قد تحمل تجربة أُجريت في الولايات المتحدة الأمريكية على عقار أملاً جديداً لعلاج السرطان. وعلى الرغم من أنها شملت عدداً قليلاً من المرضى، فقد تبين أنهم جميعاً قد تخلصوا تماماً من السرطان بعد دورة علاج واحدة بالدواء.
الأدوية المعنية تسمى حاصرات PD-1، وهي تثبط نشاط بروتين يسمى PD-1 موجود في الخلايا التائية T-cells. والخلايا التائية هي خلايا الدم البيضاء التي تقاوم مولدات الضد أو المستضدات Antigens. يمنع البروتين PD-1 وبروتين آخر يسمى PD-L1 الخلايا التائية من مهاجمة الخلايا السرطانية، ولكن تقييد نشاط خلايا PD-1 يترك الخلايا التائية حرة لمحاربة الورم.
استخدم فريق من الباحثين من مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان Memorial Sloan Kettering Cancer Center في نيويورك عقاراً مثبطاً للبروتين PD-1 يُسمى دوستارليماب Dostarlimab لعلاج 14 مريضاً في المرحلة الثانية أو الثالثة من سرطان المستقيم “غير المتطابق مع نقص الإصلاح” Mismatch Repair-Deficient (اختصاراً: الأورام MMrD). وأعطي المرضى جرعة من الدواء كل ثلاثة أسابيع مدة ستة أشهر، على أساس المواصلة بالعلاج الكيميائي الشعاعي أو الجراحة بعد ذلك، إذا لزم الأمر.
“بعد مرور عامين لا يزال جميع المرضى الأربعة عشر خالين من الأورام”
ولكن الباحثين وجدوا أنه لا حاجة إلى مزيد من العلاج. وبعد مرور عامين، ما زال جميع المرضى الأربعة عشر خالين من الأورام. وهذا يعطي الأمل في أن دواء دوستارليماب (أو الأدوية المماثلة له) يمكن أن يساعد على تقليل عدد مرضى سرطان القولون والمستقيم الذين يحتاجون إلى عملية جراحية كل عام.
قالت د. أندريا سرسيك Andrea Cercek، التي شاركت في قيادة البحث مع د. لويس دييز جونيور Luis Diaz, Jr. إن “للجراحة والإشعاع تأثيرات دائمة في الخصوبة والصحة الجنسية ووظيفة الأمعاء والمثانة. الآثار المترتبة على نوعية الحياة كبيرة، لا سيما في الحالات التي قد يؤثر فيها العلاج القياسي في إمكانية الإنجاب”… نظراً إلى ارتفاع معدل الإصابة بسرطان المستقيم لدى الشباب، يمكن أن يكون لهذا النهج تأثير كبير.
كل عام تُشخَّص الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى أكثر من 40,000 شخص في المملكة المتحدة. وهو يصيب رجلاً واحداً من كل 15 رجلاً وامرأة واحدة من بين كل 18 امرأة، وفقاً لجمعية سرطان الأمعاء الخيرية البريطانية Bowel Cancer UK، وهذا يجعله في المرتبة الرابعة بين أكثر أشكال السرطان شيوعاً في بريطانيا، وفي المرتبة الثانية من حيث عدد الوفيات.
يمكن أن تتخذ سرطانات القولون والمستقيم عدة أشكال، ولكن يمكن وصف نحو 5 إلى %10 منها بأنها من الأورام MMrD. هذا يعني أنه كانت هناك طفرات في الجينات التي تشارك في ضمان التكرار الناجح لجينات أخرى، ونتيجة لذلك تميل الخلايا السرطانية MMrD إلى إظهار طفرات يمكن أن تؤدي إلى السرطان. إذا ظهر السرطان فإن الأورام MMrD تكون بوجه عام أقل استجابة للعلاج الكيميائي والإشعاعي من الأشكال الأخرى، مما يجعل الجراحة المبضعية العلاجَ الوحيد في هذه الحالة. لكن في السنوات الأخيرة سُجل بعض التقدم الملحوظ في استخدام أدوية العلاج المناعي لعلاج أنواع من الأورام MMrD في أجزاء مختلفة من الجسم.
رحبت د. هانا ك. سانوف Hanna K Sanoff، وهي باحثة أخرى في مجال السرطان، من مركز يو إن سي لينبيرغر UNC Lineberger الشامل للسرطان، في مجلة نيوإنجلاند للطب New England Journal Of Medicine بالنتائج الأخيرة التي قالت إنها “مشجعة جداً”، لكنها أشارت أيضاً إلى أنها “في حاجة إلى أن يُنظر إليها بتروٍّ إلى أن يتسنى تكرارها لدى عدد أكبر من الأشخاص وأكثر تنوعاً”.