على الرغم من أن فقدان السمع الجيني يمكن ربطه بما لا يقل عن 100 جين مختلفة، فإن جيناً واحداً فقط، الجين STRC، مرتبط بنسبة تصل إلى 16% من هذه الحالات. حالياً، يمكن أن يساعد نوع جديد من العلاج الجيني على علاج فقدان السمع الحاد المرتبط بهذا الجين.
يحمل الجين STRC المعلومات المُرمَّزة التي تتيح إنتاج البروتين ستيريوسيلين Stereocilin الذي يؤدي دوراً صغيراً ولكنه أساسي في سمعنا. فلكي نتمكن من سماع الأصوات، تحتاج خلايا الشعر في الأذن الداخلية إلى الاتصال بالغشاء العلوي للأذن (وهو نسيج يؤدي دوراً في تحويل الصوت إلى محفز). يعمل الستيريوسلين كداعمٍ، إذ يساعد خلايا الشعر على الانتصاب في حزمة على نحو مرتب ومنظم حتى تلمس أطرافها الغشاء.
في الدراسة نجح باحثون من مستشفى بوسطن للأطفال Boston Children’s Hospital في استبدال الستيريوسلين المتحور في الأذن الداخلية للفئران. أدى هذا إلى عكس فقدان السمع الشديد وفي بعض الحالات، أعاد السمع إلى مستوياته الطبيعية تماماً. لإدخال الجين السليم إلى خلايا شعر الفئران، استخدم الفريق فيروساً مصنَّعاً من الفيروسات المرتبطة بالغدية Adeno-associated virus (اختصاراً: الفيروساتAAV) كناقل. يسبب الفيروس AAV فقط استجابات مناعية خفيفة، وهو فيروس يمكن التنبؤ بآثاره، لذلك سرعان ما صار يُستخدَم على نحو كبير كأداة في العلاج الجيني.
نعتقد أن هذا سيوفر نافذة واسعة من فرص العلاج، من الأطفال إلى البالغين المصابين بفقدان السمع
قال العالم د. جيفري هولت Jeffrey Holt من مستشفى بوسطن للأطفال وكبير الباحثين في الدراسة: ”إذا تحور الستيريوسلين، فلن نحصل على هذا الاتصال [مع الغشاء القصري Tectorial membrane]، ومن ثم لا يجري تحفيز خلايا الشعر على نحو صحيح… الأهم من ذلك، أن خلايا الشعر واصلت أداء وظيفتها، ومن ثم فهي تستجيب للعلاج الجيني. نعتقد أن هذا سيوفر فرصة واسعة للعلاج- من الأطفال إلى البالغين المصابين بفقدان السمع“.
ومع ذلك واجه الفريق مشكلة في اتباع هذا النهج.
قال هولت: ”كان التحدي الذي واجهناه هو أن الجين الخاص بالستيريوسلين أكبر من أن يتناسب مع ناقل العلاج الجيني“.
للتغلب على هذه المشكلة، اقترحت المؤلفة الرئيسة للدراسة، د. أولغا شوبينا-أولينيك Olga Shubina-Oleinik، كحل تقسيم الجين إلى قسمين ووضع النصفين في فيروسين منفصلين لإعادة دمج البروتينات.
لقياس سمع الفئران بعد العلاج، استخدم الباحثون اختبارين مختلفين. الأول يشبه اختبارات السمع التي تُجرى على الأطفال، والثاني راقب استجابات جذع الدماغ للترددات الصوتية المختلفة باستخدام أقطاب كهربائية على فروة الرأس.
وجد الباحثون أن الفئران كانت أكثر حساسية للأصوات الخافتة ولديها قدرة متزايدة على تضخيم الأصوات المرهفة، وتقليل الاستجابة للأصوات العالية، والتمييز بين الترددات المختلفة.
قال د. إليوت شيرر Eliot Shearer، وهو مؤلف مشارك في الدراسة: ”اتضح أن الاختلافات في الجين STRC أكثر شيوعاً مما ظننا، مما يجعل العلاج الجيني لهذا الاضطراب مهماً جداً“.
قدم هولت وفريقه حالياً طلب تسجيل براءة اختراع لتكنولوجيا العلاج الجيني هذه.