أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اكتشافاتفضاء

كيف يمكننا حل مشكلة النفايات الفضائية؟

خلَّف نبأ تحطُّم صاروخ خارج عن السيطرة على القمر صدى قوياً في الفترة الأخيرة، لكن ملايين القطع الصغيرة من الحطام هي التي تمثل الخطر الحقيقي، وفقاً لخبير بريطاني.

في يناير، تصدرت شركة سبيْس إكس SpaceX التي يملكها إيلون ماسك Elon Musk عناوين الأخبار مرة أخرى: فقد تبين أن جزءاً كبيراً من صاروخ معزز تابع لشركة الرحلات الفضائية في طريقه للاصطدام بالقمر.
رصد عالم الفلك الأمريكي بيل غراي Bill Gray الخردة الفضائية الضالة للصاروخ الذي بقي يسبح حول الأرض طوال السنوات السبع الماضية. وقد حدده على أنه الجزء العلوي من صاروخ فالكون 9 (Falcon 9) الذي أُطلق من فلوريدا في العام 2015، وبعد أن استُنفد وقوده ظل محاصراً في “مدار فوضوي” Chaotic orbit. اغتاظ للأمر عديد من النقاد على الإنترنت ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.

النفايات
قد يكون الصاروخ الذي سيصطدم بالقمر تابعاً لوكالة الفضاء الصينية

ثم بعد فترة وجيزة من إعلان غراي، تعرفت مجموعة من الطلبة من مختبر سبيس للتوعية بمجال الفضاء Space Domain Awareness lab في جامعة أريزونا University of Arizona على القطعة البالية من الخردة الفضائية على أنها تنتمي إلى صاروخ تشانغ إي 5 تي 1 (Chang’e 5-T1) الذي أطلقته وكالة الفضاء الصينية Chinese Space Agency في العام 2014.

ولكن متحدثاً باسم وزارة الخارجية الصينية قال للمراسلين على الإثر إن هذا غير ممكن، لأن صاروخ Chang’e 5-T1 المعني دخل بأمانٍ الغلاف الجوي للأرض واحترق.
في وقت كتابة هذا التقرير، أظهرت الحسابات أن الصاروخ سوف يصطدم بسطح القمر في 4 مارس. لكن هل يجب أن نقلق من الضرر المحتمل الذي قد يسببه؟ ليس كذلك وفقاً للبروفيسور دون بولاكو Don Pollacco، مدير مركز الوعي بالمجال الفضائي حديث الإنشاء في جامعة واريك University of Warwick.قال: “إنها ليست بالأمر المهم… كان القمر في الواقع مكبَّ نفايات مفيداً لأجسام مثل أجزاء من مركبات أبولو الفضائية. فبدلاً من تركها تطفو حوله، تحطمت أجزاء كبرى من المرحلتين الأولى والثانية على القمر”.

النفايات

البروفيسور دون بولاكو من مركز التوعية بالمجال الفضائي

ليس أن الأمر لا يمثل مشكلة كبيرة فحسب، بل إنه ليس مفاجئاً بالنسبة إلى أولئك الذين يدرسون الأجسام في مدار الأرض.قال بولاكو: “هناك مدارات معينة أُلقيت فيها بكل بساطة صواريخ معززة. ما زال هناك نحو 50 جسماً، وربما أكثر، من مغامرات الفضاء العميق التي لا نتعقبها حالياً. الفضاء كبير، ولكن في بعض الأحيان، يحدث شيء من هذا القبيل”.

“بمجرد أن نوجِّه انتباهنا إلى الأحجام التي تقل عن حجم المركبة الفضائية، سنجد أننا لا نراقب الأجسام على نحو وافٍ لنعرف باستمرارٍ ما لدينا هناك”

انتشال القمامة
باشر مركز التوعية بالمجال الفضائي في سبتمبر 2021 عمله من أجل دراسة التهديدات المحتملة للحطام الفضائي على أجهزة التكنولوجيا، مثل الأقمار الاصطناعية السابحة في المدار حول الأرض. يركز العلماء بنحو خاص على تلك الموجودة في مدارٍ أرضيٍ منخفض، وهو ما يُصنف على أن ارتفاعه يقل عن 2,000 كم. يقول بولاكو إن التهديد الأكبر لا يأتي من أجسام مثل الصواريخ التي يمكن أن ترتطم بالقمر، ولكن من شظايا من الحطام أصغر بكثير منها.
وفقاً لأحدث التقديرات الإحصائية التي أجرتها وكالة الفضاء الأوروبية European Space Agency (الوكالة: إيسا ESA)، يوجد حالياً نحو 8,000 قمر اصطناعي، تعمل أو معطلة، في المدار حول الأرض. فإذا ما قارنا ذلك بنحو 130 مليون قطعة من الحطام الفضائي التي تشغل المساحة نفسها فسيتضح لنا حجم المشكلة.
إضافةً إلى ذلك، يُعتقَد أن جميع هذه الأجزاء باستثناء نحو 36,000 منها يقل قطرها عن 10 سم. هذا يجعل تعقبها صعباً بنحو خاص؛ فالأخطاء في احتساب مواقعها هي حالياً في حدود كيلومترات.
قال بولاكو: “يجري تعقب معظم الأجسام الموجودة في مدار أرضي منخفض باستخدام الرادار. وهذا نابع من التاريخ، حقاً. إنه ينبع من واقع أن لدينا رادارات عسكرية كبيرة بالفعل– هي فلاينغديْلز Fylingdales- مصممة لرؤية الصواريخ. يمكن استخدامها، وإن لم تكن الطريقة الأكثر فاعلية، لرصد أجسام على ارتفاع بضع مئات من الكيلومترات”.
وأوضح: “بمجرد أن نوجه انتباهنا إلى الأحجام التي تقل عن حجم المركبة الفضائية، سنجد أننا لا نراقب الأجسام على نحو وافٍ لنعرف باستمرارٍ ما لدينا هناك. أعداد الأجسام الصغيرة، حتى تلك التي حجمها 10 سنتيمترات، غير معروفة، إلا من خلال النمذجات. لم يجرِ التحقُّق من وجودها بالرصد، لذا فهو وضع خطير جداً… هناك بالفعل بعض المدارات حيث توجد فرصة كبيرة للتصادم. باختصار، الأمور لن تتحسن”.
نظراً إلى أن هذه القطع الصغيرة من الحطام تتحرك بسرعة تتجاوز 28,000 كم/ساعة– وهذا أسرع بعشر مرات من رصاصة بندقية- فإن اصطدامها بمركبة فضائية يمكن أن يسبب أضراراً جسيمة.
إضافة إلى ذلك، ما لم يُتخَذ إجراء لتصحيح الوضع، فسيزداد مع الوقت احتمال وقوع حدث كيسلر Kessler event. وهو سيناريو كارثي سُمي على اسم عالم ناسا دونالد كيسلر Donald Kessler الذي اقترح النظرية أول مرة في سبعينات القرن العشرين. إنه ينطوي على تأثير جامح منفلت يحدث بعد أن يرتطم قمر اصطناعي بكتلة من النفايات الفضائية ويتحطم إلى مئات القطع الصغيرة التي تصطدم بدورها بأقمار اصطناعية أخرى، فيتولد عن ذلك تأثير الدومينو المتسلسل. وهذا يمكن أن يجعل انطلاق الصواريخ من الأرض أمراً شديد الخطورة، أو حتى مستحيلاً.
“نحن في وضع لم يفت الأوان فيه بعد. لكن ما يقلقني على الدوام هو أننا لن نأخذ الأمر على محمل الجد إلا عندما، على سبيل المثال، تتعرض مركبة فضائية تنقل أشخاصاً لارتطام. ولكن حالياً يمكننا التعامل مع الأمر قبل حدوث أي شيء سيئ حقاً… لكن علينا توخي الحذر لأننا إذا لم نفعل شيئاً، فسيمكننا أن نتيقن من أننا سنشهد حدث كيسلر بشكل من الأشكال”.

نفايات الفضاء بالأرقام

9,800 طن

الكتلة الإجمالية لجميع الأجسام الفضائية الموجودة
في مدار الأرض

30,040 طن

عدد قطع الحطام التي تتعقبها شبكات مراقبة الفضاء بانتظام

36,500 طن

عدد الأجسام التي هي أكبر من 10 سم

مليون طن

عدد الأجسام من 1 سم إلى 10 سم

130 مليون طن

عدد الأجسام من 1 مم إلى 1 سم

إذن ما الخيارات المتوافرة لدينا؟ قال بولاكو: “أعتقد أنه مزيج من المسؤولية والالتزام بمعاهدة الفضاء الخارجي Outer Space Treaty، وهذا يعني إخراج الأجسام من المدار، ودفع نوع من الرسوم عند الإطلاق حتى تتولى حكومة أو شركة إزالة المركبة الفضائية القديمة المتبقية هناك”.
“وبعد ذلك بالنسبة إلى بقية الأجسام التي لا تهبط من المدار، نحتاج إلى معرفة مكانها. لذا فبدلاً من أن تكون لدينا مربعات خطأ حجمها كيلومترات لكل مجموعة من الحطام، نحتاج إلى حسابات موثوق بها أكثر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى