مايكل موزلي Michael Mosley
كاتب علمي ومقدم برنامج «ثق بي، أنا طبيب» Trust Me, I’m A Doctor على قناة BBC الثانية. وأحدث مؤلفاته كتاب بعنوان حمية الأمعاء الذكية
The Clever Guts Diet
(منشورات: Short Books).
على مرِّ السنين شاركتُ في بعض التجارب الذاتية المجنونة، بدءاً من إصابة نفسي بالدودة الشريطية إلى الحرمان من النوم لفترة طويلة. لكن أسوأها كان فيلماً أعددته عن الخوف، وافقت خلاله على زيارة كهف. إني أعاني بعضَ الشيء من رُهاب الأماكن الضيقة Claustrophobic، لذلك عندما علقت في أعماق الأرض صرخت حتى ملأ صراخي الكهف. وقد أسعد هذا المخرج، لكنني شعرت حينها بخوف لم أعرفه من قبل.
لذلك كنت متعاطفاً عندما اعترف أحد المشاركين معي في تقديم برنامج ثق بي، أنا طبيب، Trust Me, I’m A Doctor، الطبيب النفسي د. ألان غريغوار Alain Gregoire، بالخوف من المرتفعات. ويصيب هذا النوع من الرهاب نحو 20% من الناس في المملكة المتحدة.
والطريقة التقليدية لعلاج الرهاب هي خوض تجربة تحت السيطرة لتعريض نفسك لما تخشاه. لذلك فوجئت عندما سمعت أن آلان كان سيحاول التغلب على خوفه باستخدام الواقع الافتراضي (VR). لكنني اكتشفت فيما بعد أن هناك أدلة قوية على أن طريقة الواقع الافتراضي قد تكون فعالة. وفي تجربة أجراها باحثون من جامعة أكسفورد ونشرت في مجلة ذي لانسيت The Lancet في عام 2018، قُسِّم 100 شخص لديهم خوف من المرتفعات بشكل عشوائي على ألّا تتلقى المجموعة الأولى أي علاج وتخضع المجموعة الثانية لست جلسات تَدَخُّل علاجي باستخدام الواقع الافتراضي على مدار أسبوعين.
ارتدى الأشخاص الموجودون في المجموعة الثانية أجهزة الواقع الافتراضي VR سمحت لهم باستكشاف بيئة افتراضية، حيث يمكنهم القيام بمهام مثل النظر من فوق حافة مبنى مكون من عشرة طوابق أو المشي على منصة لإنقاذ قطة علقت على شجرة. وأثناء قيامهم بهذه الأنشطة، تحدث إليهم معالج افتراضي عن مخاوفهم.
وكان على المتطوعين ملء استبيانات سجلت خوفهم من المرتفعات قبل وبعد العلاج، ثم مرة أخرى بعد أربعة أسابيع. وقال البروفيسور دانييل فريمان Daniel Freeman الذي قاد التجربة: «كلُّ من خضع لعلاج الواقع الافتراضي استفاد منه إلى حد ما. … وبلغ متوسط الانخفاض في الخوف من المرتفعات 68% أي انخفض بمقدار الثلثين، وهو تأثير إكلينيكي كبير».
لكن، هل سينجح الأمر مع آلان؟ في حالة جزع، وضع سماعة الرأس ودخل عالماً افتراضياً ثلاثي الأبعاد 3D. أوضح ألان لاحقّاً: «شعرتُ بأن الأمر حقيقي على نحو يفوق التصور». وأضاف: «على الرغم من أنني كنت أعلم أنني أقف في غرفة رمادية مغطاة بالسجاد فوق أرضية مسطحة، إلا أنه سرعان ما بدأ العرق يتصبب مني، واستبد بي القلق والخوف. وراحت ساقاي تهتزان وشعرت بآلامٍ في صدري عندما طلبوا إليّ القيام بمجموعة من المهام من فوق ارتفاعات أعلى مما خبرته في أي وقت مضى».
لكنه وجد أنه يمكنه التعايش مع الخوف وتحسنت أعراضه. وعندما واجه فيما بعد تحدياً حقيقيّاً إذ كان عليه أن ينظر من على حافة عالية، فوجئ عندما اكتشف أنه قادر على فعل ذلك. وعن ذلك قال: «طوال حياتي المهنية، اعتقدتُ أن الأمر يتطلب وقتاً طويلاً لإجراء تغييرات نفسية كبيرة. لكن هذا التدخل القصير نجح بالتأكيد في حالتي».
ويتوفر العلاج عن طريق الواقع الافتراضي حالياً ضمن العلاجات التي تقدمها الخدمات الصحية الوطنية NHS في بعض أنحاء إنجلترا كما يجري اختباره أيضاً لعلاج حالات أخرى مثل اضطراب الوسواس القهري (OCD). وعندما يتوصلون إلى عالم الواقع الافتراضي الذي قد يعالج رهاب الأماكن المغلقة، ربما يجدر بي أن أُجرِّبه.