أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اكتشافاتالسعادة

هل أصبحنا أقل عنفاً ونستطيع تحقيق السلام العالمي؟

ما زال العالم يشهد نزاعات وجرائم عنيفة، لكن هل ما زالت سائدة كما كانت من قبل؟ البروفيسور ألكسندر بيلامي PROF. ALEXANDER BELLAMY يتفحص الأدلة.

في كتابه الذي يحمل عنوان الملائكة الأفضل في طبيعتنا البشرية The Better Angels Of Our Nature، يدعي عالم النفس التطوري ستيفن بينكر Steven Pinker أن البشر صاروا أقل عنفاً. وهو يعتقد أننا لم نكن أكثر نزوعاً إلى السلام من قبل، وأن هذا الاتجاه نحو السلام مستمر منذ أمد طويل. وهو يستدل على ذلك من انخفاض معدلات الوفيات العنيفة لكل 100,000 من السكان، والقضاء على أعراف مثل التضحية البشرية، والحد من العنف المستهدف مثل الضرب حتى الموت والمذابح والعنف الزوجي. نشأت هذه التغييرات من صعود الدول الحديثة وازدهار التجارة وزيادة المساواة بين الجنسين والكوزموبوليتية Cosmopolitanism والتعقل، مع وجود نكسات قصيرة المدى للحروب الفردية Individual wars.

ولكن تستحيل العودة إلى الماضي وحساب نسبة الأشخاص الذين ماتوا نتيجة العنف بأي قدر من الدقة. على سبيل المثال نفتقر إلى البيانات العالمية والتاريخية عن العنف الزوجي، وهو على الأرجح النوع الأكثر شيوعاً من العنف. كما أن هناك ميلاً منهجياً إلى التقليل من أشكال العنف الأخرى، مثل العنف الاستعماري والجنائي.

تُظهر مجموعة بيانات الوفيات المرتبطة بالحرب منذ العام 1400 أن العنف قد يكون دورياً وليس ذا اتجاه تنازلي

لعبة الأرقام

أياً كانت الطريقة الحسابية المستخدمة، فإن الحروب والإبادة الجماعية في القرن العشرين كانت الأكثر دموية في التاريخ. وباستخدام الأرقام المطلقة بدلاً من الأرقام النسبية، تُظهر مجموعة بيانات الوفيات المرتبطة بالحرب منذ العام 1400 أن العنف قد يكون دورياً وليس ذا اتجاه تنازلي. وهذا يدل على أن اختيار استخدام الأرقام المطلقة أو النسبية له أهمية كبيرة.

بينما تعطينا التقديرات النسبية إحساساً أفضل باحتمال الموت موتاً عنيفاً في كل فترة، فإنها تنحرف بتأثير الحجم الإجمالي للسكان. إن التقدم في التجارة والطب يعني أن مزيداً منا يعيش فترة أطول، ومن ثمّ فإن نسبة الموت العنيف تنخفض حتى مع زيادة العدد بالقيمة المطلقة. وعليه فإن التراجع النسبي للعنف قد لا تكون له علاقة بميلنا المتراجع إلى العنف وكل ما له علاقة بالطب والثروة والتكنولوجيا. فعلى سبيل المثال النموُ السكاني الذي لا يرتبط تماماً بمدى عنفنا، يعني أن قتل مزيد من الناس على الإطلاق يمكن أن يبقى مساوياً لقتل عدد أقل نسبيا. إذا قُتل مليون بريطاني في العام 1600، فسيكون هذا معدلاً نسبياً أعلى بكثير من قتل خمسة ملايين بريطاني حالياً، لأن عدد السكان أكبر بكثير. لذلك إذا استخدمنا أرقاماً نسبية فقط، سيبدو أننا صرنا مسالمين أكثر في حين أننا في الواقع قتلنا أربعة ملايين شخص إضافيين.

دورة العنف

يمكن تقديم حجة أقوى لدعم القول بأننا أصبحنا مسالمين أكثر، ولكن ليس على المدى الطويل. تُعَد البيانات الخاصة بالقرنين الماضيين أكثر قوة، وتحوي أدلةً على انخفاض عدد القتلى في ساحة المعركة منذ نحو العام 1950 وتراجع حرب القوى العظمى منذ العام 1600، ولكن هناك أسئلة حول ما إذا كانت هذه اتجاهاتٍ أو مجردَ لحظات دورية. ويبقى أيضاً أن البيانات تُعنى أكثر بالحروب الدولية وأن الحروب الأهلية، خاصة قبل العام 1950، لا تُحسب كما ينبغي. من المحتمل أن يساعد توافر بيانات أفضل هنا فرضية السلام من خلال إعطائنا صورة أدق عن حجم الحروب الأهلية.

وهناك علامات على ميلنا نحو السلام أكثر وضوحاً على المستوى الإقليمي. فقد شهدت أوروبا الغربية سلاماً غير مسبوق منذ العام 1945، وانخفض الصراع العنيف في جنوب شرق آسيا بصورة ملحوظة منذ أواخر ستينات القرن العشرين، والحال كذلك في أمريكا الجنوبية، على الرغم من تزايد الجريمة المنظمة العنيفة هناك. تظهر هذه الأمثلة الإقليمية أن جيوب السلام يمكن أن تستمر عقوداً. فإذا كان من الممكن تحقيق السلام في بعض الأوقات والأماكن، فلماذا لا يتحقق في كل الأوقات والأماكن؟

إضاءة سريعة

لماذا توجد الشماتة؟

إن الشعور بالشماتة Schadenfreude عندما يواجه شخص ما مصيبة هو نتيجةُ إدراك عقلك المستمر لمكانتك الاجتماعية. هناك عديد من الطرق لتحسين مكانتك الاجتماعية، ولكن نظراً إلى أن كل شيء نسبي، يمكن أن ترتفع مكانتك الاجتماعية إذا انخفضت مكانة شخص آخر. لذلك عندما نرى شخصاً يخطئ بطرق تجعله يفقد اعتباره، نشعر بنوع من الرضا لأن مكانتنا ارتفعت، من دون أن تترتب على ذلك أي تكلفة علينا.

هل يجعلنا إنجاب الأطفال سعداء؟

في حالة الأم، تؤدي الولادة والرضاعة إلى غمر نظامها بالأوكسيتوسين المُسمى “هرمون العناق” Cuddle hormone الذي يضخم الروابط العاطفية. لكن هذا الترابط الشديد والسعادة الناجمة عنه يتبددان في النهاية. تشير الأدلة إلى أن إنجاب الأطفال يمكن أن يجعلك أسعد، ولكنه قد يجعلك أيضاً تشعر بالتعاسة أو الضغوط أو القلق. بصورة عامةٍ يبدو أن إنجاب الأطفال يجعل تجاربك العاطفية أكثر حدة منها إذا لم يكن لديك طفل.

هل يجعلك الإيثار سعيداً حقاً؟

إذا كنتَ تريد أن تشعر بسعادة أكبر، حاول أن تجعل شخصاً آخر سعيداً، وفقاً لدراسة أجريت في العام 2017. لكن العلم منقسم حول طول أمد هذه السعادة. عَرضت إحدى الدراسات الحديثة على أشخاص هديةً بقيمة 100 يورو (نحو 85 جنيهاً إسترلينياً) لأنفسهم أو هدية بقيمة 350 يورو يقدمونها لشخص مريض. المجموعة التي أعطت المال للمريض شعرت بالرضا فترة قصيرة، لكن أولئك الذين احتفظوا بالمال لأنفسهم كانوا لا يزالون سعداء بعد شهر من ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى