أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فيزياء

توليد ضوء فائق السطوع يمكن أن يغيِّر كل شيء

إن تحقيق الإنجاز المتمثل في توليد ضوء فائق السطوع في مساحة صغيرة هو أصعب مما يبدو، لكن العلماء يعتقدون أنه قد يكون ممكناً

تَعِد طريقة جديدة لتوليد ضوء فائق السطوع يخرق القوانين التقليدية لفيزياء الجسيمات، بإحداث ثورة تكنولوجية. يُمكن الحصول على ضوء فائق السطوع، وهو شكل من أشكال ”الضوء المتسق“ Coherent light، بواسطة جزيئات تتحرك على نحو متزامن Synchrony وليس على نحو مستقل. يخلق هذا التزامن نبضات Pulses مكثفة وذات سرعة هائلة تعمل على نطاق الأتو ثانية Atto-seconds – أو جزءٍ من ألف من مليون من بليون من الثانية.

في حين أن طول الآلات القادرة حالياً على توليد ضوء فائق السطوع يبلغ أميالاً، فقد توصل العلماء إلى وضع خطط للحصول على مصدر ضوء كهذا يمكن أن تسعه غرفة واحدة.

وقال الباحثون الذين يقفون وراء هذا التطوير لمجلة بي بي سي ساينس فوكس BBC Science Focus، إن مثل هذا الانجاز يمكن أن يؤدي إلى ”ثورة مجتمعية وتكنولوجية وعلمية مصغرة“.

وفي خطوة تهدف إلى إدخال تحسين جذري على الرعاية الصحية على مستوى العالم والتكنولوجيا المستقبلية، يمكن لآلة الضوء فائق السطوع الجديدة أن تجعل الأشعة السينية والعلاج الإشعاعي أقل تكلفة في المستقبل، وتتيح إنشاء شرائح حاسوب قوية. ويمكنها أيضاً توليد ضوء فائق السطوع يمكنه استكشاف المادة الكثيفة للنجوم والكواكب، مما يعمق فهمنا للسلوك الكوني، وفقاً للباحثين.

يُعَد الاكتشاف الجديد جزءاً من جهد عالمي لجعل مصادر الضوء فائق السطوع متاحةً على نطاق واسع؛ مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء للعام 2023 للعلماء الذين أنتجوا أشعة ضوئية تبلغ سرعتها أتو ثانية. ويهدف الباحثون الذين أعدوا هذه الدراسة الجديدة التي نشرت في دورية نيتشر فوتونيكس Nature Photonics، إلى أن يفعلوا الشيء نفسه، ولكن باستخدام آلة أصغر بكثير. ويقولون إن هذا من شأنه أن يمثل بَدء تقدم تكنولوجي وعلمي واسع النطاق في معظم أنحاء العالم.

”الفوتونات المتزامنة في الضوء المتسق تشبه إلى حد كبير ’أوركسترا إيقاعها مضبوط بمنتهى الدقة‘ “

تنتج مصادر الضوء العادية، مثل المصابيح الكهربائية أو الشمس، ضوءاً أبيض تتحرك فيه الفوتونات باستقلالية. هذا ”الضوء غير المتسق“ Incoherent light يشبه ”راديو غير محكم الضبط، نسمع من خلاله في الغالب ضوضاء إستاتيكية Static noise“، وفقاً لمؤلفي الدراسة. وبالمقارنة، فإن ”الفوتونات المتزامنة في الضوء المتسق تُشبه إلى حد كبير ’أوركسترا إيقاعها مضبوط بمنتهى الدقة‘“ .

استخدم العلماء في الدراسة عمليات محاكاة حاسوبية متقدمة لقياس الخصائص الفريدة لأشباه الجسيمات Quasiparticles التي تشكلها مجموعات من الإلكترونات التي تتحرك على نحو متزامن. يجري إنشاء أشباه الجسيمات من خلال مجموعة من الجسيمات التي تعمل معاً بطريقة تجعل من الممكن معها معاملتها على أنها جسيم واحد.

تُظهر هذه الفئة من الجسيمات عدداً من الخصائص المثيرة للاهتمام: يمكنها نظرياً التحرك بأي سرعة (حتى أسرع من الضوء) ويمكنها تحمُّل القوى الهائلة التي تحيط بالثقب الأسود. 

يقارن المؤلفون حركة أشباه الجسيمات في تجربتهم بحركة الحشود خلال المباريات التي تُعرف باسم الموجة المكسيكية: يمكن للموجة أن تنتقل حول الملعب بنمط أسرع من أي فرد، لكن كل مشارك يبقى في المكان نفسه.

وبالمثل لاحظ العلماء أن كل إلكترون على حدة يؤدي حركات بسيطة. لكن عندما انضمت معاً، اجتمعت الحركة الجماعية لتكوين موجة مكسيكية إلكترونية يمكنها التحرك أسرع من الضوء. ويشكل النظام بكامله شبه جسيم يمكن اعتباره إلكتروناً واحداً قادراً على إصدار فوتونات متزامنة إلى حد كبير جداً، ومن ثم ضوء ساطع جداً.

ومع ذلك لا ينبغي لنا أن نبالغ في توقعاتنا، يقترح ماركوس تشاون Marcus Chown. وتعليقاً على الدراسة التي لم يشارك فيها، قال الكاتب العلمي المرموق: ”إذا كان هذا النهج شبه الجسيمي قادراً بالفعل على وضع مصدر لنبضات ضوئية فائقة السطوع وقصيرة جداً على سطح طاولة، فسوف يحدث ثورة في العلم. ومع ذلك، ينبغي التأكيد على أن هذا مجرد احتمال نظري حتى الوقت الحالي“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى