أسبوع عمل ذو أربعة أيام: هل يمكننا أن نصبح أكثر إنتاجية بالعمل لوقت أقل؟
تحاول بعض الشركات الكبرى زيادة الإنتاجية عن طريق تقليل ساعات العمل دون تخفيض الأجور
في بداية العام أعلنت مؤسسة ولكام تراست Wellcome Trust أنها تدرس تقليص دوام جميع الموظفين البالغ عددهم 800 في مكتبها الرئيسي بلندن إلى أربعة أيام في الأسبوع، دون أي تغيير في الأجور، من أجل تحسين عافيتهم وإنتاجيتهم. وإذا مضت قدماً؛ فستكون أكبر شركة في العالم تُجري هذا التغيير.
الفكرة مستوحاة من الشركات الصغيرة التي أبلغت عن تحول ناجح. جدير بالذكر أن شركة بيربيتوال غارديان Perpetual Guardian النيوزيلندية جربت أسبوع العمل القصير على موظفيها البالغ عددهم 240 في ربيع عام 2018، ثم تبنت هذه السياسة بشكل دائم في شهر سبتمبر، مستشهدة بدراسة أجرتها جامعة أوكلاند Auckland University.
وجدت الدراسة أن الإنتاجية الكلية- من حيث تقييمات المشرفين للأداء- ظلت كما هي، لكن الموظفين كانوا أيضاً، في المتوسط، أقل توتراً وأكثر مشاركة، وأن موازنتهم بين العمل والحياة شهدت تحسنا.
وفي المملكة المتحدة تقل إنتاجية العمال عادة مقارنة بجيرانها الأوروبيين. ووفقاً لأحدث الإحصائيات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني، فإن العامل العادي في ألمانيا تزيد إنتاجيته بنسبة %25 عن العامل العادي في المملكة المتحدة، من حيث الناتج المحلي الإجمالي لكل ساعة عمل. وبمعنى آخر، يعمل الألمان بحلول يوم الخميس أكثر مما يحقق الإنجليز في الأسبوع بكامله (المتباهون).
يقول البروفيسور بول ريدفورد Paul Redford، عالم النفس المهني بجامعة غرب إنجلترا University of the West of England، إنه لا ينبغي لنا أن نأخذ هذه الإحصاءات بمدلولاتها الظاهرية. «هذه النتائج الوطنية الإجمالية في نهاية المطاف تحاول أن تبحث في الاختلافات الثقافية، ولكن ما تريد إلقاء نظرة عليه في الواقع هو الاختلافات التنظيمية. ماذا تفعل أكثر المؤسسات نجاحاً، بغض النظر عن ثقافاتها؟ «لا أعتقد أن هناك شيئاً متأصلاً في المملكة المتحدة مستوطناً في ممارسات العمل، أو ثقافة المملكة المتحدة أو تكوينها النفسي، وهذا يعني أننا كسولون أو أقل إنتاجية. قد نكون أقل تركيزاً- لا أعرف ما إذا كان هذا هو الحال- لكنني أعتقد أن الطريق إلى الأمام هو التفكير في الممارسات التنظيمية التي تؤدي إلى مخرجات ناجحة».
الموازنة بين العمل والحياة
أعلنت شركة بورسويت للتسويق Pursuit Marketing، التي يقع مقرها في غلاسكو، أن العمل في يوم الجمعة اختياري لجميع الموظفين في سبتمبر 2016. بعد الارتفاع الكبير في الإنتاجية بنسبة %37، الذي تنسبه مديرة العمليات لورين غراي Lorraine Gray إلى عامل التجديد. استقرت الإنتاجية الكلية على زيادة قدرها %30 تقريباً عما كانت عليه قبل التغيير. وتقول غراي: «أعتقد أن التغيير يعمل بشكل جيد في شركتنا لأنه جزء من ثقافة الرفاهية الشاملة. ويتفق الجميع على أن التركيز ينصب على الموازنة بين العمل والحياة، والتأكد من أن الجميع يمكنهم تحسين أنفسهم». ووجود وقت أقل لإتمام المهام نفسها يجبر الموظفين على العمل بكفاءة. «مجرد التحول إلى التفكير في» الكيفية التي يمكنني بها إنجاز عملي في وقت أقل؟ «يركز انتباه الموظفين على ما هو مهم أداؤه به. إنهم يتخذون المزيد من القرارات الاستراتيجية حول الإجراءات التي ستؤدي إلى مستويات أعلى من الإنتاجية». ويعد أسبوع العمل الذي يمتد من 9 صباحا إلى 5 مساء لمدة خمسة أيام في الأسبوع اختراعاً حديثاً نسبيّاً في تاريخ العمل الإنساني. وقد حدث نتيجة لكثير من الحملات الهادفة إلى تقليل ساعات العمل بمجرد أن وفرت الثورة الصناعية التكنولوجيا اللازمة لتحسين الإنتاجية إلى حد كبير. ويعتقد مؤتمر اتحادات العمال (اختصارا: المؤتمر TUS)
Trades Union Congress أن علينا مرة أخرى جني ثمار طفرتنا التقنية، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي والتشغيل الآلي، ومن ثم تقصير أسبوع عملنا. «من خلال تشجيع العمل المرتكز على المصانع، حولت الثورة الصناعية طبيعة العمل إلى دوام من 9 إلى 5. «طوال معظم تاريخ البشرية، لم نعمل وفقاً لمثل هذه الأنماط». ويضيف: «ما زلنا، من بعض الجوانب، نتبع ما وصل إليه أسلوب الصناعة فيما بعد عصر التصنيع، الذي أعتقد أنه ربما ليس إنسانيّاً جدا، في المجمل الأعم». ويقول أيضا: «أعتقد أن هناك مبالغة في التركيز على الإنتاجية. في بعض الأحيان، يقول مؤيدو التركيز على الرفاهية إنه من الجيد أن تتمتع بمستوى عالٍ من الرفاهية لأنها أكثر إنتاجية؛ أعتقد أن الرفاهية ليست هدفاً سيئاً بحد ذاتها».