أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
المفسّر

الدماغ

اكتشِفْ عجائب مادتك الرمادية، العضو الحيوي الذي يجعلك من تكون

قال شيرلوك هولمز Sherlock Holmes لمساعده: ”أنا دماغ يا واطسون. الباقي مجرد ملحقات“. في حين أن معظمنا لا يؤدي أداء بارعاً بالمستوى نفسه تماماً مثل المحقق الخيالي الخارق الذي صوره السير آرثر كونان دويل Sir Arthur Conan Doyle، فإن ما يقوله صحيح بأن كل ما نعرفه عن العالم – وعن أنفسنا – موجود داخل أدمغتنا، وما أجسادنا بالنسبة إليها، إن لم تكن بالضرورة مجرد ملاحق، فإنها بالتأكيد تخضع لها إلى حد كبير. تتحكم أدمغتنا في أفكارنا وأفعالنا، وهي فريدة بالنسبة إلى كل واحد منا. تضم 86 بليون خلية عصبية و100 تريليون اتصال، وهي معقدة جداً إلى درجة أنه يكاد يكون من المستحيل علينا أن نفهمها، لكن دعونا نحاول…

”كل ما نعرفه عن العالم – وعن أنفسنا – موجود داخل أدمغتنا“

داخل الدماغماذا يوجد داخل دماغك؟

1. المخ
يشمل المخ معظم البنية المتجعدة التي نعرفها على أنها الدماغ، وينقسم إلى نصفي كرة (الأيمن والأيسر) وأربع مناطق، أو فصوص.

2. الفص الجبهي
هو قسم كبير يقع خلف جبهتك، ويتولى مجموعة واسعة من المسؤوليات تتراوح من الحركة والسلوك إلى اللغة والعواطف.

1.2. القشرة الحركية الأولية
هذه مجموعة من الأعصاب الموجودة في القسم الظهري من الفص الجبهي والتي تتحكم في الحركات الإرادية.

2.2. القشرة الحركية التكميلية
وهي أيضاً جزء من الفص الجبهي، وتشارك القشرة الحركية الإضافية في تخطيط تحركاتك.

3. الفص القذالي
يؤثر بقدر كبير على الرؤية، ويمكن أن يسبب حدوثُ تلف في هذا الفص مشكلاتٍ في القراءة والكتابة وإدراك الألوان.

4. الفص الجداري
مهم جداً لتفسير العالم الخارجي؛ يتولى الفص الجداري معالجة المعلومات الحسية والمكانية.

1.4. القشرة الحسية الجسدية
جزء من الفص الجداري، وهو وجهة مركزية للمعلومات الحسية المجمعة في جميع أنحاء الجسم.

5. الفص الصدغي
يساعدنا الفص الصدغي – وهو على صلة بالسمع والذاكرة – على تذكر الموسيقى، مثلاً، وفهم اللغة.

1.5. قرن آمون
جزء منحنٍ من الجهاز الحوفي (الدماغ ”البدائي“) يرتبط بالذاكرة وصنع القرار.

6. المهاد
يضطلع بتصفية المعلومات الحسية والحركية التي تمر بين الجسم والدماغ.

7. المخيخ
المخيخ مكتظ بالخلايا العصبية، وهو مهم في الحركة والتوازن.

8. اللوزة الدماغية
أحد مكونات الجهاز الحوفي على شكل لوزة، وله أدوار في التوتر والعواطف والذاكرة.


رسم تخطيطي يوضح كيف تنتقل الإشارات بين العصبونات

كيف يعمل الدماغ؟

إنه سؤال جد كبير. يُنظر إلى الدماغ في أكثر الأحيان على أنه جهاز حاسوب بيولوجي: جهاز فعال جداً يمكنه التعامل مع قدر هائل من المهام في حين يحتاج إلى قدر من الطاقة أقل بكثير من جهاز الحاسوب المحمول العادي. لكن علماء الأعصاب لا يحبذون هذا التشبيه، وهو غير مفيد لفهم الكيفية التي يعمل وفقَها الدماغ، لأن معظمنا لا يفهم أيضاً كيف تعمل أجهزة الحاسوب. وبدلاً من ذلك يمكن أن نفكر فيما تفعله العصبونات(الخلايا العصبية) Neurons أو الخلايا العصبية الدماغية – وهي المكونات الرئيسة لأدمغتنا – للسماح لنا بالتفكير والتحرك والإحساس. العصبونات، مثل الخلايا العصبية الأخرى، عبارة عن حاملات ذات بنية شجرية للإشارات التي تتسارع على طول جذوع العصبونات، من الفروع إلى الجذور، حيث تُمرر إلى عصبونات أخرى عن طريق إطلاق مواد كيميائية (ناقلات عصبية) عبر الفجوات (المشتبكات العصبية Synapses). 

وما التفكير إلا نتيجة للإشارات التي تنتشر عبر شبكات العصبونات. تعتمد الحركات على الرسائل التي تُرسل من الدماغ إلى المواقع العصبية في عضلاتنا، في حين تعتمد المدخلات الحسية على انتقالها في الاتجاه الآخر. نحن نعلم أن هذه المسارات يجب أن تعمل حتى تعمل أدمغتنا، لكن العلماء ما زالوا بعيدين عن فهم دوائر الذاكرة والألم والعواطف والانتباه واتخاذ القرار. وعلى الرغم من أن بعض هذه الوظائف ترتبط تقليدياً بمناطق معينة من الدماغ، فإن الأدلة الحديثة تشير إلى أن الأمر ليس بهذه البساطة، إذ لا يمكن تقسيم مهام الدماغ بدقة.


داخل الدماغهل حقاً نستخدم 10% فقط من أدمغتنا؟

لا، هذه مجرد خرافة. في حين أنه قد يكون صحيحاً أنك إذا أخذت لقطة للنشاط في الدماغ البشري، فسيبدو أن أقل من 10% منه ينشط في أي لحظة، إلا أنه ليس صحيحاً أن 90% من الدماغ عديم الفائدة.

مثل هذا الأمر لن يكون له أي معنى، لأن التطور جيد جداً في التخلص من أجزاء الجسم التي لا تقدم أي مساهمة مفيدة. ومن هنا، لم تعد لدينا ذيول أو فراء أو مخالب. 

”يعتقد الخبراء أننا نحتاج إلى كامل أدمغتنا، ولكن ليس طَوال الوقت“

يعتقد الخبراء أننا نحتاج إلى كامل أدمغتنا، ولكن ليس طَوال الوقت. في العام 2020 وجد باحثون من المملكة المتحدة أن المهام التي تستنزف العقل تعمل على تحويل الطاقة بعيداً عن العمليات الأخرى، وبما أن الدماغ لديه إمدادات طاقة محدودة، فإن هذا يضع على الأرجح حداً لعدد المهام التي يمكنه تنفيذها في وقت واحد.


جمجمة سالفتنا ”لوسي“ (يسار) أصغر قليلاً من جمجمة الإنسان الحديث

كيف يمكن مقارنة أدمغتنا بأدمغة أسلافنا؟

تشير بقايا أسترالوبيثكس أفارينسيس Australopithecus afarensis – وهي حيوانات شبيهة بالقردة تربطها صلة بالهيكل العظمي الشهير ”لوسي“ Lucy الذي اكتشف في العام 1974 في إثيوبيا – إلى أن أدمغة أسلافنا الذين يبلغ عمرهم ثلاثة ملايين سنة كانت بنحو ثلث حجم أدمغتنا. لكن أقارب لوسي كانوا أصغر حجماً من البشر المعاصرين. حتى الذكور الأثقل وزناً من النوع الذي تنتمي إليه كان وزنهم نحو 42 كيلوغراماً (93 رطلاً)، وهو متوسط وزن إنسان يبلغ من العمر 12 عاماً. لذا ربما تكون المقارنة مفيدة أكثر إذا أخذنا في الاعتبار حجم الدماغ نسبة إلى وزن الجسم. في حين أن أدمغة لوسي وأقاربها شكلت نحو 1.3% من إجمالي وزن الجسم، فإن أدمغة الأنواع البشرية الأولى التي عاشت قبل نحو مليوني سنة تشكل ما يقرب من 1.7%. أدمغتنا الأكثر تقدماً تمثل 2.2% من وزن جسمنا. ومع ذلك تُظهر الأبحاث الحديثة أنه على الرغم من أن أدمغة أ. أفارينسيس كانت منظمة مثل أدمغة القرود، فإنها استغرقت وقتاً أطول في النمو، مما يعني أن الرئيسيات كانت تتمتع بفترة طفولة أطول، تماماً مثل البشر المعاصرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى