أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تدقيق الحقائقتعليق

كِمامات الوجه: هل هي أقل جدوى مما كانت عليه؟

مع انتشار الأمراض المختلفة، تُسمع من جديد دعوات لوضع كمامات الوجه. هل ما زالت هذه الكمامات مفيدةً لتقليل خطر الإصابة بكوفيد؟

مع مخاوف جديدة من ارتفاع الإصابات بالإنفلونزا والتهاب المكورات العقدية Strep A والمتحور  XBB.1.5من كوفيد، يتحيَّر مسؤولو الصحة في جميع أنحاء المملكة المتحدة في الرد على سؤال رئيس واحد: هل تجدُر بنا جميعاً العودةُ إلى وضع كمامات الوجه؟

بينما نصحت وكالة الأمن الصحي Health Security Agency في المملكة المتحدة البالغين الذين تظهر عليهم أعراض الإنفلونزا أو كوفيد بوضع كمامة الوجه، نصحت بعض الشخصيات العامة، مثل رئيسة وزراء إسكتلندا حينها نيكولا ستيرجون Nicola Sturgeon، جميع البالغين الأصحاء بوضع كمامة الوجه في أماكن معينة.

ولكن مع بدء استقرار كوفيد في المملكة المتحدة، يتساءل بعض العلماء عن مدى فعالية كمامات الوجه في السيطرة على أعداد الحالات الحالية.

يقول البروفيسور بول هنتر Paul Hunter من كلية الطب في نورويك بجامعة إيست أنغليا Norwich Medical School of the University of East Anglia: «كانت كمامات الوجه مفيدة حقاً في بداية ظهور الجائحة… ولكن هناك أدلة على أن كمامات الوجه كانت جزءاً أساسياً من تدابير المكافحة لدينا حتى النقطة التي أعطينا فيها اللقاحات لأكبر عدد ممكن من الأشخاص وفق ما خططنا له. ما رأيناه هذا العام هو أن الحماية التي حصلوا عليها قد تبخرت».

يعتمد هذا الاستنتاج على البيانات التي جمعها مكتب الإحصاء الوطني Office of National Statistics (اختصاراً: المكتب ONS) بين نوفمبر 2021 ومايو 2022 ورصدت مدى احتمال ظهور الإصابة بكوفيد في الاختبارات لدى الأشخاص الذين وضعوا أو لم يضعوا كمامة الوجه. تشير الأرقام إلى أنه بحلول نهاية العام 2021، كان الأطفال والبالغون الذين قالوا إنهم واظبوا على وضع الكمامة «على نحو دائم» في مكان العمل أو المدرسة أقل عرضة للحصول على نتيجة اختبار إيجابية لكوفيد-19 من أولئك الذين ’لم يضعوها مطلقاً’ أو وضعوها ’أحياناً’.

من يناير إلى مايو 2022، كان احتمال الحصول على نتيجة اختبار إيجابية في المجموعتين متشابهة جداً. 

لكن بعض العلماء قالوا إنه لا توجد بيانات كافية للخروج بنتيجة قوية، مشيرين إلى أن مكتب الإحصاء الوطني جمع البيانات آخر مرة في مايو 2022. يقول هيو بنينغتون Hugh Pennington، الأستاذ الفخري لعلم الجراثيم من كلية الطب والعلوم الطبية والتغذية في جامعة أبردين University of Aberdeen’s School of Medicine: «يمكن استخلاص استنتاج عام من هذه البيانات. لكني أعتقد أنه ليس من الحكمة الخروج باستنتاج موثوق به بسبب تعقيد الموقف. لقد تغير الفيروس كثيراً خلال [ص 41] تلك الفترة». 

وفقاً لهنتر، في حين أن ارتداء كمامات الوجه وإغلاق المدارس كان لهما تأثير كبير عند بدء الوباء، فقد انخفض تأثيرهما مع اقترابنا من ’توازن الاستيطان‘ Endemic equilibrium (حين تبقى أعداد الحالات عند مستوى منخفض نسبياً وثابتاً، وقد أصيب معظم الناس بكوفيد مرة واحدة على الأقل وتلقوا لقاحاً واحداً على الأقل). يقول هنتر: «مع إصابة مزيد من الناس بالعدوى وتعافيهم منها، يتغير الخطر. عديد من الأشخاص الذين قد تصيبهم العدوى هم في الواقع محصنون، لذا فهم لا يصابون بالعدوى في الواقع».

حدث تغيير كبير آخر منذ بداية الجائحة، وهو فيروس SARS-CoV-2 نفسه. يقول هنتر إن المتحور «أوميكرون مُعدٍ جداً وسينتشر بغض النظر عما نفعله».

أظهرت بعض الأبحاث أيضاً أن كمامات الوجه قد تؤخر العدوى لا غير، وهو استنتاج خلصت إليه دراسة أمريكية قارنت بين المدارس مع أو من دون إلزامية كمامات الوجه في 1,832 مقاطعة. في البدء كانت المدارس التي فرضت إلزامية كمامات الوجه تحتاج إلى خدمات صحية أقل بسبب كوفيد، لكن الاختلاف في الأعداد بين المجموعتين اختفى في غضون عدة أسابيع.

يقول هنتر: «أعتقد – وهذه نظرية – أن الأطفال الذين لم يضعوا كمامات قط في المدارس هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى في وقت أبكر. لذا من المرجح حالياً أن يكونوا أكثر مناعة من الأطفال الذين وضعوا كمامات الوجه باستمرار. عند هذه النقطة تعمل المناعة الإضافية على موازنة التعرض المنخفض للعدوى». 

ويقول: «وإذا كنت ملتزماً تماماً بوضع الكمامة، فالاحتمال أقل أنك أُصبت بكوفيد. الاحتمال أقل أن يكون لديك ما يُسمى بالمناعة الهجينة Hybrid immunity – مناعة من عدوى سابقة ولقاح – هذه أفضل مناعة يمكنك الحصول عليها».

في حين أنه يرى العدوى أمراً حتمياً إلى حد كبير، يوصي هنتر بعضَ المجموعات بأن تواصل وضع الكمامة في الأماكن العامة. يقول: «إذا كنتُ أكبر سناً أو أعاني حالة صحية تعرضني للخطر، فسأستمر في وضع الكمامة».

”ما من حاجة حقاً إلى وضع كمامة الوجه في شارع رئيس مفتوح، ولكن في الأماكن المغلقة عالية الخطورة، هذا أمر منطقي ببساطة“

يجادل علماء آخرون بأنه يجب على جميع البالغين وضع كمامات في أماكن معينة لحماية أنفسهم والآخرين. يقول البروفيسور كريستوفر داي Christopher Dye، عالم الأوبئة وخبير الصحة العامة من جامعة أكسفورد University of Oxford: «أعتقد أن النصائح المتصلة بالصحة العامة يجب أن تكون لمصلحة كمامات الوجه. أنت حقاً لا تريد أن تصاب بالعدوى، لذا يمكنك حماية نفسك من العدوى في المستقبل. حتى في الوقت الحالي ليست الإصابة بكوفيد بالأمر الحسن. ما من حاجة حقاً إلى وضع كمامة الوجه في شارع رئيس مفتوح، ولكن في الأماكن المغلقة عالية الخطورة، هذا أمر منطقي ببساطة».


توماس لينغ Thomas Ling
توماس هو المحرر الرقمي في مجلة BBC Science Focus.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى