تغلَّبْ على الإنفلونزا بالاستحمام بماء بارد
هناك أدلة متزايدة على أن أخذ حمام بالماء شديد البرودة في الصباح يمكن أن يقيك من المرض ويساعد حتى على بقاء ذهنك متقداً.
قدَّمتُ في الآونة الأخيرة مدونة صوتية (بودكاست) على إذاعة راديو 4 (Radio 4) من عشرة أجزاء بعنوان شيء واحد فقط Just One Thing، وتطرقتُ في كل حلقة- ومدتها 15 دقيقة- إلى العلم من وراء أمور بسيطة يمكن أن نضيفها إلى روتيننا اليومي، مثل تمارين القرفصاء Squats أو تناول مزيد من الأطعمة المخمَّرة أو المشي السريع في الصباح الباكر. لقي البرنامج نجاحاً وطُلب إليَّ على الفور إعداد مزيد من الحلقات. يمكن الاستماع إلى حلقات البودكاست الأصلية على BBC Sounds، حيث ستُبث أيضاً أحدث حلقات السلسلة الثانية.
تطرقت إحدى الحلقات، التي حظيت بأكبر إقبال من السلسلة الأولى، إلى مخاطر وفوائد غمر الجسم بالماء البارد. من أجل هذه الحلقة بدأتُ بأخذ حمام بارد كل صباح؛ أبدؤه برش جسمي ببعض الماء الساخن، ثم بدفق من الماء البارد المثلج مدة 45 ثانية تقريباً.
”الذين استحموا بالماء البارد أخذوا إجازات مرضية أقل بنسبة %30“
إنه بالتأكيد ينعشك تماماً، ولكن هل يوفر أكثر من ذلك؟ حسناً، هناك دراسة هولندية نُشرت في العام 2016 في مجلة PLOS One استُقطب خلالها 3,018 شخصاً عبر الإنترنت ثم قُسموا عشوائياً إلى مجموعة طُلب إليها الاستحمام بالماء البارد كل صباح مدةَ شهر، في حين تعين على مجموعة التحكم (المقارنة) Control group أن تواصل ما تفعله كالمعتاد. كما قُسم أولئك الذين طُلب إليهم أخذ دش بارد إلى ثلاث مجموعات طُلب إليها أن تفعل ذلك تباعاً مدة 30 ثانية أو 60 ثانية أو 90 ثانية.
خلال فصل الشتاء التالي، تفشى وباء الإنفلونزا، واتضح أن الذين استحموا بالماء البارد أخذوا إجازات مرضية أقل من %30 مقارنةً بأولئك الذين هم في مجموعة التحكم. ولم يبدُ أن هناك فرقاً بين المجموعة التي استحمت بالماء البارد سواء كان ذلك مدة 30 ثانية أو فترة أطول.
فيما يتعلق بتحسين الصحة الذهنية، لم أجد أي دراسات علمية متعلقة بالاستحمام، وحتى الادعاءات المطروحة بشأن فوائد السباحة في الماء البارد تعتمد كثيراً على خبرات متناقلة ودراسات الحالة أكثر منها على تجارب مُعشَّاة Randomised وفق ضوابط صارمة. ومع ذلك، يبدو أن باحثين من جامعة كيمبريدج Cambridge University قد وجدوا آلية حدوث ذلك. قبل بضع سنوات حددوا بروتين ”الصدمة الباردة“ Cold-shock protein. يسمى البروتين RBM3، وهو يرتفع لدى الفئران استجابة للتعرض لموجة برد مفاجئة، ويبدو أنه مهم لإنشاء روابط جديدة بين الخلايا العصبية في الدماغ. وفي الآونة الأخيرة، وجدوا مستويات أعلى من البروتين RBM3 في دم السباحين المنتظمين بالسباحة في الماء البارد.
إذا كنتَ تحب فكرة السباحة في الماء البارد خلال الأشهر المقبلة، فكن حذراً واذهب مع صديق أو انضم إلى نادٍ. قبل بضع سنوات كنت أسبح في الخارج مع زوجتي كلير، عندما صار كل شيء من حولي أسود فجأةً. بعد ساعات قليلة ذهبت إلى المستشفى. قالت كلير إنني سبحت إلى الشاطئ ثم نظرت حولي شارداً من دون أن أعرف أين كنت. اتضح أنني عانيت شيئاً يسمى ”فقدان الذاكرة الشامل العابر“ Transient global amnesia سببه الماء البارد. لحسن الحظ، مر بسرعة وقال لي الطبيب إنّه من غير المحتمل أن يحدث لي مرة أخرى. ومع ذلك، قررت في نهاية شهر سبتمبر أن أتوقف عن السباحة في الخارج، ولكنني سأستمر بأخذ حمام بارد في الصباح.