فن السرد القصصي الجيد
بالنظر إلى وجود جمهور محتمل بالملايين في متناول أيدينا، فمن المهم ألا تتجاهل الحقائق
أليكس كروتوسكي Aleks Krotoski
هناك قصة أحاول أن أكتبها منذ عام 1994. ومع ذلك، أجد نفسي غير قادرة على سردها. أعتقد أن سبب ذلك كونها ليست قصتي أنا، ولذلك أشعر بثقل كبير من المسؤولية لأرويها بالشكل الصحيح. الوصف الموجز هو: تجتمع جدتي وصديقاتها الثمانينيات من العمر كل ستة أسابيع في منزل إحداهن في مقاطعة أورانج، كاليفورنيا، للاحتفال بأحد أعياد ميلادهن. وهناك يتناولن المشروبات ويتبادلن البطاقات المدون عليها بعض النكات التي تسخر منهن ويتفاخرن بأحفادهن. ولكن خلال الستين عاما التي هي عمر صداقتهن، لم يتحدثن قطَّ عن ذلك الشيء المنفرد الذي يوحدهن: عندما كن مراهقات، عملن جميعاً جاسوسات للحلفاء في بلدهن الأصلي، بولندا، خلال الحرب العالمية الثانية.
مقنعة، أليس كذلك؟ أراهن أن بعضكم سيودُّ قراءتها، وكذلك أنا. والمشكلة هي أنني أنا الشخص الذي سيعيد صياغتها، وأعيد ترتيبها، والذي سيملأ الفراغات، لخلق قصة مقنعة. قصتهن مخصصة لجمهور عام، ومن ثمَّ لا يجب أن تتسم بالدقة؛ لكن مهمتي هي أن أسرد قصة رائعة. نحن جميعاً نزداد مهارة في هذا. أكثر من أي نقطة أخرى في التاريخ، نحن ننشر قصصاً عن أشخاص آخرين. عموماً، لكنها ليست رسمية مثل تلك التي أحاول أن أخطها بأناملي- فمعظمها عبارة عن ملاحظات حول الحياة في 280 حرفاً، أو مقالات مصورة عن أطفالنا والتي بدأت قبل أن تتشكل أجسادهم بالكامل. نحن نخلق شخصيات جانبية في خلاصات حسابنا على تويتر Twitter، ونجوماً مستضافين على ملفاتنا الشخصية في الفيسبوك Facebook. فقد سلبنا قدرة الناس على رواية قصصهم الخاصة، وعلى تمثيل حياتهم.
وقد كان الأمر كذلك دوماً. فمن الناحية المعرفية، يستحيل أن تظل عاقلاً وأنت تتعاطف مع كل ما يدور حولنا. كحكواتي، فإن الشيء الوحيد الذي سيمنعنا من ملء الفراغات عن حياة الناس هو اختراع آلة لقراءة الأفكار. وبالنظر إلى مقدار الهراء الذي يفكر فيه معظم الناس حولنا، فقد نأسف إذا حدث ذلك. لكن الفرق هنا: بينما كانت قصصنا عن الآخرين في الماضي ستصل إلى دائرة صغيرة من الناس، لكن الآن في وجود مطابع في جيوبنا، يمكننا الوصول إلى جمهور لا يمكن تصور ضخامته. وقد يمثل هذا أخباراً سيئة للأشخاص الذين رسمنا لهم صورا كاريكاتورية. ربما كان جارك يرتدي بيجامة «الرجل الأخضر» «Incredible Hulk» عندما مررت قرب بيتهم في الثامنة مساء لأن بيجامته الأنيقة كانت في الغسيل. ومع ذلك، فهو الآن جارٌ أَبلَه، أو عبقري غريب الأطوار. ربما تكون التفاصيل الملفقة للقصة التي قمت ببثها مباشرة على تويتر عن الشخصين الجالسين أمامك في الطائرة، وأنهما «وقعا في حب»، قد انتهت إلى إيقاع أحدهما في مشكلة خطيرة مع شريكه الفعلي على الأرض. من يدري؟ نحن لا نعلم.
نحن مسؤولون عن استخدام قدرتنا على سرد القصص بحكمة وحساسية. ومن المؤكد أن هذا قد يثبط غزل خيوط الحبكة الجيدة، لكنني أُفضِّل أن أحرص على التفاصيل بدلاً من أن أتسبب في النهاية في حدوث شقاق لا رجعة فيه. ليس علينا فقط أن نكون حذرين بشأن ما نقوله عن أنفسنا بعد الآن، ولكن بشأن ما نقوله عن بعضنا البعض أيضاً.