أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
س&ج

لماذا تبدو البذور بأحجامٍ مختلفةٍ؟

فكر في البذور كأنها كبسولات الهروب التي قد نبنيها لأبنائنا في المستقبل. إذا هددت كارثة عالمية البشرية، فقد نحاول إرسال آلاف السفن الفضائية الصغيرة إلى القمر أو المريخ. ولكن إذا كانت المجموعة الشمسية كلها محكوماً عليها بالانهيار وتعين علينا أن نصل إلى نجم آخر، فإن أفضل استراتيجية هي أن نعلق كل آمالنا على عدد قليل من رواد الفضاء الشجعان الذين ينطلقون على متن سفن فضائية أكبر بكثير.

النباتات تفعل شيئاً مشابهاً تماماً. فقد طوَّرت بذوراً وأحاطتها بغلاف واقٍ كافٍ لحمايتها، وملأتها بإمدادات غذائية كافية لإبقاء الجنين على قيد الحياة خلال الوقت الذي يستغرقه ليصل إلى بيئة مناسبة. جوزة الهند هي أكبر البذور (يمكن أن تزن جوزة الهند المزدوجة 42 كغم) ويمكن أن تنبت بعد بقائها أربعة أشهر مغمورة بمياه البحر. أما الهندباء فتُنتج بذوراً أصغر بكثير ربما لأنها لا تحتاج إلى الذهاب بعيداً للعثور على رقعة من التربة المناسبة. تنتج الأوركيدات (السحلبيات) Orchids أصغر البذور على الإطلاق (أقل من جزء من المليون من الغرام لكل منها) لأن فرص العثور على مكان مناسب على غصن شجرة متدنية جداً، لذا فهي في حاجة إلى إنتاج ملايين البذور في المرة الواحدة.

بمجرد أن تنبت، تحتاج البذرة أيضاً إلى إنبات أوراق كافية لتتمكن من البقاء على قيد الحياة بصورةٍ مستقلةٍ. النباتات التي تعيش في ظروف مظللة، مثل أشجار البلوط، تنتج بذوراً كبيرةً نسبياً لأن الشتلات يجب أن تنمو وتصير أطول لتصل إلى الضوء. ولكن على التطور أن يوازن أيضاً بين عديد من المقايضات الأخرى. على سبيل المثال البذورُ الكبيرة هي أكثر جاذبية للحيوانات التي تتغذى عليها. تميل فئران الكنغر في الصحاري إلى أكل أكبر البذور، لذا فإن الانتخاب (الانتقاء) الطبيعي Natural selection في تلك البيئات يعطي الأفضلية للبذور الأصغر حجماً التي لا تستحق العناء.

لويس فيلازون LUIS VILLAZON

كاتب في العلوم والتكنولوجيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى