ما الغرافيتونات، وهل هي موجودة بالفعل؟
ربما كانت الغرافيتونات Gravitons هي جوهر التحدي الأكبر في الفيزياء النظرية: البحث عن «نظرية كل شيء»– وهي مجموعة من المعادلات التي تصف كل القوى والجسيمات في الكون. ولعقود من الزمن، كافح المنظرون من أجل توحيد نظرية آينشتاين للجاذبية، المعروفة بالنسبية العامة (GR)، مع نظرية الكم Quantum theory، التي تصف العالم تحت الذري. ويرجع ذلك لأن لكل نظرية منهما منظوراً مختلفاً جذريّاً حول قوة الجاذبية. ووفقاً لآينشتاين، تشوه المادة نسيج المكان والزمن المحيطين بها؛ مما يخلق تأثير مجال القوة الجاذبة. ولكن نظرية الكم تصف جميع القوى من حيث ما يعرف بـ«الجزيئات التبادلية»
Exchange particles، التي تتطاير بخفة من مكان إلى آخر. وفي حالة الجاذبية تعرف تلك الجسيمات بـ«الغرافيتونات».
ويعتقد معظم المنظرين بضرورة وجود الغرافيتونات؛ لأن نظرية الكم أوضحت كل قوى الطبيعة. ولكن لا يوافق الجميع على ذلك. فلم يتم التحقق بنجاح من أي نظرية تدعي التوحيد بين نظريتي الكم والنسبية العامة؛ مما أثار شكوكاً بأن الجاذبية ربما لا تشبه أي قوة أخرى- وفي هذه الحالة ربّما لا توجد الغرافيتونات.
وحتى لو كانت موجودة، فإن العثور عليها مسألة أخرى. وتتنبأ نظرية الكم بأنه نظراً للجاذبية نطاقا لا نهائيا فعليّاً، فلابد أن تكون للغرافيتون كتلة منخفضة بشكل مذهل. وتشير دراسات موجات الجاذبية (الموجات التثاقلية) الناتجة من تصادم الثقوب السوداء إلى أن الجاذبية يجب أن تكون أخف من الإلكترون بمقدار بليون بليون بليون مرة على الأقل.
الجاذبية هي إلى حد بعيد القوة الأساسية الأضعف في الطبيعة. ويعني هذا أن أي مجس للجاذبية يجب أن يكون هائلاً بشكل لا يصدق وأن يوضع بالقرب من مصدر قوي للغرافيتونات. وتشير الحسابات إلى أنه حتى ولو وجد مجس بكتلة كوكب المشتري نفسها الذي يدور حول جرم غريب، مثل نجم نيوتروني Neutron star (وهو مصدر قوي محتمل للغرافيتونات)؛ فسيجد صعوبة في اكتشاف أي شيء.