القلق الإيكولوجي: كيف تتعامل البشرية مع التهديدات الوجودية؟
من التلوث البلاستيكي إلى تغير المناخ، هناك الكثير من الأخبار البيئية التي قد تسبب قلقاً وجوديّاً. هل من الممكن التفكير بشكل مفيد في هذه القضايا أم أنها كبيرة جدّاً، بحيث لا يمكن لعقولنا التعامل معها؟
لدى مواجهة مشكلة كبيرة، من الطبيعي أن نحاول التفكير في طريقة لحلها. وعلى الرغم من أن حل المشكلات قد يكون مفيداً في بعض الأحيان، إلا أنه يمكن أن يتحول إلى قلق متكرر يسيطر علينا بشأن ما لا يمكننا حله. وهناك أيضاً نمط تفكير متكرر يركز على الماضي، إنه نوع من اجترار التفكير في أشياء حدثت بالفعل. وهذا قد يكون مشكلة، لأنه أسلوب تفكير مرتبط بالاكتئاب. وهناك طريقة أخرى للتعامل مع التهديدات الوجودية وهي تجنب التفكير فيها تماماً نظراً لشعورنا بفداحتها. ولكن قد يعني هذا أنها ستبدو أضخم عندما نضطر في نهاية المطاف للتفكير فيها.
وتشير دراسات مسح الدماغ إلى أن هناك منطقة دماغية معينة تشارك في معالجة التهديدات الوجودية: إنها القشرة الحزامية الأمامية Anterior cingulate cortex. تشارك هذه المنطقة أيضاً في نظام تثبيط السلوك لدينا Behavioural inhibition system، وهو نظام يشجعنا على التوقف عن فعل شيء ما وصبّ الاهتمام عليه. واقترح الباحثون أن منطقة الدماغ هذه مرتبطة بردود الفعل السلوكية الشائعة للتهديدات الوجودية: إنه ذاك الشعور بالعجز عن التصرف في مواجهة شيء يلوح في الأفق، والميل إلى البحث عن الكثير من المعلومات حول ذلك التهديد دون تغيير سلوكنا.
القلق الإيكولوجي
إن مصطلح ‘القلق الإيكولوجي’ Eco-anxiety هو مصطلح استخدمته الجمعية الأمريكية لعلم النفس American Psychological Association في تقرير حول تأثير تغير المناخ في الصحة العقلية، لكنه لا يُعد تشخيصاً رسميّاً. ومن الناحية النفسية، ينشأ القلق حول أي شيء من الطريقة التي ندرك Perceive بها وجود تهديد، ومن ثمَّ فإن ‘القلق الإيكولوجي’ منطقي، لأن التهديد الذي يتعلق به حقيقي. ونظراً لأنها ليست مشكلة من مشاكل الصحة النفسية، لا يمكن التعامل مع القلق الإيكولوجي على هذا النحو. ومع ذلك، إذا كانت المخاوف من تغير المناخ تولّد شعوراً كبيراً بالضيق، فقد تساعدنا بعض الأفعال في التخفيف من ذلك. وفي أكثر الأحيان يكون الأمر بمثابة فعل مضاد لما قد تشجعنا عليه حالتنا الذهنية القلقة. فبدلاً من ترك أفكارنا المثيرة للقلق تشلنا عن التحرك، يمكننا مثلا، أن نقوم بما يلي:
ـــ إن تحديد الأشياء التي يمكننا التحكم فيها والعمل لإنجازها خطوة بخطوة قد يزيد من إحساسنا بالقدرة على الفعل. مثلا: التفكير في عاداتنا فيما يختص بإعادة التدوير واستهلاك الطاقة والسفر والنظام الغذائي لتقليل تأثيرنا البيئي.
ـــ تلطيف أثر الأخبار حول سيناريوهات أسوأ الحالات بالاطلاع على معلومات أخرى والقيام ببعض الأنشطة، بما في ذلك قضاء الوقت في الطبيعة ومع الآخرين.
ـــ البقاء على تواصل مع من نحبهم؛ فنحن نشعر بالقلق أكثر عندما نكون وحيدين مع مخاوفنا.
ـــ الوعي بالآثار الناجمة عن كيفية تفكيرنا في المشكلة حتى نتمكن من تغييره إذا لم يكن مفيداً.
وعندما نخاف فعلاً من شيءٍ ما، فمن الشائع أيضاً أن نعاني مشكلات في النوم وأن يؤثر ذلك في نظامنا الغذائي والتزامنا ببمارسة التمارين الرياضية. والتأكد من أننا نتناول طعاماً صحيّاً ونتبع روتيناً للنوم ونتحرك بانتظام، قد يحدث فرقاً حقيقيّاً في مدى تأثرنا بالضغوط التي نتعرض لها. وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو تفكيراً أنانيّاً، إلا أننا لن نتمكن من فعل الكثير فيما يتعلق بتغير المناخ إذا لم نعتنِ بأنفسنا.
من المهم إدراك ما إذا كانت الأفكار والمشاعر والسلوكيات المتصلة بالقلق أو الاكتئاب قد صارت سمة طاغية في حياتنا. فهناك علاجات تستند على الأدلة للقلق والاكتئاب إذا كنت تعتقد أنك معرض لها، ويستحق الأمر طلب المساعدة. وهناك أيضاً معلومات حول الكيفية التي يمكننا بها تقليل تأثيرنا في البيئة قد تساعدنا في تخفيف الشعور بالعجز.