أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اكتشافاتبيولوجيا

ميكروبات البيئات البركانية يمكن أن ترفِدنا معلوماتٍ إضافية عما يمكن أن تكون عليه الحياة على كواكب أخرى

اكتشف باحثون يدرسون البكتيريا في كهوف الحمم البركانية في هاواي مجموعات معقدة تعمل معاً في بيئة معادية

تزدهر الحياة الميكروبية في أعماق كهوف الحمم البركانية في هاواي. في الواقع وجدت دراسة حديثة أن العناصر الحية داخل الكهوف تتكون بالكامل تقريباً من أنواع غير معروفة. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الباحثين وجدوا أن الحياة الميكروبية كانت منظمة في شبكات معقدة Complex networks من الأنواع Species التي تعتمد بعضها على بعض. داخل هذه الشبكات كانت هناك ”أنواع محورية“ Hub species، ترتبط بروابط متعددة مع الأنواع الأخرى التي قد تسبب إزالتُها انهياراً إيكولوجياً.

كيف بحثتم عن الحياة في كهوف الحمم هذه؟

د. ريبيكا بريسكوت Rebecca Prescott: كان لدينا 70 عينة من الحصائر الميكروبية Microbial mats [طبقات من الميكروبات التي تعيش على الأسطح] التي فحصناها من مجموعة متنوعة من البيئات البركانية من مختلف الأعمار. تضمنت البيئات أنابيب حمم بركانية Lava tubes وكهوفاً حرارية أرضية Geothermal caves وفوهات بخارية Steam vents.

من أجل التعرف على الميكروبات، نظرنا إلى جين يُسمى الجين ’16S rRNA‘. إنه مثل علامة صغيرة تساعدنا على التعرف على الميكروبات. عملنا أيضاً على تحديد أي الميكروبات تتجمع معاً لمحاولة تكوين فهم أفضل لبنية هذه التجمعات.

نود إخبارَنا بمزيد عن هذه التقنية.

د. ستيوارت دوناتشي Stuart Donachie: قبل العام 1986 كان الميكروبيولوجيون يستطيعون فقط تحديد هوية الميكروبات التي يربونها في المختبر. كل ما نعرفه عن التنوع الميكروبي – بمعنى عدد الأنواع الموجودة – كان يعتمد فقط على ما يمكن أن نزرعه في أطباق اختبار بتري في المختبر. ذلك أعطانا نظرة ضيقة إلى حد ما، لكنها كانت أفضل ما يمكننا فعله في ذلك الوقت.

في العام 1986، طورت طريقة تتضمن سَلسَلة [الجين 16S rRNA]. تعتمد هذه الطريقة على استخراج أكبر قدر ممكن من الحمض النووي DNA من العينة البيئية، ثم توليد نسخ من هذا الجين المعين. وبمجرد تطبيق هذه الطريقة في البيئة، اكتشفنا بكتيريا لم نرَها من قبل.

ريبيكا بريسكوت: يوجد في البيئة كثير من الميكروبات التي لم تُستزرَع من قبل. غالبيتها لم تُستزرَع. لقد رأينا كثيراً من المجموعات الميكروبية [في العينات البركانية] وهي ما نسميه ”الأنواع المحورية“، وهذا يعني أن لديها كثيراً من الروابط مع الأنواع الأخرى من البكتيريا في هذه الشبكات. إذا أردنا إزالتها، فقد نرى كثيراً من هذه الروابط ينهار. لذلك قد يكون لها أدوار إيكولوجية مهمة.

ماذا تفعل هذه الميكروبات المحورية؟

ريبيكا بريسكوت: لا يسعني إلا التكهُّن هنا. أريد أن أشدد على أننا لا نعرف ما وظيفتها. لكن أحد الأمثلة على الأنواع المحورية هو بكتيريا محبة للحرارة تُسمى كلوروفليكسي Chloroflexi وجدناها في البيئات البركانية. بعض الكلوروفليكسي قادرة على البناء (التمثيل) الضوئي Photosynthesise في مستويات الإضاءة المنخفضة. قد تكون قادرة على امتصاص الكربون في النظام. قد لا تتمتع الكائنات الحية الأخرى من حولها بهذه القدرة على التمثيل الضوئي في ظل إضاءة خافتة جداً.

”كل ما نعرفه عن التنوع الميكروبي كان يعتمد فقط على ما يمكن أن نزرعه في أطباق اختبار بتري. ذلك أعطانا نظرة ضيقة نوعاً ما“

ستيوارت دوناتشي: في أي مكان توجد فيه هذه الكائنات الحية القادرة على التمثيل الضوئي [مثل الكلوروفليكسي]، فإنها تأخذ الكربون غير العضوي وتصنع منه جزيئات عضوية. لكنها نوعاً ما تشبه خلايا متسربة، إنها تفرز جزيئات بيولوجية أخرى في البيئة. وهي تموت أيضاً. تتفكك خلاياها وتطلق محتويات الخلايا في البيئة، وهذا يسمح للكائنات الحية الأخرى بالنمو، وهي تحتاج لذلك إلى جزيئات عضوية معدة مسبقاً.

ريبيكا بريسكوت: أنا أدرس آلية ”تواصل الأغلبية“ Quorum sensing وهو ما يعني أن تتحدث البكتيريا بعضها مع بعض من خلال المواد الكيميائية. عندما تفعل ذلك، يمكنها الاستجابة لشيء ما في البيئة كمجموعة.

جزء من سبب رغبتنا في فهم هياكل الشبكة هذه هو أننا نرى مستويات عالية حقاً من جينات ”تواصل الأغلبية“ في كثير من الكهوف، وليس لديَّ تفسير جيد لسبب ذلك. لذا فهذا احتمال آخر لسبب ظهور كائن حي معين كنوع محوري في شبكة، قد يكون أنه يفعل شيئاً ما ثم يتواصل مع الآخرين.

هل يمكن أن يخبرنا هذا بمزيد عن الميكروبات في البيئات المتطرفة الأخرى؟

ستيوارت دوناتشي: لا أعلم أننا تناولنا هذا بالضرورة في هذه الدراسة، لكن كملاحظة شخصية، [فإن بحثاً مثل هذا يوضح] أهمية المياه. ذهبت على الأرجح إلى 20 كهفاً في كالديرا كيلايوي Kīlauea بين العامين 2006 و2009. وبعضها جاف تماماً وفي درجة الحرارة العادية. كان من الصعب العثور على أي شيء بيولوجي، باستثناء جذور النباتات النابتة من السقف.

لكن في حالات أخرى كان الكهف حاراً ورطباً جداً. كانت الرطوبة النسبية، على ما أعتقد، نحو %102. إنه مثل الوجود داخل غرفة البخار (ساونا). كانت مياه الأمطار من السطح في الأعلى تقطر من خلال السقف، ثم تتدفق على جدران الكهف وتقطر على الأرض. كانت الأرضية ساخنة – وضعنا مسباراً لقياس درجة الحرارة في الأرض وكانت درجة الحرارة نحو 90˚س على بعد بضع بوصات من الأسفل.

كان الماء المتدفق من السقف يقطر على الأرض ويتحول إلى بخار. لذلك تحصل على هذا النوع من الدائرة: مياه الأمطار التي تتحول إلى مياه جوفية، ثم تتحول إلى بخار. وهذا هو المكان الذي رأينا فيه أغنى، وأسمك حصائر ميكروبية خضراء، وهذا يوضح نوعاً ما أهمية الماء. لهذا السبب نقول دائماً: حيثما يوجد ماء، توجد حياة. الحياة، على الأقل كما نعرفها، تحتاج إلى الماء. ومن ثم فإننا نبحث عن الماء السائل على الكواكب الأخرى أو أي جرم آخر، لأن هذا هو أول شيء نعرف أنه ضروري للحياة.

د. ريبيكا بريسكوت Dr. Rebecca Prescott

ريبيكا عالمة ميكروبيولوجي من جامعة هاواي في مانوا University of Hawaii at Mānoa، وتبحث في الإيكولوجيا الميكروبية وعلم الأحياء الفلكي


 

د. ستيوارت دوناتشي Dr. Stuart Donachie

ستيوارت عالِم أحياء مجهرية من جامعة هاواي في مانوا، يدرس الكيمياء الجيولوجية الحيوية في كهوف الحمم البركانية في هاواي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى