أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ابتكاراتمقابلات

مع تكنولوجيا الغد القابلة للارتداء، نحتاج إلى إعادة التفكير في حقوقنا كبشر

أليكس هيوز يتحدث إلى نيتا فرحاني، خبيرة أخلاقيات التكنولوجيا العصبية حول مستقبل الأجهزة القابلة للارتداء

من خلال التكنولوجيا، صار في إمكاننا تتبع خطواتنا ومعدل ضربات القلب وحتى عمر الأوعية الدموية لدينا. ولكن مع تقدم التكنولوجيا، هناك مقياس جديد صار متاحاً ويتعلق بموجات دماغنا. تعد ”أجهزة استشعار الدماغ“ Brain sensors الجديدة بكثير، ولكن كما توضح نيتا فرحاني Nita Farahany – وهي مؤلفة وأستاذة متخصصة في أخلاقيات التقنيات الناشئة – قد نحتاج إلى إعادة مناقشة مسألة مراعاة حقوقنا الأساسية كبشر استعداداً لها.

هل توجد حالياً بالفعل أجهزة يمكنها الوصول إلى موجات دماغنا؟
نعم، لكن المسألة تتعلق بما تقيسه وبدقتها. هناك الملايين من أجهزة الدماغ القابلة للارتداء تباع للمستهلكين في معظم أنحاء العالم. وهي تأتي على شكل عصابات رأس أو أجهزة استشعار يمكن دمجها في قبعة قاسية أو قبعة بيسبول لتتبع نشاط الدماغ. تضطلع الخوارزمية بتفسير هذا النشاط، لكن وظائفها في الوقت الحالي ما زالت محدودة. يمكنها قياس انتباه شخص ما ومشاركته، إذا كان ذهنه شارداً، والتقاط المشاعر الأساسية مثل التوتر أو السعادة أو الحزن.

تستثمر شركات التكنولوجيا الكبرى في دمج أجهزة استشعار الدماغ بالطريقة نفسها التي نرى بها أجهزة مراقبة معدل ضربات القلب في الساعات والخواتم، ودمج أجهزة استشعار الدماغ في الأجهزة اليومية مثل سماعات الأذن أو سماعات الرأس أو حتى أوشام يمكن لصقها. أعلنت بعض الشركات أنها تخطط لإطلاق واجهة عصبية كوسيلة للتفاعل مع بقية تقنيتنا في الواقع المعزز والافتراضي بحلول العام 2025.

ما الذي تقيسه أجهزة مسح الدماغ هذه في الواقع؟
هذه ليست أجهزة لقراءة العقل، ولا يمكنها فهم أفكارنا التفصيلية. إحدى التقنيات الشائعة المستخدمة هي تخطيط كهربائية الدماغ (EEG) التي تلتقط النشاط الكهربائي في عقلك عندما تفكر أو تشعر بشيء ما. تنشط الخلايا العصبية بإطلاق إشارات ترسل أنماطاً مميزة، مما يؤدي إلى إطلاق شحنات كهربائية صغيرة يمكن أن يلتقطها مخطط كهربائية الدماغ. ثم تفكك خوارزميات قوية شفرة هذه الأنماط. وبهذا يمكننا قياس الانتباه وشرود الذهن والمشاعر والعواطف الأساسية.

إذا وصلنا ذلك بشاشة يشاهدها شخص ما يمكننا أيضاً تتبع البيانات البيئية. مرر صور مرشحين من أحزاب مختلفة أمامي على الشاشة في حين يكون دماغي موصولاً بأجهزة استشعار وستتمكن من تصنيف ردود أفعالي وربطها بحزب معين. حاول باحثون أيضاً أن يمرروا خُلسة أرقام تعريف شخصية PIN أو عناوين في أثناء اللعب على الشاشة لمعرفة ما إذا كان يمكن اكتشاف التعرف على هذه المعلومات على نحو موثوق اعتماداً على بيانات موجات الدماغ.

إذا كنا قادرين على ”الدخول“ إلى الدماغ، فكيف سيؤثر ذلك في الصحة العقلية ومساحة الرفاه؟
هناك أجهزة معتمدة لعلاج الاكتئاب ليس بالارتجاع العصبي Neurofeedback ولكن أيضاً بالتحفيز الكهربائي للدماغ. يمكن استخدام البيانات لاكتشاف المراحل المبكرة من اضطرابات الصحة العقلية Mental health أو الاضطرابات العصبية بالطريقة نفسها التي يتتبع بها الأشخاص معدل ضربات القلب والتنفس وعدد الخطوات التي خطوها. 

من المحتمل أن يصير تتبع بيانات الصحة العقلية مسألة معتادة باستخدام هذه البيانات الموضوعية من الدماغ. هل تعمل بنحو أفضل في المنزل أو في المكتب، بناءً على مستويات التركيز والانتباه؟ هل أثر طعام أو شراب ما في نومك؟ يمكن تتبع كل ذلك بصحتك العقلية. تستثمر كثير من الشركات للولوج إلى الدماغ وتحويل ما تجده إلى بيانات قابلة للقياس.

هل يمكن أن يؤدي هذا إلى حالة من الهوس بصحة الدماغ؟
هذا ممكن بالتأكيد. نحن نعرف القليل جداً عن أدمغتنا، لكن ما نعرفه هو أن هناك تنوعاً بين عقول مختلف الأشخاص ونشاط أدمغتهم. في البدء قد تخطئ الخوارزميات في رصد شيء ما عصبي غير اعتيادي يحدث في أدمغة بعض الأشخاص. سيعمل الأشخاص أيضاً على دراسة بياناتهم الخاصة لمعرفة ما إذا كان هناك أي شيء يجب أن يقلقوا بشأنه. عندما يبدأ الناس في النظر إلى بيانات أدمغتهم، قد يبدؤون في الشعور بالقلق بشأن ما يرونه ويحتمل أن يقلقوا بلا داعٍ مما قد يسبب لهم مشكلات هم في غنى عنها.

في كثير من الأحيان، تُطور التكنولوجيا ومن ثم تُطرح مسألة الأخلاقيات في مرحلة لاحقة. ما الذي يمكننا فعله قبل المضي قدماً؟
أنا أدافع عن الاعتراف بالحق في الحرية المعرفية حالياً كحق من حقوق الإنسان الدولية. هذا يعني تحديث حقوقنا الحالية وتفسيراتنا لها.

تلك خطوة أولى جيدة: وضع إطار قانوني عالمي، ومعيار يعترف بأن تقرير مصير أدمغتنا وخبراتنا العقلية أمر أساسي. كما يعطي هذا الأولوية للبيانات الشخصية، مما يغلِّب حق المستهلكين في التحكم في معلوماتهم الشخصية على حق الشركة في استخدامها. وليس أن تكون قاعدة مسلماً بها تمكين الشركات من جمع هذه البيانات وتحويلها إلى سلعة واستخراجها وتحليلها لأي غرض تريده. نقطة البداية هي قلب النظام القائم الذي يعطي الأفضلية للشركات على حساب الأفراد، ومنح الأشخاص الحق في الحصول على البيانات المستخرجة من أدمغتهم.

ما الحرية المعرفية ولماذا هي مهمة جداً؟
واحدة من أكبر مشكلات التكنولوجيا التي نتحدث عنها هي المخاطر التي يمكن أن تطرحها على أدمغتنا. بمعنى أن يجري الوصول إلى أدمغتنا وتعقبها واختراقها بواسطة التقنيات بطرق تتعارض مع ازدهار الإنسان. الحرية المعرفية Cognitive liberty هي حق تقرير مصير أدمغتنا، وتحديث مفهوم الحرية للعصر الرقمي.

”يجب أن يشمل حق الإنسان في الخصوصية الخصوصية العقلية“

يجب أن يشمل حق الإنسان في الخصوصية الخصوصية العقلية. يجب تفسير الحق في حرية الفكر بما هو أبعد من مجرد الفكر الديني والمعتقد، لحماية أفكارنا القوية والصور في أذهاننا من إمكانية الوصول إليها. ويجب أن يمنحنا حق تقرير المصير الحق في الوصول إلى أدمغتنا وتغييرها إذا اخترنا الاضطلاع بذلك.

هل من المؤكد أنها تكنولوجيا للمستقبل أو يمكن أن ينتهي بها الأمر على غرار نظارات غوغل أو الميتافيرس؟
سأفاجَأ إذا لم ينجح الأمر. في نهاية المطاف ليس من المنطقي أن نعرف القليل جداً عن أدمغتنا. الأمراض العصبية والمعاناة آخذة في الارتفاع وتأثيرها في الفرد غير عادي. تتحسن صحتنا الجسدية ونحظى بفرصة العيش حتى عمر مديد، لكن صحتنا العقلية ورفاهنا Wellbeing آخذان في التدهور. إذا كان هذا النوع من التكنولوجيا يمنحنا الأدوات التي تمكننا من تولي مسؤولية صحة دماغنا، فيمكن أن تكون ثورية حقاً. إنها ليست شيئاً مستحدثاً لسنا في حاجة إليه، إنها أساسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى