أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الفشار

هل يستطيع الذكاء الاصطناعي التغلب على البشر في حرب حقيقية؟

لا داعي للقلق بشأن انتفاضة الروبوتات. يمكننا دائماً سحب القابس، أليس كذلك...؟ أليس كذلك؟

ستيفن كيلي Stephen Kelly

يتخيل فيلم الخيال العلمي الجديد The Creator مستقبلاً تكون فيه البشرية في حالة حرب مع الذكاء الاصطناعي. لا يعد هذا مفهوماً جديداً للخيال العلمي، لكن الاختلاف الرئيس هنا – على عكس فيلم The Terminator مثلاً – هو أنه يأتي في وقت بدأ فيه الاحتمال يبدو كأنه حقيقة علمية أكثر من كونه خيالاً.

مثلاً صدر خلال الأشهر القليلة الماضية عديد من التحذيرات بشأن ”التهديد الوجودي“ الذي يمثله الذكاء الاصطناعي. ليس فقط لأن هذه الأنظمة قد تتمكن يوماً ما من كتابة هذا العمود أفضل مني (هذا غير محتمل، وأنا واثق بأنكم ستوافقون على ذلك)، ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى تطورات مخيفة في الحرب، تطورات يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.

القلق الأكثر وضوحاً هو المستقبل الذي يُستخدم فيه الذكاء الاصطناعي لتشغيل الأسلحة بنحو مستقل بدلاً من البشر. يستشهد بول شار Paul Scharre، مؤلف كتاب ”أربع ساحات قتال: القوة في عصر الذكاء الاصطناعي“ Four Battlegrounds: Power in the Age of Artificial Intelligence، ونائب رئيس مركز الأمن الأمريكي الجديد، بالمثال الأخير لتحدي AlphaDogfight الذي أطلقته وكالة مشروعات الأبحاث الدفاعية المتقدمة (the Defense Advanced Research Projects Agency) وتُسمى اختصاراً DARPA، وهو جهاز محاكاة جوي يتحدى خلاله طيار بشري الذكاء الاصطناعي.

يقول شار: ”لم يقتصر الأمر على تفوق الذكاء الاصطناعي على الطيار وهزيمته 15 إلى صفر فحسب، بل إنه أدى حركات لا يستطيع البشر الاضطلاع بها؛ وعلى وجه التحديد، طلقات نارية عالية الدقة في أجزاء من الثانية“.

ومن هنا يثير احتمال منح الذكاء الاصطناعي القدرة على اتخاذ قرارات بشأن الحياة أو الموت أسئلة حرجة. مثلاً ماذا سيحدث إذا ارتكب الذكاء الاصطناعي خطأ وقتل مدنياً عن طريق الخطأ؟ يقول شار: ”سيكون ذلك جريمة حرب. والصعوبة في الأمر هي أنه قد لا يكون هناك من يمكن محاسبته“.

ومع ذلك، في المستقبل القريب، الأرجح أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي في الحرب في التكتيكات والتحليل. يقول شار: ”يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد على معالجة المعلومات على نحو أفضل وجعل الجيوش أكثر كفاءة… أعتقد أن الجيوش ستشعر بأنها مضطرة إلى أن توكل مزيداً ومزيداً من عمليات صنع القرار إلى الذكاء الاصطناعي، لأن الجيش بيئة تنافسية بلا رحمة. إذا كانت هناك ميزة يمكن اكتسابها، وخصمك يستخدمها وأنت لا، فأنت في وضع غير مؤاتٍ إلى حد كبير“.

ويقول شار إن هذا يمكن أن يؤدي إلى سباق لتطوير الأسلحة المجهزة بالذكاء الاصطناعي وحيازتها، على غرار السباق لحيازة الأسلحة النووية. ويقول: ”وضع بعض العلماء الصينيين فرضية عن التفرد في ساحة المعركة. [هذه هي] النقطة التي تتجاوز فيها سرعة اتخاذ القرار المعتمد على الذكاء الاصطناعي سرعة قدرة الإنسان على الفهم. ويتعين على البشر فعلياً تسليم المفاتيح للأنظمة المستقلة لاتخاذ القرارات في ساحة المعركة“.

ولكن بالطبع في مثل هذا السيناريو، ليس من المستحيل أن نفقد السيطرة على ذلك الذكاء الاصطناعي – أو حتى أن ينقلب ضدنا. ولهذا السبب فإن سياسة الولايات المتحدة تقوم على أن يكون البشر دائماً على علم بأي قرار يتعلق باستخدام الأسلحة النووية. يقول شار: ”لكننا لم نرَ أي شيء مماثل لدى دول مثل روسيا والصين. لذا فهو مجال من المشروع ينبغي أن يثير قلقنا“.

إذا حدث الأسوأ، وأعلن الذكاء الاصطناعي الحرب علينا، لا يبدي شار تفاؤلاً بشأن فرصنا في كسب المعركة.

يقول ضاحكاً: ”ما أعنيه هو: هل يستطيع الشمبانزي الفوز في حرب ضد البشر؟ إن أفضل أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تلعب الشطرنج ليست فحسب بجودة أساتذة الشطرنج أنفسهم؛ بل إن كبار الأساتذة لا يمكنهم أن ينافسوها. حدث ذلك بسرعة كبيرة. وقبل خمس سنوات فقط لم تكن هذي هي الحال“.

ويضيف: ”نحن نبني أنظمة ذكاء اصطناعي تزداد قوة لا نفهمها ولا يمكننا التحكم فيها، ونطبقها في العالم الحقيقي. أعتقد أنه إذا كان في إمكاننا بالفعل بناء آلات أكثر ذكاءً منا، فسنواجه كثيراً من المشكلات“.


الحكم النهائي
إذن، من شِبه المؤكد أن الذكاء الاصطناعي المحارب يمكنه التغلب على البشر. حسناً، أخيراً تتطابق الأفلام العلمية مع علم الحياة الواقعية! ولكن، مهلاً…


 ستيفن كيلي (StephenPKelly@)
ستيفن كاتب في الثقافة والعلوم متخصص في التلفزيون والسينما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى