أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الأعصاب

خريطة لخلايا الدماغ التي تجعلنا متميِّزين تُسطر ”لحظة محورية في علم الأعصاب“

يحاول العلماء منذ فترة طويلة فهم التعقيد الهائل للدماغ البشري. لهذا الغرض تعاون باحثون من مختلف أنحاء العالم لرسم خريطة لتركيبته الخلوية، واكتشفوا أن هناك أكثر من 3,000 نوع من الخلايا في الدماغ البشري، بينها مئات لم يعرفوا بوجودها.

وفي حديثه إلى مجلة بي بي سي ساينس فوكس BBC Science Focus، قال د. إد لين Ed Lein، كبير الباحثين وعالم الأعصاب من معهد ألين لعلوم الدماغ Allen Institute for Brain Science في سياتل: ”الدماغ هو عضو خلوي معقد على نحو مدهش… ويمكننا حالياً تحديد أنواع هذه الخلايا ورسم خريطة لها“. تمكن العلماء في دراسات سابقة من التعرف على أنواع خلايا الدماغ في مناطق معينة في القشرة (الجزء الخارجي من الدماغ). ووجدت هذه الدراسات أكثر من 100 نوع مختلف من خلايا الدماغ. وقد وسع البحث الجديد نطاق المسح ليشمل ما يقرب من 100 منطقة عبر الدماغ البشري بكامله، ووجد الآلاف من خلايا الدماغ المختلفة.

”فوجئ الباحثون عندما اكتشفوا أنه حتى أقدم أجزاء الدماغ (من الناحية التطورية)، معقدة جداً“

لم يسبق لأحد أن رأى هذا المستوى من التعقيد والتنوع في أجزاء كثيرة من الدماغ من قبل. وقد فوجئ الباحثون عندما اكتشفوا أنه حتى أقدم أجزاء الدماغ (من الناحية التطورية)، والتي كان يُعتقد سابقاً أنها بسيطة جداً، هي في الواقع معقدة جداً.

في الدراسة، استخدم العلماء من معهد ألين تقنية تُعرَف باسم التعبير الجيني للخلية الواحدة Single-cell transcriptomics –
أو ترانسكريبتوميكس-والتي تتضمن دراسة جميع الجينات التي يجري تشغيلها في الحمض النووي DNA لخلايا الدماغ الفردية. واضطلعوا في ما بعد الوفاة بتحليل أنسجة من أدمغة مُتبرع بها للعلم، وأنسجة حية صحية تبرع بها مرضى جراحة الدماغ.

د. إد لين، كبير الباحثين وعالم أعصاب

تُعَد هذه الدراسة جزءاً من مشروع ضخم لتوثيق وفهرسة حجم وتعقيد الدماغ البشري، وكانت واحدة من مجموعة مكونة من 21 ورقة بحثية نُشرت في وقت واحد في دوريات ساينس Science وساينس أدفانسيس Science Advances وساينس ترانزلاشونال ميديسين Science Translational Medicine.

وجدت إحدى الدراسات الأخرى التي أجراها أيضاً معهد ألين، أن الروابط بين أنواع خلايا الدماغ البالغ عددها 3,000 نوع هي أمر بالغ الأهمية لجعل كل واحد منا فريداً. قال لين إنه على الرغم من ”أننا جميعاً نتقاسم مخططاً مشتركاً ومجموعة من اللبنات الأساسية“، فإن هناك ”تبايناً في كيفية تجميع تلك اللبنات معاً وخصائص تلك الكتل التي تجعل كل فردٍ منا متميزاً عن الآخر“.

وفي بيان صحافي وصف لين الاكتشافات المشتركة بأنها ”لحظة محورية في علم الأعصاب“. وستساعد النتائج على إنشاء أطالس أكثر شمولاً للدماغ البشري، وكذلك أدمغة الرئيسيات Primates الأخرى. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تحسين فهمنا لأمراض واضطرابات الدماغ وقدرتنا على علاجها.

وأضاف لين، في حديث إلى مجلة بي بي سي ساينس فوكس: ”هذا يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ المراحل الأولى من مشروع الجينوم البشري. لقد بدأنا حالياً تلك الرحلة“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى