أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الدماغالعقل / الذاكرة

7. هل يفيد تدريب الدماغ؟

الحُكم على الألعاب، الكلمات المتقاطعة وغيرها من تمرينات “تعزيز الدماغ”

يشبه الدماغ تكتلا كثيفا من العضلات، وكل كتلة منها مخصصة لمهمة معينة. مرّن أياً منها وستزداد قوة، لكن عليك أن تدربها جميعاً لتحسين قدراتك المعرفية الإجمالية. إذا تمرنت على جمع الأعداد طوال اليوم، مثلا، فستصبح ماهرا جداً في جمع الأعداد، لكن إذا لم تلجأ قط إلى التخمين Estimation – وهي مهارة تؤديها “عضلة” دماغية تختلف تماماً عن تلك المعنية بالحساب- فلن تكون أفضل من أي شخص آخر في الحكم، مثلا، على حجم حشد من الناس.
لازمت تدريب الدماغ صعوبة تطوير التمارين التي تعمل على تحسين الأداء في جميع أنحاء الدماغ وليس في جزء ضئيل واحد منه. وصار من المسلم به أن مجموعات التمارين- أي التي تجمع بين عمليات البحث المرئي وبين تحديات التنسيق الحركي وألعاب استذكار الكلمات، مثلا- قد تكون لها فوائد جمة. ومع ذلك، إذا كان لديك عقل سليم يمكنه اكتساب مجموعة طبيعية من المهارات، فإن أفضل تمرين يمكنك الحصول عليه هو الحياة الواقعية. إن المشاركة الفعالة في المجتمع، والاستمتاع بالفنون، والاستماع إلى الموسيقى، والمشاركة السياسية، والاستمتاع بحياة اجتماعية ثرية- هي أفضل تدريب على الإطلاق.
لا نمتلك جميعاً أدمغة صحية على النحو الأمثل، ولا يمكن دائماً اكتساب الطيف الكامل من المهارات المعرفية أو التدرب عليها. تتدهور أدمغتنا جسدياً مع التقدم في العمر، تماماً مثل أي جزء آخر من الجسم، ولا يتمكن كثير من الأشخاص من عيش حياة كاملة لكونهم مقيدين بأداء أعمال متكررة أو معزولين لسبب ما عن التحفيز الفكري. عندما يتقدم البشر في العمر، تميل عصبوناتهم إلى أن تكون أقل استثارة بفعل المحفزات البيئية. يرجع ذلك جزئياً إلى انخفاض مستويات الهرمونات والناقلات العصبية لديهم، لكنه يرجع جزئياً أيضا إلى انخفاض عدد الأحداث الجديدة والمحفّزة. تمتلك أدمغتنا آلية «كنت موجوداً هناك، وفعلت ذلك»، ولا تميل إلى استهلاك الكثير من الطاقة لأداء ذلك مرة أخرى. تماماً مثلما يهيئ النشاط الدماغي الدماغ للتفعيل بالطريقة نفسها مرة أخرى، يقلل النشاط الدماغي المخفّض من النشاط المستقبلي. ولذلك، سواء مارست ألعاب الحاسوب أم القراءة أم الاستماع إلى الموسيقى أم ممارسة الرياضة، فإن أول شيء يجب أن يفعله التمرين الدماغي هو إثارتك.
الأمر الثاني الذي يتعين عليك عمله هو تدريب أكبر عدد ممكن من العضلات الإدراكية. الكلمات المتقاطعة هي تمرين عملي مشهور لأنها تنطوي على العديد من عناصر الإدراك: الذاكرة، وحل المشكلات والحساسية المكانية (ملاحظة الكيفية التي تتناسب بها الكلمات معاً). إذا كنت تحل الكلمات المتقاطعة بصورة متكررة، فقد تجيدها لدرجة تتوقف منها عن تحفيزك. الشخص الذي يتفاخر بأنه يكمل لغزاً خفياً واسع النطاق كل يوم قد يبذل لتدريب دماغه أقل مما يفعله الشخص الذي يجد صعوبة في حل فكرة واحدة في لغز أبسط بكثير. ينطبق الشيء نفسه على لعبة سودوكو. قد تكون لعبة الأرقام هذه صعبة جداً، لا سيما للاعبين الجدد، لكن أداء لعبة سودوكو كل يوم يجعلك أفضل في اللعبة- وهي مهارة يصعب استخدامها في مجالات أخرى.

هل ينبغي أن تتناول المكملات الغذائية؟

يجب أن يوفر النظام الغذائي المتنوع جميع العناصر الغذائية المفيدة للدماغ التي تحتاج إليها، ولكن هل يمكنك الاستفادة من تناول المزيد منها؟ أوميغا Omega-3 – وهي أحماض دهنية توجد في الأسماك مثل الرنجة والسردين والماكريل- هي مكمل غذائي معروف بأنه معزز للدماغ. لكن الأدلة على آثارها مخيبة للآمال. لم تجد مراجعة أجرتها في عام 2012 منظمة كوكرين Cochrane organisation – المعترف بها على نطاق واسع كحجة في مجال البحوث الصحية- أي دليل على أن أوميغا 3 يقلل من خطر التعرض للضعف الإدراكي، في حين خلص تحليل متعمق أجراه علماء كنديون في عام 2015 إلى أن “أحماض أوميغا 3 الدهنية، وفيتامينات B، ومكملات فيتامين E لم تؤثر في الإدراك لدى البالغين في منتصف العمر والمسنين من غير المصابين بالخرف”.
وبالمثل، فإن الأدلة على المكملات العشبية مثل الجينسنغ والجنكة بيلوبا لم تصمد أمام التمحيص الدقيق. ينطبق الشيء نفسه على كل ما يسمى بمعززات الدماغ. فشلت قاعدة البيانات الشاملة للأدوية الطبيعية Natural Medicines Comprehensive Database، وهي منظمة غير تجارية تجمع البيانات وتراجعها باستمرار، في العثور على مكمل غذائي فعال واحد أثبتت فعاليته بين أكثر من 50 خضعت لتقييمها. وصنف بعضها على أنه “محتمل الفعالية” ولكن معظمها ببساطة تضمنت “أدلة غير كافية” لإصدار حكم قاطع.
لكن عدم وجود دليل على الفعالية ليس دليلاً على عدم الفعالية. إن البحث الواسع النطاق والباهظ التكلفة، واللازم لإظهار فعالية مادة ما دون أدنى شك، لا يُجرى عادة إلا على الأدوية الطبية، لذا ليس من المستغرب غياب دليل ملموس على آثار المكملات الغذائية في الأشخاص الأصحاء.
كما أن المكملات الغذائية لا تخلو من المخاطر- فقد تتداخل مع عمل الأدوية وتتسبب في آثار جانبية سيئة، خاصة إذا تناول الشخص الكثير منها. ومع ذلك، فإن المكملات الغذائية التي تزودك بالجرعة اليومية الموصى بها من الفيتامينات والمعادن المطلوبة قد تعد فكرة جيدة إذا شعرت بأن ذهنك يحتاج إلى دفعة معززة، لا سيما إذا ظننت أن نظامك الغذائي قد يكون ناقصاً بطريقة ما. لكن عليك استشارة طبيبك إذا تعرضت لأي آثار جانبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى