أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات رئيسية

البراكين العملاقة

تنتشر على كوكب الأرض أنواع مختلفة من البراكين وجميعها تكشف عن القوى الهائلة التي تمور تحت السطح. ولكن نوعاً واحداً منها فقط كبير بما يكفي لإطلاق العنان لتلك القوى بكل ما لها من قدرات تدميرية...

البروفيسور بيل ماكغواير Prof Bill McGuire

هناك حركة بركانية تعتمل بالقرب من مدينة نابولي الإيطالية لا علاقة لها بجبل فيزوف Mount Vesuvius الرابض مهيباً في الجوار. ففي مكان غير بعيد، يتربص بركان آخر تصعب رؤيته، ولكن يُخشى أن قدراته التدميرية أكثر خطورة مما لجاره. وهو يزداد صخباً.

تحافظ الحرارة المنبعثة من البركان الموجود أسفل متنزَّه يلوستون الوطني على المياه المتدفقة من نبع غراند بريزماتيك سبرنغ Grand Prismatic Spring ساخنة بدرجة حرارة تتراوح بين 65 و°85س (145 و°188ف) تقريباً

ليست لبركان كامبي فليغري Campi Flegrei قمة، بل فوهة عملاقة بعرض 13 كيلومتراً (8 أميال)، تُسمى كالديرا Caldera [ومعناها بالإسبانية الدست أو الوعاء الكبير، وتُشير إلى الفوهات البركانية التي تبدو في شكل حوض واسع]. تشكلت هذه الفوهة – الكالديرا – إثر ثورات هائلة خلال عصور ما قبل التاريخ. إنه أقرب شيء إلى بركان هائل في أوروبا، ويقع مباشرة تحت مدينة بوتزولي Pozzuoli الساحلية، إلى الغرب مباشرة من نابولي.

لم يكن أعنف ثوَران شهده كامبي فليغري قبل 36,000 عام كبيراً بما يكفي لتصنيفه على أنه بركان ”عملاق“، لكنه كان أعظم انفجار بركاني شهدته أوروبا على مدى 200,000 عام على الأقل. أدى ثوَران البركان إلى تغطية منطقة البحر الأبيض المتوسط بطبقة من الرماد، وسبب شتاء بركانياً قاسياً في شرق أوروبا، حين انخفضت درجات الحرارة بمقدار 9°س (48.2°ف).

حدث كثير من الثورات البركانية الأصغر حجماً منذ آخر ثوَران كبير قبل 15,000 عام (كان أحدثها في العام 1538)، وتكتظ المنطقة بالفوهات الصغيرة والفتحات والينابيع الساخنة وبرك المياه الساخنة. ومنذ خمسينات القرن العشرين، بدت الكالديرا أيضاً مضطربة، مع فترات مثيرة للقلق من ارتفاع سطح الأرض الذي أدى إلى رفع المدينة على نحو استثنائي بمقدار 4 أمتار (13 قدماً) وفترات من زيادة النشاط الزلزالي. ومن هنا يمكن فهم القلق الذي يعتري السكان المقيمين البالغ عددهم 360,000 نسمة ويزداد كل دقيقة.

يعود تاريخ بعض المباني في بوتزولي التي تقع فوق كامبي فليغري إلى العصر الروماني

منذ السنوات الأولى من هذا القرن، ارتفع مستوى أرضية الكالديرا والمدينة بمعدل 3-4 سم (1-1.5 بوصة) سنوياً، مصحوباً بموجات دورية من الزلازل الصغيرة. في مايو من العام 2024، ضرب المنطقة زلزال بقوة 4.4 درجة على مقياس ريختر، هو الأعنف منذ أربعين عاماً، وكان في ذلك الوقت الأحدث من بين أكثر من 1,200 حدث زلزالي شهدتها المنطقة خلال الأسابيع السابقة. فرّ السكان من منازلهم وخيم عديد منهم خارجها خوفاً من وقوع مزيد من الهزات.

وعلى الرغم من أن المنطقة شهدت موجات من الزلازل في السابق، إلى جانب انتفاخ الأرض، ظلت هناك مخاوف من أن الأمر مختلف هذه المرة. يقول البروفيسور كريستوفر كيلبورن Christopher Kilburn، الخبير في البركان ومقره جامعة يونيفرسيتي كوليدج لندن University College London: ”إذا استمرت الأرض في الارتفاع فترة كافية، فإن القشرة Crust لا بد أن تنهار في النهاية. وما نجهله تماماً هو مدى قدرة القشرة الأرضية على التحمل بعد“. ويشير كيلبورن أيضاً إلى أن الارتفاع ناتج إما عن الصخور المنصهرة وإما عن الغاز المتسرب منها، ولكن من المستحيل تحديد أي منهما وراء ذلك. في العام 2017، حذر كيلبورن من أن ”مزيداً من الاضطرابات من شأنه أن يزيد من احتمال اندلاع ثوَران بركاني“، وحث السلطات على الاستعداد. ويبدو أنهم أخذوا بنصيحته وقرروا إجراء تدريبات على الإخلاء.

صورة مقطعية للطبقات الداخلية في كامبي فليغري تبيِّن كيف يتأثر بالكالديرا الموجودة أسفلها

عمالقة لا تهدأ
قد يثور بركان كامبي فليغري في الأشهر أو السنوات المقبلة، أو يعود إلى سُباته. لكنه ليس سوى واحد من عدد من العمالقة البركانية التي لا تهدأ في مختلف أنحاء العالم، وبعضها يفوق بركان نابولي كثيراً سواء في الحجم أو في قوة انفجاراتها السابقة. ومن الأكثر شهرة بين هذه البراكين بركان يلوستون Yellowstone العملاق في غرب الولايات المتحدة، وهو نادراً ما يغيب عن نشرات الأخبار. فالأرض فوقه ترتفع وتنخفض، وتشهد المنطقة المحيطة به زلازل صغيرة على نحو متكرر. وكانت هذه المنطقة محوراً لعديد من الأفلام الوثائقية التلفزيونية، ولمسلسل درامي واحد على الأقل، كما أنها تتصدر المشهد كلما دار نقاش حول المكان الذي سيمزق فيه الثوَرانُ البركاني الهائل التالي القشرةَ الأرضية.

انفجر بركان يلوستون ثلاث مرات منذ 2.1 مليون سنة، كان آخرها قبل 640 ألف سنة. وفي كل مرة كان يترك وراءه كالديرا ضخمة، أضخم بكثير من تلك الموجودة تحت بوتزولي. ويزيد عرض أكبرها على 80 كيلومتراً (50 ميلاً). تشكلت كالديرا لونغ فالي Long Valley في شرق كاليفورنيا إثر ثوَران هائل قبل 750,000 عام، وهي تعتمل اضطراباً أيضاً منذ العام 1980، وقد صنفتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية United States Geological Survey على أنها تشكل تهديداً كبيراً جداً.

يُعَد بركانا يلوستون ولونغ فالي من بين نحو عشرين بركاناً معروفةٍ بأنها كانت مصدراً لثورات بركانية هائلة في الماضي. وهذا يعني حدوث انفجارات قذفت ما لا يقل عن 1,000 كيلومتر مكعب (240 ميلاً مكعباً) من الصهارة في هيئة رماد وصخور وحطام. ومن بين هذه الانفجارات البركانية بركان تاوبو Taupo في نيوزيلندا، وبركان توبا Toba في سومطرة.

تسرب الغازات والبخار من الشقوق في بوتزولي

هناك كثير مما نعرفه عن البراكين الهائلة، لا سيما أن أكبر ثوراتها قادرة على تدمير كل شيء ضِمن دائرة يبلغ نصف قطرها 100 كيلومتر على الأقل (62 ميلاً)، في حين أن الكميات الهائلة من غازات الكبريت التي تنطلق إلى طبقة الستراتوسفير Stratosphere يمكن أن تؤدي إلى فترات من التبريد العالمي القاسية تُعرَف باسم الشتاء البركاني Volcanic winter. ونحن نعلم أنها تتغذى على الصهارة اللزجة الغنية بالسيليكا، وهو ما يعني أنها لا يمكن أن تتشكل إلا في أجزاء معينة من العالم، داخل منطقة حزام النار في المحيط الهادي Pacific Ring of Fire وعدد قليل من الأماكن الأخرى، مثل حديقة يلوستون الوطنية في المناطق الداخلية من الولايات المتحدة. ولكن هناك أيضاً أموراً كثيرة بدأنا من فورنا نفهمها.

يتبع النشاط الذي تشهده أطول البراكين العملاقة عمراً، والتي حظيت بالنصيب الأكبر من اهتمام الباحثين، مثل بركان يلوستون وبركان، توبا نمطاً مميزاً. يؤدي تراكم كمية ضخمة من الصهارة إلى ثوَران هائل يسبب انهيار القشرة التي تغطي السطح وتشكيل كالديرا مع تسرُّب الصهارة. بعد فترة من الهدوء، يسبب وصول الصُّهارة الجديدة تحتها رفعَ قاع الكالديرا. وهذه العملية المعروفة باسم ”عودة النشاط“ Resurgence، أطلق عليها خبير البراكين العملاقة الرائد البروفيسور شان دي سيلفا Shan de Silva من جامعة ولاية أوريغون Oregon State University اسم ”الحفلة التي تلي حفلة الرقص الكبرى“. تمر براكين كامبي فليغري، ويلوستون، ولونغ فالي، وتوبا بمرحلة عودة النشاط، وهي فترة تشهد على نحو شائع تشوه الأرض، وحدوث زلازل متلاحقة، وانفجارات بركانية صغيرة النطاق.

”من وجهة نظر الاستعداد للكوارث، هذا خبر سيئ جداً“

وفي نهاية المطاف، بمجرد تراكم كمية كافية من الصُّهارة، تبدأ الدورة بكاملها من جديد. ولكن ما زال هناك كثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات. وهي أسئلة مثل: كيف تبقى مثل هذه الكتل الصخرية الضخمة ساخنة على امتداد آلاف السنين التي تراكمت خلالها؟ وما الذي يمنع الصُّهارة من الخروج على شكل متقطع، وعلى فترات خلال هذه السنوات؟ ولكن ربما يكون السؤال الأكثر أهمية من وجهة نظر الاستعداد للكوارث هو ما الذي يؤدي في الواقع إلى حدوث الانفجار، وكيف يمكن أن نُميِّزَ علامات التحذير؟

”يبدو أن البراكين العملاقة بدأت تكشف لنا عن مزيد من أسرارها“

الصُّهارة المنتفخة
يبدو أن البراكين العملاقة بدأت تكشف لنا عن مزيد من أسرارها، وهي ما كشف دي سيلفا وفريقه عن كثير منها باستخدام منهج علمي دقيق وتفصيلي يشبه التحقيقات الجنائية لتحليل البراكين الفائقة يسميه التحقيقات الجنائية في البراكين الفائقة Supervolcano forensics.

تتمكن كتلة الصُّهارة الهائلة التي تمور أسفل البركان العملاق من البقاء في حالة منصهرة إلى حد كبير، وذلك لأنها تتغذى بالصُّهارة الطازجة التي تتدفق إليها باستمرار من الأسفل. والسبب في أن البركان لا ينفث الصهارة على دفعات صغيرة هو أن كمية الحرارة الهائلة التي تولدها كتلة الصهارة تبقي الصخور المحيطة بها لينة ومرنة. ويعني هذا أن قشرة الأرض الموجودة أعلاها يمكن أن تتضخم لاستيعاب الصهارة الجديدة، ولكنها لا تتكسر (مثلما يمكن أن يحدث لو كانت أكثر برودة وهشاشة)، ومن ثمّ لا تُفتح المسارات التي تصل إلى السطح بسهولة.

ومع ذلك، وفي نهاية المطاف، بمجرد أن تنتفخ كتلة الصهارة كثيراً بحيث يتراوح حجمها بين 10,000 و100,000 كيلومتر مكعب (2,400-24,000 ميل مكعب)، تصبح القشرة الموجودة فوقها غير مستقرة. تتشكل شقوق دائرية على السطح وتنتشر عميقاً حتى تتقاطع مع جسم الصهارة، وهنا يحدث انفجار بركاني هائل ينشر الفوضى ويُحدث دماراً كبيراً. تضغط الكتلة المركزية من القشرة التي تحددها الصدوع الدائرية Circular faults إلى الأسفل بفعل الجاذبية، وتعمل وفق دي سيلفا مثل المكبس، فتدفع الصهارة إلى الأعلى عبر الشقوق لتخرج منها بعنف يفوق كلَّ تصور، وبسرعات تفوق سرعة الصوت من مواقع متعددة على طول الشقوق. في نهاية المطاف، تتوقف الكتلة المركزية من القشرة عن الهبوط، فيتوقف الثوران وتتشكل الكالديرا.

إلى هنا تبدو الأمور واضحة، ولكن ما زالت بعض الأسئلة الرئيسة بلا إجابات، وهي أسئلة كبيرة. مثلاً: ما العلامات التحذيرية التي يمكننا أن نتوقع رؤيتها عندما تتراكم الأمور داخل بركان هائل تمهيداً لحدوث الانفجار؟ وكيف يمكننا أن نعرف إن كان الثوران البركاني المتوقع ”ضخماً“ أو محدوداً؟ من الممكن تحديد حجم خزان الصهارة باستخدام تقنيات جيوفيزيائية مختلفة، ولكن جزءاً ضئيلاً فقط من الصهارة يخرج، حتى في أثناء  أعنف الانفجارات. ومن الممكن أيضاً تقدير مقدار كتلة الصهارة المنصهرة. مثلاً تشكل المواد المنصهرة نحو %16 إلى %20 من خزان الصهارة في يلوستون. ولكن خروج كل هذا في انفجار واحد أو لا، يعتمد على عدد من العوامل أهمها أن تتجمع كل المواد المنصهرة في مكان واحد، بدلاً من أن تنتشر بين عدد من الكتل المنفصلة.

حتى البراكين العادية لا تثور على الإطلاق من دون سابق إنذار. فالصهارة المتراكمة أو الصاعدة تحتاج إلى إيجاد مساحة تنتشر فيها، ويمكن اكتشاف ذلك ومراقبته باستخدام التقنيات الجيوديسية Geodetic techniques التي تقيس شكل الأرض الهندسي واتجاهها في الفضاء ومجالها الجاذبي ومن بينها نظام تحديد المواقع العالمي (اختصاراً: النظام GPS) وقياس التداخل بالرادار عبر الأقمار الاصطناعية Satellite Radar Interferometry. يعني ذلك مقارنة إشارتين راداريتين التُقطتا من مواقع مختلفة أو في أوقات مختلفة لتحديد التغيرات الدقيقة في ارتفاع سطح الأرض أو شكله باستخدام الأقمار الاصطناعية كمنصة لإرسال إشارات الرادار واستقبالها. 

تحتاج الصهارة المتصاعدة أيضاً إلى كسر الصخور للوصول إلى السطح، مما يؤدي إلى حدوث موجة من الزلازل المميزة التي تُكتشف باستخدام أجهزة قياس الزلازل.

تقنيات مختلفة مستخدمة لمراقبة النشاط البركاني في نابولي وما حولها

هل ينبغي أن نقلق؟
نظراً إلى أن كل ما يتعلق بالبراكين العملاقة يحدث على نطاق واسع، قد يعتقد البعض أن تراكم الأحداث تمهيداً لانفجار ضخم على نحو استثنائي قد يستغرق وقتاً أطول بكثير. ولكن تقترح الأبحاث التي أُجريت في لونغ فالي أن التحضير لأكبر ثوَران له حدث قبل نحو 750,000 عام، ربما استغرق أقل من عام. ومن منظور الاستعداد للكوارث، هذه أخبار سيئة جداً، خاصة أن الثوران البركاني الهائل يمكن أن يخلف تأثيراً هائلاً في المجتمع العالمي واقتصاده.

أدى ثوران بركان توبا في سومطرة قبل نحو 74,000 عام إلى طرح ما لا يقل عن 2,800 كيلومتر مكعب (671 ميلاً مكعباً) من الرماد والحطام والغاز التي غلَّفت العالم طوالَ عدة سنوات بطقس شديد البرودة. ومثل هذا إذا حدث حالياً، فمن المرجح أن يدمر المحاصيل في معظم أنحاء العالم. إن توافر أقل من 12 شهراً للاستعداد لمثل هذا الحدث الجلَل من شأنه أن يجعل من الصعب جداً وضع التدابير اللازمة لتخزين الغذاء وتقنينه، وهو أمر حيوي للتخفيف من تأثيره.

باحثون يقيسون درجة حرارة التربة في الكالديرا لونغ فالي في كاليفورنيا

ولكن هل ينبغي لنا أن نقلق من احتمال وقوع ثوران بركاني هائل في المستقبل القريب؟ فمثل هذه الأحداث نادرة جداً. لقد دمر آخر ثوران بركاني بهذا الحجم الجزيرة الشمالية، نورث آيلاند، في نيوزيلندا قبل 26,500 عام، ويقدر متوسط الفترة التي يستغرقها بركان هائل ليثور من جديد بنحو 100,000 عام؛ فهل يمكننا إذن أن نتنفس الصُّعَداء مدة 75,000 عام أخرى أو نحو ذلك؟

حسناً، ليس تماماً. فالأرض لا تعمل بهذه الطريقة. هذا متوسط طويل المدى، لذا من السهل أن نشهد مجموعات من الانفجارات البركانية الهائلة في وقت ما، ثم فترات أطول بكثير لا يحدث فيها أي منها. في الواقع، ثوران توبا المذكور آنفاً يعني أنه حدث بالفعل ثورانان عظيمان خلال المئة ألف عام الماضية، ولكن هذا ليس سبباً للاعتقاد بأن ثوَراناً آخر لن يحدث في المدى القريب إلى المتوسط.

بحيرة توبا في فوهة بركان سومطرة العملاق

أما فيما يتعلق بالمكان الذي ينبغي لنا أن نتوقع فيه حدوث الثوَران البركاني الهائل المقبل، فالبراكين المشتبه فيها عادة هي يلوستون، وتوبا، ولونغ فالي؛ وهناك براكين أخرى تستحق المتابعة أيضاً. ففي تشيلي لوحظ أن بحيرة لاغونا ديل ماولي Laguna del Maule تتضخم، وذلك بوتيرة استثنائية وصلت إلى 30 سم (نحو قدَم واحدة) سنوياً، على مدى العَقدين الماضيين. هذه البحيرة شهدت ثورات ضخمة في الماضي أدت إلى تكوين كالديرا. وأعرب البعض عن مخاوفهم من أن انتفاخها يشير إلى التحضير لثوران بركاني كبير. ولكن الرصد يشير إلى أن حجم الصُّهارة الجديدة المتجمعة ليس كافياً على الإطلاق لتغذية ثوران بركاني هائل، على الأقل ليس بعد.

بركان أوتورونكو المغطَّى بالثلوج يفوق في الارتفاع عديداً من القمم في جبال الأنديز البوليفية

وفي بوليفيا يشهد بركان أوتورونكو Uturuncu حركة مضطربة أيضاً. يقع هذا البركان في مجمع ألتيبلانو-بونا البركاني، وهو عبارة عن مجموعة كبيرة من المراكز البركانية، تعتمل فيه كتلة ضخمة من الصهارة التي سببت عديداً من الانفجارات البركانية الهائلة في الماضي. منذ ستينات القرن العشرين، بدأت منطقة تبلغ مساحتها أكثر من 1,000 كيلومتر مربع (385 ميلاً مربعاً) تقع في وسط البركان في الارتفاع، مما جذب اهتماماً كبيراً. لم يسبق لبركان أوتورونكو أن شهد ثوراناً هائلاً من قبل، وكان آخر ثوران له قبل 250,000 عام. إضافةً إلى ذلك، وعلى افتراض أن الارتفاع ناجم عن ارتفاع الصهارة وليس الغاز أو السوائل الساخنة، فإن حجمه صغير، مثلما هي الحال في لاغونا ديل ماولي. ومع ذلك، فقد تكهن البعض بأننا قد نشهد المراحل المبكرة من التحضير لثوَران بركاني هائل في المستقبل. وإذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن ننتظر طويلاً.

الحقيقة هي أن فرص حدوث ثوران بركاني هائل في أي مكان على هذا الكوكب، خلال حياة إنسان، تبلغ نحو 1 إلى 1,400، لذلك فلن أدَع هذا يؤرق منامي. ولكن من ناحية أخرى، يفوز شخص ما بالجائزة الكبرى في اليانصيب كل أسبوع بفرص تصل إلى واحد من بين عدة ملايين. والأمر الوحيد الذي يمكننا أن نكون على يقين منه هو أن ثوَراناً بركانياً هائلاً آخر سيحدث على وجه التأكيد في وقت ما. والأجدر بنا أن نستعد لذلك.


البروفيسور بيل ماكغواير
بيل عالم براكين وعالم مناخ. وهو أستاذ فخري للمخاطر الجيوفيزيائية والمناخية من جامعة يونيفرسيتي كوليدج لندن، ومؤلف كتاب دليل لساكني الأرض الدفيئة Hothouse Earth: An Inhabitant’s Guide (منشورات: Icon Books)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى