تكنولوجيا مستوحاة من مخلوقات البحر
استوحى العديد من العلماء والمهندسين من الأحياء والكائنات التي تعيش في المحيطات أفكارا لتطوير مواد وهياكل وتقنيات جديدة مفيدة. وعلى سبيل المثال، بدلاً من استخدام الروبوتات المعدنية التي عفا عليها الزمن، يمكننا أن نرى ذات يوم آلات رخوة الجسم مستوحاة من أذرع الأخطبوطات المرنة. ويجري فحص قدرة الأخطبوط المدهشة على تغيير لون وملمس جلده ليتوافقا مع محيطه على الفور لاستخدامها في التمويه العسكري.
وقد يأتي الإلهام من المحيطات من أكثر الحيوانات تواضعاً. وعلى سبيل المثال، أراد الباحثون معرفة الكيفية التي يبقى بها أصداف بلح البحر Mussels ملتصقاً بالصخور، حتى عندما تكون رطبة تحت رحمة الموج المتلاطم. واتضح أن الرخويات تفرز نوعاً خاصاً من الغراء المقاوم للماء، الذي يستخدمه الباحثون الطبيون الآن لتطوير مواد لاصقة جراحية لاستخدامها في العمليات المعقدة، مثل العمليات على الأجنة.
طرح البطلينوس Limpet، أحد أقارب بلح البحر Mussels، سؤالاً آخر لم تتم الإجابة عنه سوى مؤخراً: كيف تقضي هذه الرخويات الساحلية الشائعة وقتاً طويلاً في حف الطحالب عن الصخور دون أن تحطم أسنانها؟ يكمن سرها في البنية النانوية المعقدة لأسنانها التي تجعل منها أقسى مادة بيولوجية معروفة. ويستطيع البطلينوس قضم سترة مضادة للرصاص إذا رغب في ذلك. لذلك يمكن نسخ أسنانها الصغيرة القوية واستخدامها لصالحنا لتصنيع مواد صلبة.
وتأخذ قنافذ البحر طب الأسنان خطوة أخرى إلى الأمام مع أسنانها ذاتية الشحذ؛ إذ إنّ أسنانها مصنوعة من طبقات من بلورات كربونات الكالسيوم ومواد عضوية ذات نقاط ضعف محددة تنكسر فتترك حافة حادة مثل الشفرة. وإذا تمكن علماء المواد من تقليد تلك القدرة، فقد نجد لدينا مقصات وسكاكين تشحذ نفسها.