أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم الاجتماعيةعلم الإنسان

دعونا نعيد كتابة المستقبل

عبر تكرار أخطاء الماضي، نقضي على المستقبل. فقد حان الوقت لابتكار بعض الأفكار الجديدة

أليكس كروتوسكي Aleks Krotoski اختصاصية علم النفس الاجتماعي ومقدمة برنامج “الإنسان الرقمي” Digital Human على محطة BBC الإذاعية الرابعة

هل تصدقون أن عاماً قد مرَّ منذ أن أدى الوباء إلى وقف الأنشطة اليومية العادية لأول مرة؟ بينما نواصل الكفاح مع بدايتنا الجديدة وما هي القصص التي سنرويها عن الماضي، أريد أن أحكي قصة عن المستقبل.
ففي عام 2016 بدأتُ مشروعاً للكتابة بعنوان “علِّم طفلك الطباعة: مجموعة أدوات للقرن الحادي والعشرين”. وقد تعمدتُ أن يكون العنوان مستفزاً وموجهاً إلى مدونات الأمهات اللواتي توقعتُ أن يقرأنه في ظاهره ويمقتنني لأنني اقترحت أن نستعين باختصارات لوحة المفاتيح بدلاً من القلم والورقة. في الواقع، لم يكن ما كتبته دليلاً إرشاديا للأبوة أو الأمومة، بل مداخلة عن أفكار عفا عليها الزمن حول المستقبل والتفكير الموروث المستعصي الذي يعيقه.
إن النصائح الحديثة الموجهة إلى الأهل هي انعكاسٌ لطفولتنا وطفولة آبائنا وأمهاتنا أكثر مما هي تعبير عما سيكون مفيداً في عام 2036. فقد أثبتت نشأتي في سبعينات القرن الماضي في أمريكا على ما خبرته أمي في صغرها بعد الحرب في لانكشير، عندما حاول والداها الخارجان حديثاً من أهوال احتلال بولندا أن يفعلا ما في وسعهما لإعادة اختراع إنسانية أنها لا تفي بالغرض منها.
استندت توقعاتي لدخول مرحلة البلوغ إلى القصص التي سمعتها والدتي من والدتها. وشعر كل جيل بأنه يتعين عليه أن ينقل هذه القصص لمنحنا الأدوات اللازمة لتحقيق النجاح. لكنها قصص حافلة بتوقعات على صلة بالنوع الاجتماعي والسياسة والعرق والاستقامة، ومن يمكنه أن يتطلع إلى ماذا. فهذه الدروس هي ما نعتمد عليه لإخراجنا من الأزمات، لكنها تترك مساحة صغيرة لإعادة الابتكار في الزمن الحاضر، فيما سيؤدي في النهاية إلى تشكيل ما سيليه.
استُوحيت عبارة “علم طفلك الطباعة” من مبادرة “معرفة القراءة والكتابة المستقبلية” Futures Literacy التي أطلقتها منظمة اليونسكو. وتقول المنظمة إنّ معرفة القراءة والكتابة المستقبلية هي “المهارة التي تتيح للناس فهم دور المستقبل على نحو أفضل فيما يرونه ويفعلونه”. وفي ديسمبر 2020 افتُتح متحف تاريخ المستقبل The Museum of Future History. إنه تمرين افتراضي (في الوقت الحاضر) للكشف عن الكيفية التي تستعمر بها أفكار الماضي المستقبل. وهو يعرض الطرق التي تُحدّد بها الأجيال السابقة الحاضر بشكل استباقي، وما فقدناه نتيجة لذلك. إنه يدعو الناس إلى اختراق الماضي لتصميم المستقبل الآن، حتى نتمكن من تحرير الأجيال القادمة منا.
إذا بدا لكم هذا مربكاً الآن، فكروا فيما نمر به. كيف ستروون قصة كوفيد؟ من هم الفاعلون الرئيسيون؟ ما هي النصيحة التي ستقدمونها؟ عندما تُحل الأزمة الصحية العالمية المقبلة، ما الذي سيكون موضع ثقتكم؟ من الذي سيحصل على التقدير؟ ما هو الدور الذي سيُسمح لكم بأن تؤدوه؟ ما نتخيله حالياً يغير ما يمكننا إدراكه وما سنتخيله وما سنكون قادرين على فعله.
الاعتراف بأن الإجابات عن هذه الأسئلة طُبعت بداخلنا بسبب الماضي يعني أنه يمكننا الخروج بأفكار جديدة لحل المشكلات. فقد هيمن القلق بشأن عدم اليقين على الاثني عشر شهراً الماضية، وإذا تمكنا من سرد قصة تحرر المستقبل من هذا الشيء بحد ذاته، فسيكون أطفال اليوم قادرين على مواجهة كل ما يصادفونه في طريقهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى