«الوسواس القهري هو اضطراب يصيب دوائر محددة في الدماغ»
ما الذي يسبب اضطراب الوسواس القهري؟ جَمع الدكتور لوك نورمان Dr Luke Norman من جامعة ميشيغان بيانات من دراسات متعددة لاكتشاف الشبكات الدماغية المعنية
ما اضطراب الوسواس القهري؟
للوسواس القهري عَرَضان أوليّان: الأول، الأفكار الهوسية Obsessive thoughts التي تدور غالباً حول المخاوف من أذى يلحق بالمصاب بالوسواس القهري أو أحبائه. والعَرَض الثاني هو السلوكيات القهريّة Compulsive behaviours، وهي طريقة يحاول بها المصاب تنظيم قلقه. ويمكن ربط السلوكيات القهريّة بالهواجس- فالشخص الذي يخشى الإصابة بالمرض قد يستمر بغسل يديه. ولكن الدوافع قد تكون أيضاً غير ذات صلة: فقد يعتقد المصاب بالوسواس القهري أنه من المرجح وقوع حدث ما إذا فشل في أداء إجراء بعينه عدة مرات، مثلا. ولأغراض التشخيص، نقول عادة إن المرض يجب أن يُعطّل المصاب لمدة ساعة على الأقل في اليوم وأن يسبب إعاقة كبيرة.
لماذا تدرس الصور الدماغية؟
من المفترض أن الشبكات الدماغية المكتنفة في معالجة الأخطاء والقدرة على إيقاف السلوك غير الملائم – التحكم التثبيطي Inhibitory control – مُهمة في الوسواس القهري. ويقاس هذا غالباً في اختبارات تجريبية مثل مهمة إشارة التوقف Stop signed task: يُطلب إلى المشاركين كبس زر في كل مرة يرون فيها صورة على الشاشة، ما لم يسمعوا صوتاً بعد عرض الصورة. وقد استخدمت الدراسات السابقة هذا النوع من المهام بداخل ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي Functional MRI للنظر في شذوذات التفعيل الدماغي، فأظهرت نتائج غير متناسقة، ربما بسبب صغر أحجام العينات. لذا جمعنا البيانات من عشر دراسات ودمجناها معا في تحليل تلوي Meta-analysis لعينة مُجمّعة من 484 مشاركاً.
أي الشبكات الدماغية مكتنَفة؟
الوسواس القهري هو اضطراب يصيب دوائر دماغية محددة. ونعتقد أن هناك نوعين رئيسيين: الأول الدائرة الحَجَاجية-المخططية – المهادية Orbito-striato-thalamic circuit، المكتنفة بشكل خاص في العادات – وهي تتوسع فعليّاً في حالة الوسواس القهري وتُفرط في نشاطها عند مشاهدة المرضى لصور أو مقاطع فيديو تتعلق بمخاوفهم، ومن ثم تعمل مثل دواسة البنزين لتحفيز السلوك القهري. والثاني هو الشبكة الحزامية- الوصادية Cingulo-opercular network، المكتنفة في اكتشاف متى تحتاج إلى قدر أكبر من التحكم الذاتي في سلوكك. وفي تحليلنا التلوي وجدنا أن المرضى أظهروا تفعيلاً متزايداً في هذه الشبكة الدماغية، لكن أداءهم كان أسوأ خلال مهمة التحكم التثبيطي نفسها. وتشبه الشبكة الحزامية-الوصادية مكبحا للسلوك المستمر: في حين يُظهر مرضى الوسواس القهري مزيداً من النشاط في هذه الشبكة الدماغية، إلا أنها لا تُحدث التغيرات اللاحقة في السلوك التي نراها عادة لدى الأشخاص الأصحاء.
ماذا اكتشفت حول علاج اضطراب الوسواس القهري؟
للعلاج النفسي أهمية بالغة في اضطراب الوسواس القهري، وخاصة العلاج السلوكي المعرفي Cognitive behavioural therapy، الذي يشمل جَعْل المرضى يقتربون تدريجياً من الأشياء التي يخافون منها ويتعلمون أن الأمور السيئة لا تحدث عندما يتعرضون لمحفزات الوسواس القهري.
نجري الآن دراسة كبيرة حول الموضوع، وندرس صور المسح الدماغي قبل العلاج وبعده، لفحص ما إذا كانت الشبكتان الدماغيتان تُظهران المزيد من أنماط التنشيط الطبيعية مع تحسن حالة المرضى. وكذلك يستكشف العلماءُ التحفيزَ المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة لاستهداف الشبكة الحزامية- الوصادية، والذي يبدو أنه يُظهر فعالية جيدة جدّاً في اضطراب الوسواس القهري.