أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ابتكارات

ما شعورك عند الطيران إلى حافة الفضاء؟

إلى حافة الفضاء؟ مقابلة يكشف ديف ماكاي، كبير الطيارين في شركة فيرجن غالاتيك، عما شعر به لدى ركوبه مركبة صاروخية إلى النجوم...

ما لم يكن لديك مبلغ من ستة أرقام من المال الفائض في حساب توفيرك، فالأرجح أنك لن تنضم إلى الجيل المقبل من سائحي الفضاء في أي وقت قريب. خلال صيف 2021، غادر مؤسس أمازون جيف بيزوس الكوكب فترةً وجيزة على متن مركبته الفضائية بلو أوريجن Blue Origin، وقبله حقق ريتشارد برانسون رئيس شركة فيرجن ما وعد به قبل عقود بالطيران على متن المركبة في أس أس يونيتي VSS Unity خارج الغلاف الجوي للأرض.

أياً كانت وجهة نظرك حول تسابق أصحاب البلايين للذهاب إلى الفضاء، فلدينا جميعنا سؤال نود معرفة إجابته: ما الذي يشعر به المسافر حقاً؟ الشخص القادر على نحو فريد على وصف تلك التجربة هو ديف ماكاي Dave Mackay، كبير الطيارين في شركة فيرجن غالاكتيك Virgin Galactic. فقد جلس طيار الاختبار السابق في سلاح الجو الملكي البريطاني في مقعد الطيار خلال رحلة برانسون في يوليو 2021 وكانت حينها ثالث مرة يطير فيها هو نفسه إلى مدار منخفض حول الأرض. عبر هذه السطور، يأخذنا أول اسكتلندي مولود في البلاد غادر غلافنا الجوي في رحلة إلى مدار أرضي منخفض.

أخبرنا كيف يكون الأمر عندما تتحرر من السفينة الأم في الأعالي وينطلق بك الصاروخ.

عندها تنبض المركبة بالحياة، من دون أن تتلقى دفعاً من الخلف. إنها تستفيق وتنطلق بتسارع عالٍ جداً، نحو ثلاثة أضعاف جاذبية الأرض 3g من التسارع الطولي، وهو أمر يصعب على الناس فهمه. إنه سلس. لا يصدر كثيراً من الضجيج، لأنك بالطبع تترك كثيراً من الضجيج خلفك. في نحو ثماني ثوانٍ تصير أسرع من الصوت حتى تصل إلى فوق 3 ماخ. في نهاية الاندفاع نرتفع رأسياً، ومن ثم يصير رأس المركبة إلى الأعلى بصورةٍ مستقيمةٍ، وما زلنا على هذا التسارع المذهل، ولكن أكرر مرة أخرى أن الأمر يحدث بسلاسة كبيرة. ثم تشعر بانعدام الوزن.

ما أفضل رؤية؟

في المقصورة توجد نوافذ على الجانبين، وهناك أيضاً نافذة أخرى فوقك. نعتقد أن أفضل منظر يكون في الوضع المقلوب. تتيح لك النوافذ النظر إلى الأعلى أو الأسفل، وهكذا يمكنك رؤية الأرض من حيث أتيت، يمكنك رؤية الكوكب وهو يجري بسرعة مبتعداً عنك. يمكنك أيضاً النظر إلى جنب ورؤية سواد الفضاء الكثيف. ثم هناك هذا الشريط الجميل والرفيع من الغلاف الجوي المحيط بالكوكب.

سائحي الفضاء - ديف ماكاي
ديف ماكاي، رئيس الطيارين في شركة فيرجن غالاكتيك Virgin Galactic

يقول رواد الفضاء في كثير من الأحيان إن ذهابهم إلى الفضاء يغيرهم بطريقة ما. هناك نوع من اليقظة الروحية أو البيئية. هل كانت هذه حالتك؟

إنه أمر مثير للاهتمام. يسأل كثير من الناس هذا السؤال، وكان رد فعلي الأولي بعد ذلك: ”لا، أنا ديف ماكاي نفسه الذي كنتُه دائما“. لكن في الواقع أعتقد أنه يفعل ذلك. فهذا له تأثير يتراكم على مدار أيام وأسابيع وشهور بعد ذلك عندما تفكر فيما فعلت وما رأيت. رد الفعل الأولي عندما تكون هناك في الأعلى هو: يا لهذه الروعة.

هل يمكنك وصف المشهد؟

قد يبدو ما أقوله غريباً، لكن الفضاء أكثر تفحُّماً من اللون الأسود: هناك لون أسود كثيف معتم، وعلى النقيض من ذلك فإن الأرض مضاءة بصورةٍ واضحةٍ، ومشرقة جداً. هناك هذا النطاق المذهل من السطوع الذي لا أعتقد أنه يمكن للكاميرا التقاطه. وبين الاثنين يوجد هذا الغلاف الجوي الجميل، وهو رقيق جداً. ترى فيه كثيراً من الطبقات والألوان المختلفة، لكنه أيضاً رقيق، رقيق إلى حد يُشعرك بالقلق. أذكر أنني نظرت إلى ذلك وفكرت، ”ياه، هل هذا ما يجعلنا جميعاً على قيد الحياة هنا على كوكب الأرض؟“.

بصفتك طيار اختبار، أفترض أنك صاحب ذهن تحليلي وتقني تماماً. عندما تكون هناك، هل يتسنى لك تقدير جمال الأمر أو تعبر عن عاطفة ما؟ أو أن وظيفتك تتطلب منك ألا تفعل ذلك؟

نعم، كثير من العمل المطلوب هو عمل شديد التركيز، نحاول جمع كثير من المعلومات في فترة زمنية قصيرة، ونحاول أن نكون فعالين قدرَ الإمكان لأن كل رحلة تجريبية مُكلفة وتستغرق أسابيع وشهوراً وأحياناً سنوات من التخطيط والإعداد. نعمل على جهاز المحاكاة كل يوم، وأحياناً مرتين في اليوم، ونعمل بجد لمحاولة تأدية المهمة على أفضل وجه. ولكن بمجرد أن تغادر الغلاف الجوي وتوصل المركبة إلى الارتفاع المطلوب، هناك هذه الفترة الزمنية التي تجلس فيها من دون أن تشعر بأي قوة تضغط على جسمك، فالمركبة تؤدي عملها نوعاً ما. لا توجد حركة ولا قوى ولا صوت، لأنه ليست لدينا مراوح أو أي شيء يعمل في ذلك الوقت. وإذا كان كل شيء طبيعياً، وهو كذلك في 99.9 مرة من 100، يكون لديك بضع ثوان للنظر من النافذة.

داخل مقصورة فيرجن غالاكتيك

ما الذي تشعر به لدى العودة والدخول في الغلاف الجوي؟

في البداية يسود هدوء مطلق وبعدها تبدأ في سماع هذه الضوضاء في الخارج. لقد سمعتُ أشخاصاً يقولون إنه يمكنك سماع جزيئات الهواء الفردية تصطدم بالجانب السفلي من المركبة. لست متأكداً من أن هذا صحيح، ولكن مع تسارعنا ونحن ننحدر إلى الأسفل ويزداد الغلاف الجوي سماكة، يتراكم الضجيج تصاعدياً ليصير تقريباً مثل شلال يصطدم بالجانب السفلي من المركبة. إنه أمر مدهش حقاً. يعجبني ذلك لأنه يؤكد نوعاً ما أنك ذهبت إلى مكان فريد وأنك حالياً تعود إلى الأرض. هناك أيضاً بعض التأرجح والدحرجة وبعض الاهتزازات العالية، لكن الرحلة مريحة حقاً. ثم على ارتفاع نحو 80,000 قدم [24,384 متراً تقريباً] تخف سرعتنا لتصير أقل من سرعة الصوت من جديد وبعد ذلك على ارتفاع نحو 50,000 قدم [15,240 متراً تقريباً] نخفض الريشة [هيكل على الجناح] ثم ننزلق من دون محرك.

هذه الرحلة رائعة للمسافرين على متنها، ولكن ما الذي تقدمه بالنسبة إلى بقيتنا؟ ما الفائدة الأوسع منها؟

حسناً، التجربة الفردية رائعة بالتأكيد، وأعتقد أنها ستكون ذات تأثير عميق في أذهان الناس. ستعود إلى الأرض ولديك تقدير أفضل كم هو معزول هذا الكوكب في الصورة الكبيرة للأشياء، لأنك تنظر إلى سواد الفضاء هذا وترى أنه لا يوجد شيء آخر هناك.

هناك أيضاً كثير من العلوم القيمة التي يمكن إجراؤها في الفضاء. لقد أجرينا أخيراً تجارب في الفضاء بفوارق مدتها ستة أسابيع، ولم يكن ذلك ممكناً في الماضي. الشيء الآخر هو الزمن الذي نعيشه حالياً، هذا يشبه لحظة أبولو في شبابي. شاهدت هبوط أبولو على القمر، وكان ذلك مصدر إلهام لي ولمئات الآلاف، إن لم يكن ملايين الأشخاص حول العالم. آمل أن يلهم هذا جيلاً جديداً بكامله من الشباب للانخراط في الهندسة أو العلوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى