أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اكتشافات

مختبَر أمريكي يطور روبوتات حية قادرة على التكاثر ذاتياً

يخبرنا سام كريغمان عن زينوبوتات Xenobots على شكل باك-مان Pac-Man مصنوعة من خلايا الضفادع، ويمكن أن تؤدي يوماً ما إلى إنجازات خارقة في مجال الطب

كيف بدأ هذا المشروع؟

بدأ هذا المشروع بالتعاون بين علماء بيولوجيا النمو Developmental biologists وعلماء الروبوتات. كان هدفنا هو معرفة كيف تنمو الحيوانات وتتجدد من خلال بناء روبوتات ذات قدرات مماثلة. صنعنا الروبوتات الأولى من المطاط السيليكوني بحيث يمكنها أن تتغير في الشكل والحجم لتقليد النمو. من هناك تابعنا ببساطة الأسئلة العلمية التي نعتقد أنها الأكثر إثارة للاهتمام، وقادنا فضولُنا إلى فكرة بناء روبوتات من خلايا بيولوجية. على وجه التحديد، خلايا من الضفدع الإفريقي الذي يسمى القيطم الإفريقي زينوبوس ليفيس Xenopus laevis. ومن هنا جاءت التسمية زينوبوتات.

صَممتَ في البدء أشكال زينوبوتات باستخدام المحاكاة الحاسوبية، أليس كذلك؟

هذا صحيح، لقد طوّرتُ محاكاة تحاول التنبؤ بالكيفية التي تتصرف وفقها الخلايا عند ترتيبها في هيكليات مختلفة. إذا نظرت داخل المحاكاة الحاسوبية، فسترى طبق اختبار بتري افتراضياً يحوي على زينوبوتات افتراضية، لكل منها تصميمه وسلوكه الفريد. نجري عملية تطورية تقوم على التجربة والخطأ داخل المحاكاة للعثور على تصميمات زينوبوتية جيدة. في أكثر الأحيان يأتي الحاسوب بحلول بسيطة وفعالة يعجز البشر عن رؤيتها. من الممكن تماماً أن تمنعنا القيود والتحيزات المعرفية البشرية من أن نصمم يدوياً زينوبوتات مفيدة حقاً. ولكن مع تولي برمجيات حاسوبية تصميمَ زينوبوتات لنا، فإن الإمكانات لا حدود لها.

لماذا استخدمتَ خلايا الضفدع؟

اخترنا خلايا الضفادع لأن هذا هو ما كان لدينا في المختبر. تضع هذه الضفادع آلاف البويضات في وقت واحد، ولا ينجو أي منها تقريباً في البرية. عندما كان عمر بيض الضفادع يوماً واحداً فقط، استعرنا القليل منها لصنع زينوبوتات. لا يوجد كثير داخل البيضة في هذه المرحلة، فهي مجرد كرة من الهلام، إذ إنّ الخلايا الجذعية لم تتخذ شكلها بعد. لا توجد فيها أي خلايا عصبية أو أعضاء حسية، لذلك نشعر بأن هذه طريقة أخلاقية مسؤولة للحصول على مواد البناء التي نحتاج إليها.

لقد وجهنا تطور هذه الخلايا إلى نوعين فقط من الأنسجة- عضلة القلب والجلد- لأن هذا يكفي لإنشاء زينوبوتات بسيطة. على سبيل المثال كان بإمكان أول زينوبوتات صنعناها أن تتحرك باستخدام خلايا القلب وهي تتقلص وتتوسع في الحجم مثل المكبس، وتدفع الزينوبوت فوق قاع الطبق. أحدث زينوبوتات لدينا مصنوعة بالكامل من أنسجة الجلد المغطاة ببقع عليها شعيرات قصيرة تُسمى أهداب Cilia. تنبض هذه الشعيرات إلى الأمام والخلف مثل مجاديف مرنة لدفع الزينوبوت إلى الأمام. من الخصائص الجميلة لخلايا الضفادع أنها ذاتية الطاقة Self-powered: فهي تأتي محملة مسبقاً بالطاقة، على غرار صفار بيض الدجاج، مما يجعلها تستمر في الحركة أسابيعَ من دون الحاجة إلى إعادة شحنها أو إطعامها.

كيف أنتجت بعد ذلك زينوبوتات باستخدام الخلايا؟

يمكن لأي شخص لديه يد ثابتة بناء زينوبوت باتباع الإرشادات المفصلة في الدراسات التي نشرناها. كل ما تحتاج إليه حقاً هو مجهر وملقط حاد وبيض ضفادع ومياه مالحة وطبق اختبار بتري. أولاً، نحصد خلايا معينة من بويضات ضفدع عمرها يوماً واحداً. إذا وضعنا ما يكفي من هذه الخلايا معاً فسوف يلتصق بعضها ببعض وتندمج في كرة. يمكننا بعد ذلك تشكيل الجسم على الشكل الذي صممه الحاسوب باستخدام ملقط حاد وجهاز كيٍّ دقيق يحرق الأنسجة قليلاً بحيث تأخذ الشكل المطلوب. يبلغ عرض الزينوبوت الناتج عن ذلك أقل من ميليمتر، وهو أصغر من حبة الرمل، ولكنه مرئي للعين المجردة على شكل لطخة.

ماذا عنَى لك الانتقال من محاكاة الحاسوب إلى رؤية الزينوبوتات الحية؟

يحلم كل طفل ببناء شيء من قطع الليغو أو بلاي دو Play-Doh يتحول بطريقة سحرية إلى مخلوق يتكلم ويتحرك. يستكشف عديد من الكتب والأفلام هذه الفكرة. رجل الثلج في فيلم فروزن Frozen، رجل كعكة الزنجبيل The Gingerbread Man، بينوكيو Pinocchio، من بين قصص كثيرة وردت في قصص الخيال والأساطير… لدينا هذا الانبهار الذي غذاه الأدب القديم حول بث الحياة في الأشياء الجامدة. في البداية يكون كل زينوبوت مثل بِتات حاسوبية رقمية Digital computer bits- مخلوق افتراضي داخل لعبة فيديو. إذا أظهر سلوكيات مثيرة للاهتمام في لعبة الفيديو، فنحن حرفياً نجعل أجزاء الحاسوب هذه تنبض بالحياة. أليس ذلك رائعاً؟

عندها إذن اكتشفتَ أن هذه الزينوبوتات يمكن أن يصنع كل منها نسخاً من الآخر؟

أعتقد أن هذا وصف ممتاز لما يحدث. قد نقول إنها تتكاثر، لكن التكاثر في الطبيعة يعني النمو من بذرة أو بيضة أو جزء من الأم أو الأب. وجدنا أنه إذا رششنا خلايا جذعية سائبة في طبق اختبار يحتوي على زينوبوتات، فإن الزينوبوتات ستدفع الخلايا الجذعية وتجمعها في أكوام. الأكوام التي تحتوي على ما لا يقل عن 50 خلية تطورت إلى زينوبوتات صغيرة. عندما وضعنا الصغار في طبق جديد تصرفت تماماً مثل آبائها، تحركت ودفعت الخلايا السائبة وجمعتها في أكوام تطورت إلى أحفاد. ثم يبني الأحفاد أحفاد الأحفاد، وهكذا. أفهم أن هذه العملية قد تبدو كأنها خدعة، لكنني أعتقد أنها اكتشاف علمي مهم- إنه شكل غير معروف سابقاً من التكرار الذاتي في علم الأحياء يثير كل أنواع الأسئلة الجديدة.

كيف جعلتها تصنع نسخاً منها بهذه الطريقة؟

حسناً، لا يمكنك توصيل كبل USB في زينوبوت بعد. ولكن يمكننا برمجتها بطريقة ما من خلال تصميم أشكال أجسام الآباء. كما قد تتوقع، بعض الأشكال أفضل في بناء الأكوام من أشكال أخرى. ونظراً إلى أن قدرة الزينوبوتات على نسخ نفسها مرتبطة بقدرتها على تجميع الخلايا في أكوام أكبر وأكبر، فإنه مع تحسن الجرف والتجميع تصنع نسخاً أفضل. إن أفضل زينوبوت ناسخ نعرفه هو بسيط على نحو مدهش- يبدو مثل باك مان من لعبة أركيد Arcade game في ثمانينات القرن العشرين- جسم دائري بفم واحد مقصوص من الجنب.

هل هناك أي تطبيقات مستقبلية تفكر فيها؟

ربما نستخدم، في المستقبل، زينوبوتاتٍ كوسيلة لتوصيل الأدوية بذكاء إلى حيث تكون هناك حاجةٌ إليها

بالنظر إلى ما نعرفه عن الزينوبوتات، بأنها ذاتية الطاقة وقابلة للتحلل بيولوجياً وصغيرة جداً ومائية؛ فمن الممكن أن تكون لها تطبيقات مستقبلية تحت الماء، ربما مثل تنظيف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة أو الجزيئات الأخرى من البحيرات. يمكن أن تكون لديها أيضاً تطبيقات طبية في المستقبل. أنت بالتأكيد لا تريد حقن خلايا ضفدع في جسمك. لكن يمكننا، من حيث المبدأ، صنع زينوبوتات من خلايا بشرية بدلاً من خلايا الضفدع. إذا فعلنا ذلك، فربما نستخدم، يوماً ما في المستقبل، زينوبوتاتٍ كوسيلة لتوصيل الأدوية بذكاء إلى حيث تكون هناك حاجة إليها. 

لكن إنشاء أجهزة طبية ميكروبوتية مفيدة ليس بالمهمة السهلة بالطبع. إذا بدت الروبوتات بأي شكل من الأشكال كأنها غزاة أجانب، فإنها ستطلق استجابة مناعية، وسيحاول الجسم القضاء عليها. فكر في عملية زرع عضو ستنقذ حياة مريض لكن جسمه يرفضه تماماً- هذه مشكلة كبيرة في الطب. يمكننا أن نتخيل حلاً يجري فيه إنشاء روبوتات متخصصة من خلايا المريض البشري. بتلك الطريقة سيتعرف الجسم على الروبوتات كجزء من فريقه، ويسمح لها بأن تؤدي عملها. لسنا بأي حال قريبين من هذا بعد، لكننا نصنع زينوبوتات منذ ثلاث سنوات فقط، ويمكنها بالفعل فعل بعض الأشياء الرائعة. من يدري أين سنكون بعد 10 أو 20 سنة.

سام كريغمان Sam Kriegman

عالم روبوتات. سام زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة هارفارد Harvard University وجامعة تافتس Tufts University.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى