سؤال الشهر
لويز ويلسون، كومبريا Louise Wilson, Cumbria
لماذا أشعر بغصة في حلقي عندما أكون على وشك البكاء؟
هذا إحساس شائع يُعرف باسم ”الإحساس الكروي“ Globus sensation أو ”البلعوم الكروي“ Globus pharyngeus في المصطلحات الطبية.
عادةً يكون سبب الشعور بوجود غصّة في الحلق هو شد العضلات في منطقة الحلق والرقبة. تشمل هذه العضلات عضلات البلعوم (الأنبوب الذي يربط فمك بالمريء) والعضلات المحيطة بالحنجرة (صندوق الصوت
Voice box).
عندما تختبرين مشاعر قوية، مثل الحزن أو الأسى، يخضع جسمك لتغيرات فسيولوجية مختلفة، ويمكن أن تتوتر عضلات حلقك أو تنقبض.
أحد الأسباب الرئيسة للإحساس بوجود غصّة في الحلق هو تنشيط نظام الاستجابة للضغط في الجسم، المعروف أيضاً باسم استجابة القتال أو الهروب Fight-or-flight response. عندما نكون في حالة مشحونة عاطفياً، يجري تحفيز الجهاز العصبي الودي، مما يؤدي إلى إطلاق هرمونات التوتر مثل الأدرينالين. يمكن أن تسبب هذه الهرمونات مجموعة متنوعة من الاستجابات الجسدية، بما في ذلك شد العضلات في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الحلق.
عندما يُشغل نظام الاستجابة للتوتر أو الضغوط، فإنه يحتاج إلى توصيل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم لتسهيل القتال أو الفرار. لإيصال الأكسجين إلى جميع عضلاتك، يحتاج جسمك أولاً إلى أن يتنفسه. وفي محاولة لاستيعاب مزيد من الأكسجين، يرسل الجهاز العصبي إشارات إلى المزمار – الفتحة الموجودة في الحلق والتي تساعد على إدخال الهواء إلى الرئتين – لتبقى مفتوحة أطولَ فترة ممكنة. بمعنى آخر: ينفتح حلقك أوسع من المعتاد، لأن الفتحة الأكبر تعني إمكانية دخول مزيد من الأكسجين.
أنتِ لا تشعرين في الواقع بانفتاح المزمار على نحو واسع، ولكن قد تشعرين بتوتر العضلات الناجم عن محاولة جسدك إبقاءَ فتحة المزمار مفتوحة حتى عند البلع. وهذا يخلق شعوراً بالانقباض أو إحساساً يشبه الغصّة في حلقك.
إضافة إلى ذلك، يمكن أيضاً أن يتأثر الشعور بغصة في الحلق بالعوامل النفسية. يمكن أن يكون للعواطف تأثير عميق في أحاسيسنا الجسدية، كما أن توقع البكاء أو التعبير عن مشاعر قوية يمكن أن يؤدي إلى شد عضلات الحلق.
على الرغم من أن الأمر قد يبدو مزعجاً وحتى مؤلماً، فإن هذا الإحساس لن يؤذيك. إذا كانت الغصّة تشعرك بعدم الراحة، فهناك بعض الاستراتيجيات التي قد تساعد. أولاً، يمكن أن يساعد أخذ نفس بطيء وعميق على استرخاء العضلات وتقليل التوتر في منطقة الحلق. ويمكن أن يكون اتباع تقنيات الاسترخاء مثل تمارين التنفس العميق أو التأمل أو ممارسات اليقظة الذهنية مفيداً أيضاً.
في بعض الحالات يمكن أن يساعد طلب الدعم العاطفي من خلال التحدث إلى صديق موثوق به أو أحد أفراد الأسرة أو المعالج النفسي على معالجة المشاعر الكامنة التي قد تساهم في هذا الإحساس. إضافةً إلى ذلك فإن تقنيات إدارة التوتر، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم والمشاركة في الأنشطة التي تعزز الاسترخاء، يمكن أن تكون مفيدة في تقليل التوتر والقلق بوجه عام. NM
Victoria Shields, Via Email
كيف يمكن اكتشاف التزييف العميق؟
برمجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative artificial intelligences (AIs) عبارة عن شبكات عصبية كبيرة ”عميقة“ متعددة النماذج أمكن تدريبها على كثير من الصور ومقاطع الفيديو والنصوص المرتبطة بها. أعطِ نموذجاً مدرباً وصفاً للصورة التي تريدينها، وسيتمكن من ابتكار صور جديدة تتطابق معها. يستطيع الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل DALL-E 2 أو Midjourney، إنشاء صور جديدة رائعة لأي شيء تقريباً، بأي أسلوب تريدينه، سواء للصور الواقعية وحتى الرسوم المتحركة.
إذا دمجنا قوة الذكاء الاصطناعي التوليدي مع ذكاء اصطناعي آخر يمكنه التعرف تلقائياً على الأشخاص في الصور ومقاطع الفيديو، فسنحصل على قوة فنان المؤثرات الخاصة: يمكنك على نحو غير مرئي تقريباً تبديل وجه شخص أو جسمه. ثم يمكن استخدام ذكاء اصطناعي آخر لإعادة إنتاج الصوت ويمكن حينها تزييف الصور ومقاطع الفيديو تماماً، مما يجعلها تبدو كأنها شخص آخر يتكلم ويتحرك في حين أنه لم يكن موجوداً، أو حتى يمكن إزالة الشخص بالكامل وملء الخلفية، كما هي الحال في الدراما التي تعرضها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) The Capture. هذا تزييف عميق.
أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية مذهلة، غير أن التكرارات الأولى لهذه التكنولوجيا عانت أخطاء بسيطة لكن يمكن اكتشافها. انظري إلى التفاصيل، خاصة إذا كان هناك جسم غير منتظم مثل يد أو فرع يمر عبر الوجه، وقد ترَين عدم اتساق حيث تظهر لمحات من الوجه الأصلي. ابحثي عن الألوان أو الظلال أو الخلفيات غير المتطابقة. وابحثي عن أشياء قد يكون وجودها في الصورة مستحيلاً أو غريباً، مثل أيدٍ غريبة، أو قدم مدمجة في شجرة، أو حتى كثير من الأذرع.
عديد من هذه العلامات التي تشي بالحقيقة تختفي مع تحسن التكنولوجيا. هذا هو التأثير الجانبي المؤسف لإنشاء برامج أقوى لتحرير الصور والفيديو، فمع كل تحسين للبرمجيات يصير من الأسهل على أي شخص إنشاء معلومات مضللة وتزييف عميق لا يمكن اكتشافه. تحاول شركة أدوبي Adobe التي تطور هذا النوع من البرمجيات أيضاً توفير برمجيات التحقق من صحة المحتوى؛ حتى نتمكن في المستقبل من معرفة ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي. دعونا نأملْ أن ينجحوا. PB
كريستيان باركر، عبر البريد الإلكتروني Christian Barker, Via Email
هل صحيح أن إفريقيا تنقسم إلى قسمين؟
من السهل أن ننسى أن الأرض تحت أقدامنا تتحرك باستمرار، وأن القارات التي نقف عليها ليست أكثر من مجرد صفائح تكتونية رقيقة تطفو وتتدافع فوق كرة متموجة من الصخور الساخنة. على مدار فترات زمنية جيولوجية تمتد ملايين السنين، وهذه الصفائح التكتونية تحتكُّ بعضها ببعض، وتتفكك، وتتعرض لاصطدامات شديدة بطيئة الحركة تشوه حوافها وتحنيها، فترفع سلاسل الجبال وتوسِّع المحيطات.
تحدث هذه العمليات عادة ببطء غير محسوس، إذ لا تتجاوز الحركة سوى بضعة سنتيمترات في السنة – أو بسرعة نمو أظافر قدميك. ولكن بين الفترة والأخرى، يحدث شيء يذكرنا بأن الكوكب مضطرب في داخله.
شهد العالم دليلاً مذهلاً على ذلك في مارس 2018، عندما حدث صدع هائل في الأرض في جنوب غرب كينيا. ظهر التمزق فجأة بعد هطول أمطار غزيرة، وبلغ طوله عدة كيلومترات، وابتلع جزءاً من طريق نيروبي-ناروك السريع.
موقع الصدع، داخل الوادي المتصدع الكيني، أعاد إشعال جدل استمر عقوداً حول ما إذا كانت إفريقيا ستنشطر يوماً ما إلى جزأين. يُعَد الوادي جزءاً من منطقة تسمى صدع شرق إفريقيا East African Rift، وهي واحدة من أكثر المناطق التي تشهد نشاطاً تكتونياً في العالم. ويمتد الصدع الذي بدأ يتشكل قبل نحو 25 مليون سنة، على مسافة مذهلة تبلغ 3,500 كيلومتر (2,174 ميلاً)، من البحر الأحمر في الشمال وصولاً إلى موزمبيق في جنوب شرق القارة الإفريقية. يحدث النشاط الزلزالي والبركاني على طوله بالكامل، وهو المسؤول عن تكوين الجبال بما في ذلك كليمنجارو وجبل كينيا.
في الماضي اعتقد العلماء أن إفريقيا تقع على صفيحة تكتونية واحدة. ولكن منذ سبعينات القرن العشرين، تزايدت الأدلة على أن الصفيحة الإفريقية تنقسم على طول صدع شرق إفريقيا إلى صفيحتين جديدتين يُطلق عليهما اسم الصفيحتين النوبية والصومالية.
وما زال الجيولوجيون وعلماء الجيوفيزياء يناقشون الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث ذلك. النظرية الرائدة الحالية هي أن أعمدة الحرارة Plumes of heat داخل وشاح الأرض Mantle تجعل الغلاف الصخري (القشرة والوشاح العلوي الصلب) تحت قبة كينيا وإثيوبيا تتمدد. وقد ولَّد الغلاف الصخري المترقق ثورانات بركانية ضخمة تسمى البازلت الفيضي Flood basalts – فهي تنفث الحمم البركانية المتدفقة من الشقوق الناشئة مثل مياه الفيضانات – وكسر القشرة القارية الهشة إلى سلسلة من الصدوع. من الأعلى تبدو هذه الصدوع التي تشكل معاً الوادي المتصدع الأكبر، مثل شقوق عميقة وأحواض مستطيلة تفصلها مناطق من الأراضي المرتفعة.
تُظهر قياسات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على امتداد صدع شرق إفريقيا، أن الصفيحتين النوبية والصومالية تتباعدان بمعدل متوسط يبلغ 7 ملم (0.2 بوصة) سنوياً، مما يُحدث انفصالاً في القارة على نحو بطيء. حالياً ما زال الصدع فوق مستوى سطح البحر، ولكن مع اتساعه، ستغرق الأرض داخل الوادي. وفي نهاية المطاف يمكن أن تتدفق إليه مياه المحيط، وتفصل منطقة القرن الإفريقي بكاملها عن البر الرئيس. ما زالت النقاشات دائرة ولا يوجد حكم نهائي إن كان هذا سيحدث، ولكن إذا حدث فسيستغرق الأمر عشرات الملايين من السنين. ويعد البحر الأحمر وخليج عدن أمثلة على انقسامات مماثلة حدثت في مراحل أكثر تقدماً من التطور.
أما بالنسبة للصدع الذي أثار قلق العالم في العام 2018، فإن الجيولوجيين متفقون عموماً حاليا على أنه كان صدعاً موجوداً في السابق، ولم يكتشف لأنه كان ممتلئاً بالرماد البركاني الناتج عن الانفجارات البركانية في الماضي البعيد. لقد بان فجأة في أثناء هطول الأمطار الغزيرة عندما انهارت الطبقات العميقة من الرماد المشبع بالمياه. وزال الهلع، في الوقت الحالي على الأقل. CP