مراقبة ولادة النجوم والمجرات الأولى هي هدف يسعى إليه علماء الفلك منذ عقود. وحالياً طوَّر فريق عالمي طريقة لرصد هذه النجوم القديمة من خلال النظر عبر سُحب الضباب التي ملأت الكون بعد نحو 378,000 سنة من الانفجار الكبير (العظيم) Big bang.
سيسمح البحث، وهو جزء من تجربة الراديو لتحليل الهيدروجين الكوني Radio Experiment for the Analysis of Cosmic Hydrogen، (اختصاراً: التجربة REACH)، لعلماء الفلك برصد أقدم النجوم من خلال دراسة هذه السحب الهيدروجينية البدائية باستخدام التلسكوب الراديوي.
قال الباحث الرئيس د. إيلوي دي ليرا أسيدو Eloy de Lera Acedo، من مختبر كافنديش في كيمبريدج Cambridge’s Cavendish Laboratory: “عند تكوين النجوم الأولى، كان الكون فارغاً بمعظمه ويتكون في معظمه من الهيدروجين والهيليوم. بسبب الجاذبية اجتمع هذان العنصران في النهاية وكانت الظروف مناسبة للاندماج النووي، وهو ما شكل النجوم الأولى”. وأضاف أن هذه النجوم “كانت محاطة بسحب من الهيدروجين المحايد التي تمتص الضوء جيداً، لذلك من الصعب اكتشاف أو رصد الضوء خلف السحب مباشرة”.
لدراسة الفجر الكوني ينظر العلماء إلى خط الهيدروجين أو خط 21 سنتيمتراً وهو طول موجته، وهي إشارة مميزة لوجود الهيدروجين. وهي دائماً نفسها في المصدر، مما يعني أنها إشارة يمكن التعرف عليها للبحث عنها في بيانات التلسكوب الراديوي. لذلك عندما يُوجه التلسكوب في اتجاه معين، يمكن استخدام هذا الخط لتمييز الهيدروجين الأقدم والأبعد عن المادة الأصغر والأقرب. يمكن أن تخبرنا الإشارة أيضاً عن النجوم المختبئة خلف الهيدروجين، حيث يسخن الضوء الصادر من هذه النجوم ويؤين سحب الهيدروجين، مما يؤثر بدوره في هذه الإشارة. لذلك، من خلال النظر إلى إشارة الراديو من الهيدروجين، يمكننا أن نعرف كثيراً عن هذه النجوم الأولى.
أجرى العلماء عمليات محاكاة باستخدام هوائيات متعددة لتقليد عملية رصد حقيقية لتحسين موثوقية البيانات، في حين اعتمدت الأرصاد السابقة على هوائي واحد.
قال دي ليرا أسيدو: “لقد تخلينا عن استراتيجيات التصميم التقليدية، وبدلاً من ذلك ركزنا على تصميم تلسكوب مناسب للطريقة التي نخطط بها لتحليل البيانات – شيء يشبه التصميم العكسي… يمكن أن يساعدنا هذا على قياس الأجرام من الفجر الكوني وحتى حقبة إعادة التأيُّن، عندما أعيد تأين الهيدروجين في الكون”.
كان على الفريق التغلب على مشكلات مثل التشوهات Distortions التي تدخل على الإشارة التي يتلقونها. إضافةً إلى ذلك من المتوقع أن تكون الإشارة المراوغة التي يبحث عنها الفريق أضعف بنحو 100 ألف مرة من إشارات الراديو الأخرى الآتية من السماء، مثل تلك الصادرة من مجرتنا.
مع اعتماد طريقة البحث الصحيحة، من المتوقع أن تُجرَى عمليات الرصد الأولى من التجربة REACH في وقت لاحق من هذا العام.