أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تكنولوجيا

حرب التزييف العميق

سيؤلب سباق التسلح برمجيات الذكاء الاصطناعي بعضها ضد البعض الآخر لاكتشاف ما هو حقيقي وما ليس كذلك

انتشرت مقاطع فيديو معدة بتقنية التزييف العميق Deepfake على الإنترنت على مدار العامين الماضيين. وفي التزييف العميق يُستخدم الذكاء الاصطناعي (AI) لمبادلة صورة شخص ما في صورة أو فيديو، بصورة شخص آخر. وتقول شركة ديبتريْس Deeptrace التي أُسست لمكافحة التزييف العميق، إنه في غضون ثمانية أشهر فقط بين أبريل وديسمبر 2019، ارتفع عدد عمليات التزييف العميق بنسبة %70 إلى 17000 شريط أو صورة.
معظم التزييفات العميقة، أو نحو %96، هي مواد إباحية. ما يجري هنا، هو وضع وجه شخصية شهيرة محل الأصل. وفي تقريرها لسنة 2019 بعنوان حالة التزييفات العميقة The State of Deepfakes، تقول شركة ديبتريْس إنّ أكبر أربعة مواقع إباحية مكرسة لنشر أشرطة معدة بتقنية التزييف العميق استقطبت 134364438 مشاهدة.
وحتى خمس سنوات خلت، تطلب التلاعب بالفيديو الحقيقي حيازة برمجيات باهظة الثمن والكثير من المهارة، لذلك كان في المقام الأول من اختصاص استوديوهات الأفلام. وحالياً يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي المتاحة مجاناً والتي تعلمت إعداد أشرطة مزيفة شبيهة تماماً بالواقع، تولي الجزء التقني بكامله. كل ما يحتاج إليه أي شخص هو حاسوب محمول مزود بوحدة معالجة الرسوميات Graphics processing unit (اختصاراً: وحدة GPU).
كما ازداد الذكاء الاصطناعي المستخدم في التزييف تعقيداً. وتقول الأستاذة المساعدة لويزا فيردوليفا Luisa Verdoliva، وهي عضو في مجموعة أبحاث معالجة الصور Image Processing Research Group من جامعة نابولي University of Naples في إيطاليا: “إن التكنولوجيا أفضل حقاً بكثير من العام الماضي…. إذا شاهدت مقاطع فيديو معدة بتقنية التزييف العميق على يوتيوب نُشرت هذا العام ستجد أنها أفضل بكثير مقارنة بالعام الماضي”.
وتُبذل حالياً جهود كبيرة داخل الجامعات والشركات الناشئة لمكافحة التزييف العميق من خلال إتقان أنظمة الكشف القائمة على الذكاء الاصطناعي وتأليب الذكاء الاصطناعي ضد نفسه. ففي سبتمبر 2019 تعاونت فيسبوك Facebook ومايكروسوفت Microsoft وجامعة أكسفورد University of Oxford والعديد من الجامعات الأخرى لإطلاق تحدي الكشف عن التزييف العميق Deepfake Detection Challenge بهدف تعزيز الأبحاث. وجمع الباحثون مورداً ضخماً من مقاطع الفيديو المعدة بتقنية التزييف العميق لتشغيل أنظمتهم للتعرف عليها. وخصصت فيسبوك عشرة ملايين دولار للمنح والجوائز.
فيردوليفا عضوة في اللجنة الاستشارية للتحدي وتجري أبحاث الكشف الخاصة بها. ويعمل نهجها على استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف علامات تنبه إلى تدخل أو عبث بالصورة، لا تلتقطه عين البشر. إذ تترك كل كاميرا، بما في ذلك تلك الموجودة في الهواتف الذكية، أنماطاً غير مرئية في وحدات البكسل عندما تعالج صورة. وتترك النماذج المختلفة أنماطاً مختلفة. وتقول فردوليفا: “عندما يجري التلاعب بصورة باستخدام التعلم العميق Deep Learning، لا تشارك الصورة هذه الخصائص”. ومن ثم عندما تختفي هذه العلامات غير المرئية، فالأرجح أن الصورة مزيفة.
يستخدم باحثون آخرون تقنيات كشف مختلفة، وبينما يمكن للعديد منهم اكتشاف التزييفات العميقة التي أعدت بطريقة مماثلة لتلك الموجودة في بيانات التدريب الموجودة لديهم، فإن التحدي الحقيقي هو تطوير نظام كشف خفي يمكنه اكتشاف التزييفات العميقة المُعدة باستخدام تقنيات مختلفة تماماً.
وسيعتمد مدى اختراق التزييف العميق حياتنا في السنوات القليلة المقبلة على نتيجة السباق بين خوارزميات الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت الحالي، تعمل أجهزة الكشف على اللحاق بالتقنيات المستخدمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى