جسر طويل جداً؟
يبدو أن حكومة المملكة المتحدة تنظر في إمكانية بناء جسر بين اسكتلندا وأيرلندا الشمالية. لكن هل هذا ممكن؟
أثار المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء الاستغراب عندما أُعلِن مؤخراً أن “العمل جارٍ جدياً” على دراسة إمكانية ربط اسكتلندا بأيرلندا الشمالية بجسر يمتد عبر البحر الأيرلندي. والنقطتان المرشحتان في الوقت الحالي لبناء الجسر بينهما هما بورتباتريك Portpatrick على الساحل الاسكتلندي ولارن Larne على الساحل الأيرلندي الشمالي، ويفصل بينهما نحو 40 كم.
وعدا عن طول المسافة، يطرح مثل هذا المشروع الهائل عدداً من التحديات الأخرى المهمة. فهناك، مثلا، عمق البحر الذي يصل في بعض الأماكن إلى 300 متر، والقناطر الكبيرة الضرورية للسماح للسفن بالمرور تحت الجسر بأمان، كما يوضح مهندس الإنشاءات إيان فيرث Ian Firth، زميل رابطة المهندسين المدنيين.
ويقول فيرث: “قد يمثل الحل الآخر استخدام أساسات عائمة؛ فالنرويجيون يفعلون ذلك بالفعل، ويمكنك استخدام عوامة طافية مثبتة تحت سطح الماء. و مع ذلك، لا يزال عليك النزول إلى العمق وحفر ثقوب في صخور القاع، لكن يكفي حينها أن تربطها ببعض الكابلات. وبعد أن تُثبّت المنصة الطافية تحت الموج، فأنت لا تريدها على السطح لأنها حينها ستتأثر بحركة الموج وبالمد والجزر. وتثبت هياكل الجسر على تلك المنصات العائمة. شيء من هذا القبيل قد يكون قابلاً للتنفيذ”.
ومع ذلك، فإن مثل هذه البنية ستترك المسافرين على الجسر تحت رحمة الرياح العاتية والأمطار الغزيرة، حتى مع تطبيق تدابير حماية مناسبة من أهواء الطقس. لكن قد يكون هناك حل آخر.
ويقول فيرث: “هناك نوع آخر من الإنشاءات العائمة، هي عبارة عن بناء نفق عائم تغمره المياه. إنه ليس محفوراً في الصخر وإنما يبقى تحت الماء…. تربطه، لنقل على عمق 20 متراً تحت الماء بحيث يمكن للسفن أن تمر بسهولة فوقه، لكنه يطفو بالفعل. إذا كنت في سيارتك، فإنك ستقود في الواقع عبر نفق. هذا مثير جداً للاهتمام، وأعتقد حقاً أن هذا الحل معقول جداً”.
لكن الأمور لا تزال في بدايتها وهناك العديد من العوامل التي يجدر بنا مراعاتها، مثل قدرة البنى التحتية على جانبي المعبر على التعامل مع حركة مرور إضافية، وكذلك واقع أنه قد يكون ببساطة من الأجدى تطوير البنية التحتية الحالية لحركة النقل بالعبّارات، قبل البدء بأي جزء من أعمال التصميم.
ويقول فيرث: “إنها في الوقت الحالي مجرد فكرة وليست أكثر من ذلك. أولا، سنحتاج إلى دراسة سابقة على دراسة الجدوى تنظر في الخيارات المتاحة حتى نتمكن بالفعل من تحديد نطاق دراسة الجدوى، وبعد ذلك يمكن لأشخاص مثلي أن ينكبوا على دراسة الخيارات المتاحة. أعتقد أنه ممكن. لكن القول إنه ‘ممكن’ و‘بتكلفة معقولة’ شيئان مختلفان. ومن الواضح أنني لا أحاول أن أطرح أرقاماً، لكنه، كما تعلمون، مكلف جداً إلى حد تدمع معه العين [تعبير انجليزي]، ولم يسبق أن جرَّب أحد شيئاً من هذا القبيل من قبل. لكن عملنا هو إيجاد حلول للتحديات. فنحن مهندسي الإنشاءات المدنية نجيد فعل هذا النوع من الأشياء”.