أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الفشار

مرحبـاً بالـظلام، صديقي القـديـم

مع حلول المساء، هل يمكن أن يكون تقبلنا للظلام مفيداً؟

حياة أفضل
من خلال العلم
عندما حل ذلك الوقت من جديد. وعادت الساعات إلى الوراء لجأ عديد منا إلى مصابيح الإضاءة التي تُستخدم في العلاج الضوئي لمن يعانون الاكتئاب الشتوي (اختصاراً: المصابيح SAD) ومكملات الفيتامين D والوجبات الغنية بالكربوهيدرات لمساعدتنا خلال ليالي الشتاء الطويلة المعتمة.

مثل عديد من الحيوانات، تكيفت دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية لدى البشر بالتزامن مع نمط النهار والليل

 

ولكن ربما كانت هناك طريقة أخرى للتعامل مع تغير الموسم. ماذا لو تقبلنا الظلام واحتضناه؟

في الأوقات المناسبة وبالكميات المناسبة، يساعد الظلام أجسامنا على الراحة والشفاء، ويحسِّن إدراكنا وصحتنا العقلية، ويقلل من مخاطر الإصابة بأمراض مختلفة.

وذلك لأن الإيقاعات اليومية Circadian rhythms لساعتنا البيولوجية، أو ساعات الجسم، لا تُحفّز فقط عن طريق الضوء، ولكن أيضاً عندما لا يعود الضوء موجوداً.

تقول البروفيسورة فيكتوريا ريفيل Victoria Revell التي تبحث في علم الإيقاعات اليومية Circadien physiology الذي يُعنى بتأثير العمليات الفسيولوجية الداخلية للكائنات الحية بناء على الدورة اليومية للضوء والظلام وتنظيمها في مركز أبحاث النوم في ساري Surrey Sleep Research Centre: ”لتحسين نومك، عليك أن تبقى في مكان معتم قدر الإمكان مع أقل قدر ممكن من عوامل التشتيت. نحن نعلم أن هناك عواقب صحية لانقطاع النوم المتكرر. إنه مرتبط بأشياء مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري من النوع الثاني وزيادة خطر الإصابة بالسرطان“.

في العام 2022، وجد باحثون من جامعة نورث وسترن Northwestern University أن التعرض حتى للضوء المعتدل في أثناء النوم يمكن أن يضر بوظيفة القلب والأوعية الدموية (الضوء يحفز الجهاز العصبي الودي، مما يرفع معدل ضربات القلب ويولد مقاومة للأنسولين في الصباح).

وجدت دراسة أخرى من جامعة هارفارد Harvard University أن مستويات السكر في الدم ترتفع عندما نتعرض للضوء في الليل.

 ويُعتقد أن المصادر الاصطناعية للضوء الأزرق، مثل الهواتف الذكية والأجهزة المماثلة، لها التأثير المحفز نفسه في أجسامنا مثل ضوء النهار. الأبحاث المتعلقة بهذا الأمر ليست قاطعة بعد، لكن في إحدى الدراسات التي أجريت في العام 2017 أخذ باحثون من جامعة كولورادو بولدر Colorado Boulder مجموعة من المتطوعين للتخييم، بعيداً عن أضواء المدينة ومن دون هواتف ذكية أو أضواء كشافة. كانت نار المعسكر هي الضوء الإضافي الوحيد المسموح به. ووجدت الدراسة أن رحلة التخييم ”أعادت ضبط“ الساعة البيولوجية للمتطوعين، حين ينام الناس ويستيقظون في الوقت المناسب بالتزامن مع إيقاعاتهم اليومية الداخلية.

ومثلما يحفز ضوء الصباح اليقظة ويدعم وظيفة المناعة والصحة العقلية، فإن الجسم يستجيب أيضاً للظلام. مثلاً تنتج الغدة الصنوبرية Pineal gland الميلاتونين (المعروف أيضاً باسم هرمون دراكولا Dracula hormone) كاستجابة مباشرة للظلام.

في دراسة كولورادو، بدأ المشاركون في المعسكر إنتاج الميلاتونين أبكر بساعتين. تقول ريفيل: ”يرتبط الميلاتونين بفتح ‘بوابة النوم’ Sleep gate. إنه يبدأ عملية التهدئة والاستعداد للنوم“.

كما أنه موضوع بحث على صلة بمجموعة من الحالات الصحية. الصورة غير مكتملة، لكن المستويات الأعلى من الميلاتونين ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطان.

إذا كنا نعاني نقص الظلام، فإن الانتقال إلى الوضع المعتم الدائم ليس الحل أيضاً. تظهر الأبحاث أن العاملين في المناوبات الليلية وغيرهم من الذين ينشطون في الظلام أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض بما في ذلك مرض السكري وأمراض القلب والسمنة.

باختصار، نحن في حاجة إلى كل من الضوء والظلام، ونحتاج إليهما في الأوقات المناسبة. يقترح بعض الباحثين أن الحل في اعتماد نمط ”الإضاءة القديمة“ Paleo lighting أي العيش مثل أسلافنا القدماء من خلال التعرض لأكبر قدر من ضوء النهار في النهار وإبقاء الأشياء معتمة في الليل.

مع حلول الليل، ماذا لو فكرنا جدياً في الأمر؟ SF

الخلاصة
اعمل على تحسين فرصك في الحصول على قسط وافر من النوم في الليل بالتعرض للضوء الطبيعي في النهار والابتعاد عن الضوء الاصطناعي بعد حلول الظلام.

إيان تايلور Ian Taylor

إيان كاتب علمي مستقل ونائب رئيس التحرير السابق لمجلة بي بي سي ساينس فوكوس BBC Science Focus

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى