أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
س&ج

هل كانت الديناصورات ذاتَ دم بارد؟

إذا قرأت كتباً قديمة عن الديناصورات، فستلاحظ أنها تصور تي. ريكس T. rex وبرونتوسورس Brontosaurus على أنهما وحشان ثقيلان يشبهان السحالي أو التماسيح. كان يُعتقَد في السابق أن الديناصورات لديها التمثيل الغذائي Metabolism نفسه لذوات الدم البارد (خارجية الحرارة Ectothermic) مثل الزواحف. بمعنى آخر، لم يمكنها التحكم في درجات حرارة أجسامها داخلياً، ولذلك اعتمدت على بيئتها لتسخين نفسها، ولهذا السبب تضخمت وتحركت ببطء.

ومع ذلك، في أواخر ستينات وسبعينات القرن العشرين، بدأ علماء الحفريات يشككون في هذه الصورة النمطية. وبيَّن اكتشاف أنواع نشيطة ورشيقة شبيهة بالطيور مثل ديْنونيكوس Deinonychus أن بعض الديناصورات كانت أسرع وأذكى وأكثر رشاقةً وحيويةً وأسرع نمواً مما افتُرض سابقاً. جادل خبراء بارزون من هذا الجيل، مثل جون أوستروم John Ostrom وروبرت باكر Robert Bakker، بأن الديناصورات كانت من ذوات الدم الحار (داخلية الحرارة Endothermic)، ولديها الفسيولوجيا نفسها مثل الطيور والثدييات. وافترضوا أن الديناصورات يمكنها التحكم بدقة في درجات حرارة أجسامها والحفاظ عليها ثابتة ومرتفعة، بغض النظر عن بيئتها.

خلال العقود الأربعة الماضية واصل علماء الأحافير النقاش حول هذه المسألة. وصار مقبولاً حالياً على نطاق واسع أن الديناصورات كانت بالفعل أكثر نشاطاً، مع معدلات أيضٍ ونمو مرتفعة مقارنة بالزواحف. لكن هل حققت ذلك من خلال الدم الحار المناسب، أو من خلال آلية أخرى؟ لا توجد إجابة نهائية بعد.

يجب أن نتذكر أن الطبيعة ليست بيضاء أو سوداء. والحيوانات ليست دائماً من ذوات الدم البارد أو من ذوات الدم الحار. هناك حالات وسيطة، وتقترح فرضية جديدة أن الديناصورات كانت “معتدلة الحرارة” (متوسطة الحرارة Mesotherm): كان يمكنها التحكم إلى حد ما في درجات حرارة أجسامها، ولكن ليس بدقة بالغة، وتمكنت أنواع عديدة من أن تحافظ من دون تدخل فاعل على دفء أجسامها من خلال حجمها الهائل. مع ذلك نعلم أن طيور اليوم من ذوات الدم الحار، وأن الطيور تطورت من ديناصورات مثل ديْنونيكوس، لذلك في مرحلة ما خلال الانتقال التطوري من الديناصورات إلى الطيور، لا بد أن الديناصور صار من ذوات الدم الحار. لكن متى وكيف؟ هذه هي الألغاز الكبيرة التي تحتاج إلى حل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى