أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الحياة

هل نعيش في محاكاة؟

هل يمكن أن تصير أجهزة الحاسوب متطورة بما يكفي لإنشاء نسخة طبق الأصل مقنِعة من العالم الحقيقي؟ ماذا لو أنها فعلت ذلك بالفعل وكنا نعيش في هذه النسخة المطابقة؟ يبحث د. بيتر بنتلي DR PETER BENTLEY في احتمال وقوعنا في شَرَك المصفوفة The Matrix.

صارت أجهزة الحاسوب حالياً مذهلة. قبل ما يقرب من 50 عاماً، كانت لدينا لعبة بونغ Pong، وهي واحدة من أولى ألعاب الحاسوب التي تلعب كرة المضرب (التنس) باستخدام كتل متحركة على كل جانب من الشاشة. حالياً لدينا عوالم افتراضية ذات صور واقعية مملوءة بالشخصيات التي أُنشئت بواسطة الحاسوب، ويبدو أنها تتحرك وتتصرف كما ينبغي.

يقال إن تقدُّم أجهزة الحاسوب يتبع قانون مور Moore’s Law الذي سُمي على اسم غوردون مور Gordon Moore، أحد مؤسسي شركة إنتل. ففي ستينات القرن العشرين رأى مور معدل التقدم، وتوقع أن يتضاعف عدد الترانزستورات على كل شريحة كل عامين. بحلول منتصف السبعينات، كان هناك 10,000 ترانزستور على شريحة. بحلول العام 1986 كان العدد أكثر من مليون، وبحلول العام 2020 كان لدينا 2.6 تريليون.

محاكاة هذا المستوى من التعقيد تحتاج إلى الموارد والمعرفة والوقت

بسبب قانون مور، تتضاعف قوة الحاسوب كل 20 شهراً تقريباً. وإذا استمرت تقنيتنا في التحسن بهذا المعدل، فماذا سيكون لدينا خلال 50 عاماً أخرى؟ أو 100؟ أو 1,000؟ هل ستكون معالِجات الحاسوب الكمِّي Quantum computers processors المستقبلية قوية جداً إلى درجة أن تحتوي العوالم الافتراضية التي تخلقها تعقيدا بغنى ما نراه من حولنا؟ هل ستكون هناك عوالم افتراضية يسكنها أشخاص افتراضيون يخترعون ألعابهم الخاصة ويتساءلون إلى ماذا سيؤول كل هذا؟ أو أن هذا قد حدث بالفعل؟ هل نعيش في محاكاة أنشأها مُبرمجو حاسوب يسبقوننا تقنياً ببضعة آلاف من السنين؟

يمكن أن يكون لأجهزة الحاسوب التي تتمتع بهذا النوع من قوة المعالجة قدرات أخرى أيضاً. إذا تمكنت من محاكاة الكون، فإن التقدم الأخير في أبحاث الذكاء الاصطناعي AI يشير، على ما يبدو، إلى أنهم لن يواجهوا مشكلة في محاكاة الدماغ، بل حتى قدرات الدماغ فائق الذكاء [مع أن البعض، مثل د. ليزا فلدمان باريت Lisa Feldman Barrett، قد يختلفون مع وجهة النظر هذه، انظر ص 52]. وقد نخضع لمثل هذا الذكاء الاصطناعي الخارق، وما يختار أن يفعله قد يكون خارج نطاق فهمنا أو سيطرتنا.

مشكلة معقدة

مثل هذه المخاوف من ”التفرد التكنولوجي“ Technological singularity، حيث لا يمكن السيطرة على التقدم ولا الرجوع عنه، تتجاهل العالم الأوسع والحقيقي الذي نعيش فيه، وصعوبة المشكلة.

استغرق تشكُّل الكون 13.8 بليون سنة، ويحتوي الجزء المرئي منه على 1080 ذرة. إن محاكاة هذا المستوى من التعقيد يحتاج إلى الموارد والمعرفة والوقت. وعالمنا لديه موارد محدودة. وحتى إن توافرت لدينا أجهزة الحاسوب والدراية، فإن عمليات المحاكاة ستستغرق حوسبتها بلايين السنين. لماذا قد نرغب في أن نفعل ذلك؟ الأرجح أن نبتكر جاذبية اصطناعية أو النقل الفوري Teleportation من أن نتمكن من محاكاة أكوان كاملة أو أدمغة فائقة الذكاء في بضع المئات المقبلة من السنين، والأرجح أن نقضي على أنفسنا قبل ذلك بفعل الكوارث البيئية التي نسببها.

سواء كانت الأرض نتيجة محاكاة أو لا، لا يهم، فهي موطننا الوحيد. وربما يجدر بنا أن نركز على التقنيات التي تهدد الحياة بالفعل في الوقت الحاضر، بدلاً من أن نقلق كثيراً بشأن سيناريوهات الخيال العلمي غير المعقولة في المستقبل البعيد. وإلا فلن يكون هناك مستقبل نقلق بشأنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى