هل تستخدم الحيوانات الدواء؟
انضممنا للعاملين في برنامج كراود ساينس CrowdScience (علوم الجموع) في قناة BBC الإذاعية للإجابة عن أسئلتكم في موضوع واحد. يمكنكم الاستماع لبرنامج كراود ساينس مساء كل جمعة على قناة BBC الإذاعية، أو الاستماع عبر الانترنت على الرابط bcworldservice.com/crowdscience
ما أنواع الأدوية التي تستخدمها الحيوانات؟
هناك أدلة متزايدة على أن الحيوانات قادرة على ‘تطبيب نفسها’ باستخدام مجموعة متنوعة من النباتات والحشرات. لوحظ الشمبانزي، مثلا، وهو يبتلع الأوراق الخشنة الكاملة لنبات أسبيليا Aspilia. ويعتقد أن هذه الأوراق تطرد الديدان الطفيلية من جدار الأمعاء، وبهذه الطريقة تتمكن من إخراج الديدان من أجسامها. وفي هذه الأثناء، رُصِدت أكثر من 200 نوع من الطيور وهي ‘تتنمَّل’ Anting. وخلال هذا السلوك تفرك الطيور النمل على طول ريشها، أو تتقلب في أعشاش النمل. وقد يكون هذا شكلاً آخر من أشكال مكافحة الطفيليات؛ إذ تستخدم الطيور في الغالب أنواع النمل التي ترش حمض الفورميك السام. حتى أن هناك أدلة على أن الفيلة الإفريقية تتداوى ذاتياً بتناول عشبة من عائلة لسان الثور Borage family للمساعدة على تحفيز المخاض.
كيف يتطور استخدام الدواء؟
كما هي الحال مع كل سمة متطورة، يعود الأمر إلى الانتخاب الطبيعي Natural Selection. فالحيوان الذي يصادف سلوكاً جديداً مفيداً بطريقة ما لديه حظ أكبر في البقاء وينقل ذلك السلوك إلى صغاره. ونجد مثالاً جيداً على ذلك لدى الفراشات الملكية Monarch butterflies التي تتغذى يرقاتها فقط بنباتات الصِقْلاَب Milkweed. وتُصاب الفراشات الملكية في أكثر الأحيان بطفيليات مميتة، وتميل إناث الفراشات المصابة إلى وضع البيض على أنواع الصِقْلاَب التي تحتوي على تركيزات أعلى من المواد الكيميائية القاتلة للطفيليات والتي تسمى ‘الكاردينوليدات’ Cardenolides. وقد أظهر البروفيسور ياب دي رودي Jaap de Roode من جامعة إيموري Emory University في أتلانتا بالولايات المتحدة الأمريكية، أن هذا قد يقلل من مستويات الإصابة في يرقات الفراشات، وأن الفراشات الملكية غير المصابة لا تظهر التفضيل نفسه لنباتات الصِقْلاَب.
ما الذي يمكن أن نتعلمه من الحيوانات عن الدواء؟
تستشهد الأساطير والقصص الشعبية في كثير من الأحيان بالحيوانات كمصدر للمعرفة الطبية، ويراقب علماء الصيدلة في الوقت الحاضر بشكل متزايد الحيوانات التي تداوي ذاتها لاستلهام ما تفعله. كما وُجد أن نباتات أسبيليا التي تستخدمها الشمبانزي لطرد الطفيليات لها خصائص مضادة للبكتيريا، لذلك قد تساعد المركبات المستخرجة من هذه النباتات على علاج الجروح الملتهبة. وقد لوحظ أن الأورانغ أوتان (إنسان الغاب) في إندونيسيا تحك مزيجاً رغوياً من اللعاب وأوراق نبات آخر هو دم التنين Dracaena cantleyi على أجسادها، ويستخدم السكان الأصليون هذا النبات بطريقة مماثلة لتخفيف آلام المفاصل والعضلات. وقد أظهر التحليل العلمي لهذا النبات منذ ذلك الحين أن له بالفعل خصائص مضادة للالتهابات. وهكذا يبدو أن العالم الطبيعي ممتلئ بمركبات الشفاء، وقد ترشدنا الحيوانات إلى الاتجاه الصحيح.