أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات رئيسية

سأغلق عينَيَّ بضعَ دقائق…

هل تشعر بالتعب؟ ونحن كذلك. يصعُب على كثيرين الحصول على ليلة نوم هانئة، مع زيادة قصوى في اضطرابات النوم والحرمان منه. إذن هل نسير نياماً (ننجرف غافلين) نحو أزمة صحية وطنية، أو إنه يمكننا أن نفعل شيئاً ما حيالَ ذلك؟

ما من أحد ينكر ذلك: لم تسْرِ قرارات السنة الجديدة New Year’s resolution على ما يرام. فقط بعد أسابيع من الدخول في العام 2023، كنتُ قادرة على التعويض عما يبدو كأنه أشهرٌ من قلة النوم لأصير شخصاً خارقاً يتمتع بصحة أفضل وأكثر حيوية. عزائي، في كل صباح شتوي مظلم فيما أضغط على زر الإغفاء بدلاً من النهوض وارتداء ملابس الرياضة، هو على الأقل أنني لست وحدي من يفعل ذلك.

في استطلاع أجراه معهد يوغوف YouGov على البالغين في المملكة المتحدة، ونُشر في بداية العام 2022، قال واحد من كل ثمانية أشخاص إنه يشعر بالتعب «طوال الوقت»، وقال رُبعهم إنهم متعبون «معظم الوقت». كان الأهل الذين لديهم أطفال تقل أعمارهم عن 18 عاماً هم الأكثر شعوراً بالإرهاق من بينهم جميعاً، لكن البالغين الذين ليس لديهم أطفال وأولئك الذين لديهم أبناء أكبر سناً أفادوا بأنهم يشعرون أيضاً بالتعب. ولدى سؤالهم عما تساويه بعض الراحة الإضافية، قال ما يقرب من نصف الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع إنهم سيختارون ساعة أخرى من النوم بدلاً من 20 جنيهاً إسترلينياً نقداً، في حين أن أكثر من الثلث قالوا إنهم سيفضلون النوم على أمسية رومانسية.

التفسير البسيط لكل هذا التعب هو أننا لا نحصل على وقت كافٍ من النوم. تشير الدراسات الاستقصائية إلى أن نحو 40% من البالغين البريطانيين يحصلون كل ليلة على أقل من سبع ساعات كحد أدنى من النوم الذي أوصت به هيئة الخدمات الصحية الوطنية National Health Service (اختصاراً: الهيئة NHS). وأفاد نحو 5% بأنهم يحصلون على أربع ساعات أو أقل، وهو مستوى من الحرمان من النوم يمكن أن تكون له عواقب وخيمة: وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يقودون السيارة بعد أقل من أربع ساعات من النوم معرضون أكثر بعشر مرات لخطر حوادث الطرق مقارنة بالسائقين الذين ناموا سبع ساعات على الأقل.

ولم يكن الأمر أفضل حالاً على المدى الطويل. فقد ربطت أبحاث بين النوم أقل من الحد الأدنى الموصى به وارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة لا تُعد ولا تحصى، بما في ذلك السكري والسرطان وأمراض القلب والاكتئاب والخرف. إن القلق بشأن وباء الأرق الواضح هذا هو الذي دفع منظمات مثل الجمعية الملكية للصحة العامة Royal Society for Public Health إلى الدعوة إلى استراتيجية نوم وطنية National sleep strategy وتحسين الوعي بالهدف الذي يجب أن نصبو إليه.

ومع ذلك، في حين يتضح أن قلة النوم تمثل مشكلة، فإن دراسات مدة النوم لا تعطينا صورة كاملة. على عكس التصور الشائع، هناك أدلة ضئيلة على أننا نحصل اليوم على معدل نوم أقل مما كان عليه الأمر في الماضي، كما يقول البروفيسور جون غروغر John Groeger، عالم النفس من جامعة نوتنغهام ترنت Nottingham Trent University. باستخدام الدراسات المسحية، وجد هو وزملاؤه أن البريطانيين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كانوا ينامون في المتوسط ما يزيد قليلاً على سبع ساعات في الليلة، وهو تقريباً ما قال الناس إنهم كانوا يحصلون عليه في ستينات القرن العشرين.

على الرغم من ضرورة توخي الحذر لدى تفسير البيانات التي يُدخلها المستطلعون بأنفسهم، فإن الدراسات المسحية في بلدان أخرى خلصت إلى نتائج مماثلة، إذ كشفت عن انخفاضات صغيرة أو معدومة في متوسط مقدار النوم بمرور الوقت. يقول غروغر إن الأبحاث المتعلقة بما يسمى بالمجتمعات ’ما قبل الصناعية’ Pre-industrialised تتحدى الفكرة القائلة بأن أسلافنا أمضوا وقتاً أطول في النوم. ووجدت دراسة أجريت في العام 2015 وتابعت أنماط النوم في المجتمعات الريفية في بوليفيا وناميبيا وتنزانيا أن البالغين يميلون إلى الحصول على ما بين 5.7 إلى 7.1 ساعة في الليلة.

قلة النوم
يمكن أن يكون التعب في أثناء النهار ناتجاً ببساطة عن عدم ممارسة الرياضة بصورة كافية

إلى كم ساعة نحتاج من النوم؟
يقول البروفيسور كينيث رايت Kenneth Wright، عالم النوم والساعة البيولوجية من جامعة كولورادو بولدر University of Colorado Boulder، إنه في حين أن سبع ساعات هي الحد الأدنى المعقول لما يجب أن نصبو إليه، فإن العلماء لا يعرفون بالضبط إلى كم يحتاج الشخص العادي في العام 2023. يمكن أن يتأثر المقدار الذي نحتاج إليه بالجينات ونمط الحياة، وأن يتغير مع تقدمنا في العمر. ومن الأهمية بمكان أيضاً أن نعرف أن «مدة النوم هي عنصر واحد فقط من عناصر صحة النوم. إن توقيت نومنا مهم، وانتظام نومنا مهم، ونوعية ذلك النوم مهمة».

قلة النوم
يمكن أن يؤدي استخدام الهاتف في وقت النوم إلى كثير من التحفيز الذهني

بدلاً من التركيز على مقدار ما نحصل عليه، يقترح الخبراء أن ينتبه الناس لما يشعرون به عندما يكونون مستيقظين. الشعور بقليل من الدوار والترنح أمر طبيعي بعد قضاء ليلة صاخبة في الخارج. لكن الإغفاء المتكرر في أثناء النهار أو الشعور بالإرهاق عدة أيام بعض الأحيان قد يشير إلى وجود مشكلة، يقول عالم النفس مايكل في فيتيللو Michael V Vitiello، الأستاذ الفخري في جامعة واشنطن University of Washington الذي يدرس النوم واضطرابات النوم في الشيخوخة.

في بعض الحالات، قد تعني هذه الأعراض اضطراباً في النوم أو وجود مشكلة صحية. وفقاً للهيئة NHS، يُتوقع أن يعاني الأرقَ نحوُ ثلث السكان – وهي صعوبة مستمرة في النوم والبقاء نائمين – مرة واحدة على الأقل. وتقول د. سوزان بيرتيش Suzanne Bertisch، باحثة النوم والطبيبة في مستشفى بريغهام وومان Brigham and Women’s Hospital وكلية الطب في جامعة هارفارد Harvard Medical School، من الأرجح ألا تُشخص جميع الحالات التي تعاني هذا الاضطراب. وتضيف أنه بسبب الإرهاق الشديد  يصعب – مع الأسف – إدراك أنك مرهق .

من المحتمل أن الإجهاد والمرض والاضطراب الناجمة عن كوفيد-19 جعلت مزيداً من الناس يعانون الأرق، على الأقل على المدى القصير. وجد فيتيلو وآخرون أنه في حين أن حالات الأرق الشديد والمتوسط في جميع أنحاء العالم بقيت ثابتة إلى حد ما في العامين 2020 و2021، فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين أبلغوا عن أعراض خفيفة أو عن ’حد أدنى’. كما يبدو أن انقطاع النفَس الانسدادي النومي Obstructive sleep apnoea، وهو اضطراب تتدلى فيه الأجزاء الرخوة من الحلق فوق الممرات الهوائية وتقطع التنفس مؤقتاً، آخذ في الارتفاع في المملكة المتحدة. ربط الأطباء هذه الزيادة بارتفاع معدلات السمنة، مما يزيد من احتمال انسداد مجرى الهواء.

بالطبع لا يشير التعب في أثناء النهار دائماً إلى اضطراب في النوم: فقد تكون فقط تعاني آثار نمط الحياة الغربي. على سبيل المثال، الكحول قد يجعل الناس يغفون أسرع، ولكنه يفسد أيضاً بنية النوم. يمكن أن يؤدي تناول شراب أو اثنين قبل وقت النوم إلى تقليل مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM) – وهي المرحلة التي ترتبط عادةً بالحلم – وإلى مزيد من الاستيقاظ في أثناء الليل.

الهواتف المحمولة التي يعترف نحو ثلاثة أرباع البريطانيين بأنهم يُبقونها في غرف نومهم طَوال الليل، تتحمل مسؤولية كبيرة كذلك. يقول غروغر إن كلاً من الضوء المنبعث من شاشة الجهاز الإلكتروني والتحفيز الذهني من المعلومات التي تتصفحها يمكن أن يساهما في قلة النوم. إضافةً إلى ذلك يتعين على عديد من الأشخاص التعاملُ مع متطلبات العمل أو واجبات الرعاية التي تجعل من المستحيل الحصول على نوم ليلي من دون انقطاع.

«على الرغم من أننا قد ننسب – على الفور – الشعور بالبلادة في أثناء النهار إلى ليلة عصيبة، فقد لا نفكر أيضاً في لوم عادات أكلنا على النوم السيئ»

أياً كان سبب اضطراب النوم، فإن الحكم يبقى كما هو: إنه يؤثر في الكيفية التي تعمل وفقها كل أجزاء الجسم، وليس دائماً بالطرق التي نتوقعها. على سبيل المثال على الرغم من أننا قد ننسب على الفور الشعور بالبلادة في أثناء النهار إلى ليلة عصيبة، فقد لا نفكر أيضاً في لوم عادات أكلنا على النوم السيئ. ومع ذلك، فقد كشفت دراسات أن الحرمان من النوم يمكن أن يغير المسارات الهرمونية والعصبية التي تتحكم في الشهية وتخزين الدهون، وقد يعزز الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن.

وتُظهر أبحاث حديثة سلسلة من الروابط بين دوائر الدماغ التي تنظم النوم والجهاز المناعي، وأنظمة التخلص من الفضلات في أعضاء الجسم وحتى البكتيريا التي تعيش في أمعائنا. يقول رايت: «لقد بدأنا من فورنا في فهم كيف تعمل التفاعلات بين هذه الأنظمة».

قلة النوم
يرتبط المرسال الكيميائي أوركسين بمستقبلات أوركسين (أحمر) في الدماغ، مما يحث على اليقظة
قلة النوم
وجد البروفيسور جون غروغر أن البريطانيين في المتوسط ينامون سبع ساعات كل ليلة

العودة إلى النوم
ليس مدهشاً أن ارتفاع معدل انتشار الشكوى من مشكلات النوم وقلقنا بشأنها كان بمنزلة نعمة بالنسبة إلى مجال طب النوم والصناعة التي بنيت حوله. قدرت إحدى شركات أبحاث السوق العام الماضي السوق العالمية للمساعدة على النوم، مع جميع الأدوية والمكملات الغذائية وأجهزة التشخيص والمراتب المتخصصة بنحو 65 بليون دولار (52 بليون جنيه إسترليني تقريباً). عديد من هذه المنتجات تستند إلى بيانات علمية واهية أو معدومة. على سبيل المثال، في حين أن الأدلة من قصص متفرقة Anecdotal تحدثت عن فوائد محتملة للمكملات العشبية والغذائية مثل الناردين والميلاتونين، فإن الأدلة الإكلينيكية مخيبة للآمال.

