أن تسجل، بحساسية مذهلة، النبضات الكهربائية التي تولدها هذه الحزمة العصبية. وبعد ذلك نحاول التعرف على ما تفعله تلك النبضات الكهربائية المختلفة للعضو، وعلى الاستجابات البيولوجية التي يمكن تنظيمها. وبإضافة النبضات الكهربائية من السوترود إلى هذه المنظومة، نأمل بأن نتمكن من التأثير في طريقة عملها.
ما المزايا التي يتمتع بها هذا العلاج مقابل الأدوية العادية، مثل الحقن والأقراص؟
أعتقد أنها القدرة على استهداف المرض بشكل أكثر تحديداً. والقدرة على تقديم التحفيز عندما تدعو الحاجة إلى علاج تلك الأمراض، وفي بعض الحالات، قد يكون وسيلة أكثر فاعلية في علاج أمراض معينة.
لا تُعالج أمراض مثل الصرع أو الفصام بشكل جيد بالطرق الصيدلانية العادية، وغالباً ما ينتهي العلاج بمزيج من الأدوية المخصصة لهذا الشخص. إنها في الأساس عملية من التجربة والخطأ.
هل ستوضع السوترودات في المنطقة المتأثرة ثم تُترك هناك؟ أم أنها للاستخدام قصير الأجل؟
فيما يتعلق بالمستحضرات الكهربائية، الجواب الحقيقي عن ذلك هو أننا لا نعلم. هل يمكنك بالفعل عكس مسار المرض عن طريق التحفيز الكهربائي لفترة معينة، ثم لا تحتاج إلى مزيد من التحفيز؟ هذه جميعها دراسات ينبغي إجراؤها.
فيما يتعلق بالتطبيقات الأخرى لهذه السوترودات، في إصلاح الأعصاب، أو تجديد الأعصاب أو العضلات، مثلاً، فبالنظر إلى الخصائص الميكانيكية للألياف، نتصور أنه سيكون من الجيد استخدامه هناك لإجراء الإصلاح ثم تركها كجزء من النظام المستعاد طبيعيّاً.
من حيث التكلفة، كيف يمكن مقارنتها بالأدوية التقليدية؟
تكلفة المواد الفعلية منخفضة بشكل مذهل. نحن نتحدث عن الغرافيت المستخرج من منجم، وعن مواد كيميائية وطرق بسيطة لتصنيعها. لذلك، ليست هناك تكلفة كبيرة متضمنة في ذلك. وفيما يتعلق بالأجهزة اللازمة لدفعها، فإن التكلفة منخفضة أيضاً. لذا، فإن تكاليف المواد والتصنيع منخفضة جدّاً مقارنة بما إذا كنت تطوّر عملية تصنيع كاملة لمستحضرات صيدلانية جديدة، مثلاً.
كيف ترى مستقبل هذه الأبحاث؟
سينصب التركيز في المستقبل القريب على تجدّد الأعصاب والعضلات. وبطبيعة الحال، سنواصل في مجالات مختلفة من المستحضرات الكهربائية مع شركائنا ونحن نوطد المجالات الأولى. وأحد المجالات الأخرى التي ستستخدم هذه المواد، نظراً لقدرتها الفعالة على التواصل مع الأعصاب والعضلات، هي واجهة للأطراف الاصطناعية الموجهة عصبيّاً، مثل اليد الاصطناعية.
ماذا تعني بـ «موجهة عصبيّاً»؟
في الأساس، سيتواصل الجهاز العصبي مباشرة ويرسل إشارات إلكترونية إلى اليد الاصطناعية لتوجيهها عبر السوترود. وعن طريق دمج تقنيات الاستشعار في اليد؛ فستزود المستخدِم بالإحساس.
لذا، إذا احتجت إلى يد اصطناعية، فسأتمكن من التحكم فيها بالطريقة نفسها التي أتحكم بها في يدي؟
نعم. بالضبط. حاليّاً، يتطلب ذلك واجهة عصبية عالية الدقة للطرف الاصطناعي، ونعتقد أن هذا هو ما لدينا في السوترود بالضبط، وهذا شيء سنسعى إلى تحقيقه.