يقول فيتيلو إن معظم المكملات الغذائية المتاحة من دون وصفة طبية غير مجدية لتحسين نومك (على الرغم من أن الميلاتونين يمكن أن يساعد على تقليل اضطراب النوم إثر رحلة جوية طويلة). «إنها دواء غُفل (وهمي) Placebos. إذا كنت تأخذها وتعتقد أنها تحسِّن نومك، فلا بأس بذلك، استمر. لكن عليك أن تدرك أنه لا توجد بيانات تؤيد استخدامها».

«طرأت بعض التحسينات الرئيسة على علاجات النوم في السنوات القليلة الماضية»

ومع ذلك طرأت بعض التحسينات الرئيسة على علاجات النوم في السنوات القليلة الماضية، خاصةً بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون اضطرابات أمكن تشخيصها إكلينيكياً، كما تقول بيرتيش التي قدمت استشارات لشركات تطور أدوية. يُعطى المصابون بالأرق في أكثر الأحيان مهدئات تحفِّز على النوم لمساعدتهم على النوم، ولكن فئة جديدة من العقاقير الموصوفة تسمى مضادات مستقبلات الأوركسين Orexin receptor antagonists تستهدف بدلاً من ذلك دوائر (دارات) الدماغ Brain circuits التي تُبقي الجسم مستيقظاً. وهي على وجه التحديد، تحصر (تمنع) تأثيرات هرمون أوركسين Orexin، وهو مرسال كيميائي Chemical messenger يبقينا متيقظين، ومن ثم تسهل علينا النوم. يقترح الباحثون أنه من المحتمل أنه مقارنةً بالأدوية القديمة، قد تنتُج عن هذا النوع من العلاج آثار جانبية – مثل الارتباك أو مشكلات الذاكرة خلال النهار. وقد حصل أحدث دواء منها وهو داريدوركسانت Daridorexant على الموافقة في العام 2022 في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للمرضى الذين يعانون الأرق منذ ثلاثة أشهر على الأقل. ومن المقرر أن يصير متاحاً في المملكة المتحدة في وقت لاحق من 2023.

تقول بيرتيش إن العلاج السلوكي المعرفي Cognitive behavioural therapy، وهو العلاج الذي يساعد الناس على تحديد السلوكيات وأنماط التفكير غير المفيدة وتغييرها، أظهر أيضاً بصورة متكررة فائدته في التجارب الإكلينيكية لدى مرضى الأرق. لا يحتاج الأمر بالضرورة إلى العلاج وجهاً لوجه مع طبيب نفساني: فقد أمكن العام الماضي من خلال الهيئة NHS توفير تطبيق يسمى Sleepio ثبتت فعاليته في الحد من الأرق. كما تتوافر اليوم للمصابين بانقطاع التنفس في أثناء النوم خيارات أكثر من قبل أيضاً، مع أجهزة جديدة للمساعدة على التنفس تحافظ على مجرى الهواء مفتوحاً، على الرغم من أن الأطباء غالباً ما يوصون أولاً بإنقاص الوزن عندما تكون الحالة مرتبطة بالسمنة.

تغيير نمط الحياة
إذا لم يكن اضطراب النوم هو سبب الشعور بالتعب، فمن المرجح أن تتحقق الفائدة من خلال تغيير نمط الحياة. يقول رايت إن التعرض لكثير من الضوء في أثناء النهار يمكن أن يساعد على إبقاء ساعة الجسم على المسار الصحيح، مما يجعل من السهل الدخول في إيقاع نوم منتظم Regular sleep rhythm والشعور بالتحسن عندما نكون مستيقظين. نشر رايت وزملاؤه أخيراً توصيات بشأن التعرض اليومي للضوء، بما في ذلك نصائح لخفض مستويات الضوء في الساعات الثلاث التي تسبق النوم وجعل بيئة النوم مظلمة قدر الإمكان.

يقول غروغر إن العادات الأخرى التي يوصَى بها عادة – مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والحد من تناول الكافيين، ومحاولة الاستيقاظ في الوقت نفسه كل صباح، وتجنب العمل والتوتر بالقرب من وقت الإخلاد إلى النوم – قد تبدو مملة، لكن الأبحاث تُظهر أنها يمكن أن تكون فعالة. خلصت تجارب إكلينيكية إلى أن جعل الناس يتبعون حصصاً من تمارين رفع الأثقال Weight training أو التمارين الهوائية (الأيروبيكس) Aerobics أو أي نشاط بدني آخر يؤدي في كثير من الأحيان إلى تحسينات معتدلة في جودة النوم، على سبيل المثال. على الرغم من أن معظم هذه الدراسات تستند إلى معلومات يدلي بها المشاركون أنفسهم حول مدى جودة نومهم، فإن بعضها يستخدم معدات مراقبة الدماغ التي تتعقب عدد مرات تقطع النوم وتقيِّم بنية النوم.

تستفيد هذه التوصيات أيضاً من فكرة شائعة في مجتمع البحث وهي أن التوقيت، ليس فقط للنوم ولكن للنشاط اليومي والراحة بصورة عامة، يؤدي دوراً مهماً في صحة الإنسان. رايت هو واحد من عدة باحثين يعملون حالياً على هذه الفكرة. وجد مختبرُه أن الآثار الضارة للعمل بنظام النوبات Shift work – يؤدي إلى اضطرابات النوم وهو مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان والسكري والحالات المزمنة الأخرى – قد تنجم جزئياً عن تعطيل التوقيت الطبيعي للوجبات وعواقب ذلك على التمثيل الغذائي والجهاز المناعي. يمكن أن يساعد تحسين فهم هذه الإيقاعات اليومية العلماء على تطوير علاجات جديدة، كما يقول رايت الذي عمل مستشاراً لشركة الأدوية سيركاديان ثيرابيوتكس Circadian Therapeutics ومقرها في المملكة المتحدة. ويضيف: «قد يتيح لنا ذلك فرصاً للمُضي قُدماً وضبط هذه الأنظمة لتحسين الصحة».

«في حين أن من المهم إعطاء الأولوية لنَيل قسط جيد من النوم، لا داعي لتأمل البيانات التي تجمعها الساعات الذكية»

في هذه الأثناء هناك شيء واحد يوصي الخبراء بألا نفعله، وهو أن نصير مهووسين بشأن نومنا. قد يبدو هذا طلباً صعب المنال، بالنظر إلى كل ما سبق. ولكن في حين أن من المهم إعطاء الأولوية لنيل قسط جيد من النوم، لا داعي لتأمل البيانات التي تجمعها الساعات الذكية أو تطبيقات الهاتف لمحاولة فهم كل دقيقة من كل ليلة.

تقول بيرتيش إن عديداً من أجهزة التتبع الشخصية تنتج بيانات غير موثوق بها على أي حال، خصوصاً لأي شيء أكثر تعقيداً من مجرد مدة ساعات النوم. عندما يتعلق الأمر بتحديد مراحل النوم، على سبيل المثال، سيستخدم العلماء مراقبة الدماغ، وتتبع العين، وتقنيات أخرى لتحديد متى يغفو شخص ما، ومتى يحلم، وما إلى ذلك. بدلاً من ذلك تعتمد الأدوات التي يمكن وضعها على معصمك على معدلات مثل معدل ضربات القلب ومقدار تقلبك في السرير. وتقول إن النتائج غير دقيقة بصورة مثيرة للضحك بالمقارنة. 

أعطِ الأولوية للنوم الجيد من خلال اتباع روتين لوقت النوم

تضيف بيرتيش أن التأمل في هذه المعلومات يمكن أن يكون له تأثير معاكس لما نريده منها. وتقول: «لقد رأى (الأطباء) الجانب السلبي لهوس الناس وقلقهم بشأن نومهم، وكيف يسبب ذلك في الواقع مشكلاتِ نوم أسوأ، لأنهم قلقون بشأنه».

يقول الباحثون إنه قد يكون من المفيد بدلاً من ذلك أن يبحث الأشخاص عن سبلٍ أو عادات سلوكية تناسبهم، سواء كان ذلك في تخصيص وقت في المساء لينعموا بالهدوء أو الخروج في الصباح فور الاستيقاظ من النوم. يقول فيتيلو إن اتباع روتين يمكن الالتزام به هو أمر أساسي.

يقول إن «أبسط نصيحة يمكنني تقديمها هي: تنظيم وقت الإخلاد إلى النوم والحصول على ساعات نوم منتظمة وعدم تغيير ذلك كثيراً». ويضيف أن من المهم العمل على التخلص من العادات السيئة: «تناول البيتزا بالصلصة الحريفة في السرير قبل الذهاب إلى النوم ليس بالأمر الصائب على الأرجح».


محطات تاريخية في طب النوم

القرن 1700
الطلب على العمل على مدار 24 ساعة في معامل النسيج والحدادة في بريطانيا عزز تشغيل عمال المناوبات. بعد قرون من ذلك ستقام صلة بين هذا النوع من الاضطراب في إيقاعات الجسم اليومية وارتفاع مخاطر الإصابة بكثير من الأمراض المزمنة.

1834
نشر الطبيب الإسكتلندي روبرت ماكنش Robert Macnish أفكاره حول النوم في كتاب فلسفة النوم The Philosophy Of Sleep. وفيه كتب عن الآثار السلبية للقهوة والقلق والحرارة الزائدة وأوصى «بكثير من التمارين في الهواء الطلق».

عقد 1880
تركيب أول أنظمة الإضاءة الكهربائية في المنازل في المملكة المتحدة، مما منح الناس القدرة على التحكم في دورات الإضاءة والظلمة في منازلهم.

1913
نشر الطبيب الفرنسي هنري بييرون Henri Piéron كتاباً بعنوان المشكلة الفسيولوجية للنوم The Physiological Problem Of Sleep. يمثل النص بداية مناهج العصر الحديث لأبحاث النوم وطب النوم.

1925
عالم الفسيولوجيا د. ناثانيال كليتمان Nathaniel Kleitman (يظهر في الصورة جالساً بجانب السرير)، المعروف باسم أبي طب النوم الحديث، أنشأ أول مختبر مخصص حصرياً لدراسة النوم.

1929
الطبيب النفسي الألماني هانز بيرغر Hans Berger (في الصورة) ’يكتشف’ تخطيط كهربية الدماغ أو EEG. باستخدام ابنه البالغ من العمر 15 عاماً كموضوع اختبار، تمكن لأول مرة من تسجيل موجات الدماغ البشري. الموجات الأولى التي رآها كانت وعينا ابنه مغمضتان، لذلك أطلق عليها اسم موجات ألفا. فتح ابنه عينيه، ولاحظ إشارة مختلفة أطلق عليها اسم موجات بيتا.

1958
حدد آرون ليرنر Aaron Lerner، طبيب الأمراض الجلدية الأمريكي، هرمون الميلاتونين Melatonin الذي يساعد على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ لدى الثدييات. سيستخدم المركب لاحقاً كدواء للتخفيف من اضطراب النوم الناتج عن الفارق في التوقيت بعد رحلة جوية طويلة.

1965
تعريف انقطاع النفس الانسدادي النومي (OSA). 

عقد 1970
بدأ عديد من الباحثين في الكشف عن الجينات التي تنظم إيقاعات الثدييات اليومية أو إيقاع الساعة البيولوجية. النتائج التي ستكافَأ بجائزة نوبل، مهدت الطريق لأبحاث جديدة حول سبب نومنا وسبب استيقاظنا.

2007
طرح أول هاتف iPhone في السوق. سيجد الباحثون لاحقاً أن الضوء المنبعث من الهواتف الذكية والأجهزة الأخرى يمكن أن يؤثر سلباً في جودة النوم. بحلول العام 2022، سيقول ثلاثة أرباع البريطانيين إنهم يُبقون هواتفهم في متناول اليد طوال الليل. 

2014
تصف المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) عدم كفاية النوم بأنه «أحد أوبئة الصحة العامة»، وسط تراكم الأبحاث التي تربط قلة النوم بزيادة مخاطر الإصابة بمشكلات صحية طويلة المدى.


كاثرين أوفورد  catherine offord
كاثرين صحافية تكتب مقالات في العلوم والطب والسياسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى