هل القطط أذكي أو الكلاب؟
في خط النهاية في المنافسة بين الحيوانات الأليفة، نقيس القدرات الذهنية لأصدقائنا المحبوبين
د. زازي تود DR ZAZIE TODD
يتكرر على نحو دائم السؤال حول أيهما أذكى، القطط أو الكلاب؟ لا أحد ينكر أن أدمغة الكلاب تكون عادة أكبر (خاصةً إذا كانت من سلالة أكبر). والكلاب لديها أيضاً عدد أكبر من العصبونات (الخلايا العصبية) Neurons، إذْ وُجد أن كلباً واحداً من نوع غولدن ريتريفير Golden Retriever لديه 623 مليون عصبون في القشرة الدماغية، مقابل 429 مليوناً في كلب أصغر و250 مليوناً في قطة. ولدى الكلاب أيضاً عدد أكبر من الخلايا العصبية في أدمغتها بوجه عام.
ولكن بالطبع، ليس عدد الخلايا العصبية هو المهم، بل ما نفعله بها. اهتم العلماء بإجراء أبحاث على الكلاب أكثر من القطط، لذا فإن قدرات الكلاب مفهومة على نحو أفضل. وبالطبع فإن دراسة القطط الأليفة أمر صعب لأنها لا تحب الذهاب إلى مكان مختلف، مثل المختبر مثلاً (تخيل كيف تختبئ لدى إحضار حاملة القطط).
ومع ذلك فقد تمكن العلم من قياس حيواناتنا الأليفة المفضلة، بناءً على ثلاثة أنواع رئيسة من الذكاء.
الذكاء الاجتماعي
إحدى طرق تقييم قدرة الحيوان على فهم الحالات العقلية للآخرين (الإدراك الاجتماعي) هي من خلال ما يُسمى نموذج المهمة غير القابلة للحل Unsolvable task paradigm.
إنه اختبار بسيط. إذْ بعد أن يتعلم الكلب إخراج الطعام من الوعاء، يُغلق الوعاء بطريقةٍ لا يمكن الوصول معها إلى الطعام. ثم يراقب العلماء لمعرفة ما إذا كان الكلب سينظر إلى إنسان قريب طلباً للمساعدة. النظر، من شخص إلى العبوة وتكرار ذلك، هو شكل من أشكال الإشارة المرجعية أو سلوك ”الإظهار“ Showing، وهو ما يعادل الإشارة إلى شيء ما عند الكلاب.
عندما تواجه الكلاب لغزاً غير قابل للحل مثل هذا، فإنها تنظر بالفعل إلى شخص قريب منها. وإذا حضر صاحبها مع شخصٍ غريب، فإنها تنظر إلى صاحبها فقط في بعض الدراسات، وتنظر إلى الاثنين في الأخرى. ليس من الواضح لماذا. ولكن إذا فتح شخص محدد العبوة على الدوام، في حين تولى شخص آخر ملأها دائماً، تلاحظ الكلاب ذلك وتنظر أكثر إلى الشخص المناسب لحل مشكلتها.
” في حين أن بعض القطط تحدق بين الطعام الذي لا يمكن الوصول إليه والإنسان، فإن الأغلبية ببساطة تستمر في محاولة الحصول عليه بنفسها“
كل هذا مُفادُه أن الكلب يتمتع بذكاء عالٍ. ولكن ماذا عن القطط؟ هناك عدد أقل من هذه الدراسات على القطط، ولكن في إحدى التجارب، تمكنت الكلاب والقطط من العثور على قطعة مُخفاة من الطعام الذي لا يمكن الوصول إليه عندما أشار شخص إليها. على عكس الكلاب، لم تطلب معظم القطط المساعدة. في حين أن بعض القطط قد تنقل نظرها بين طعام لا يمكنها الوصول إليه وإنسان في المكان، فإن غالبيتها تستمر ببساطة في محاولة الحصول عليه بنفسها.
ومع ذلك تتمتع القطط ببعض المهارات في التواصل البصري. وجدت دراسة أخرى أن القطط تنقل نظرها على نحو أكبر بقليل بين الإنسان وعلبة الطعام إذا كان من المستحيل فتحُها، مقارنة مع ما يحدث عندما يكون من الممكن فتح العلبة عن طريق حل لغز.
وجدت هذه الدراسة أيضاً أن القطط تتفاعل أكثر مع العبوة والإنسان إذا كان ذلك الشخص غافلاً، كما يمكنها معرفة ما إذا كان الشخص يوليها اهتماماً أو لا (وهو أمر يمكن للكلاب أيضاً فعله).
العدّ
دعنا نفترضْ أنك تعطي عادة حيوانَك الأليف ثلاثَ قطع من طعامه المفضل في المرة الواحدة. ثم في يوم من الأيام أعطيته قطعة واحدة فقط. هل ستلاحظ قطتك أو كلبك ذلك؟ هل يمكنها أن تعد؟ بالتأكيد، في كلتا الحالتين.
لاختبار ”التمييز الكمي“ Quantity discrimination، يقدم العلماء خيارات غذائية مختلفة (قطعة واحدة مقابل ثماني قطع من الطعام، مثلاً) ويراقبون أيها يختار الحيوان. إذا اختار دائماً العدد الأكبر، فستعرف أنه قادر على تمييز الفرق. تظهر هذه الدراسات أن القطط والكلاب البالغة يمكنها تمييز الكمية، كما تفعل ذلك القطط الصغيرة والجراء البالغة من العمر شهرين، ولكن ليس تماماً.
والأهم من ذلك أن كلا النوعين يعتمدان على البصر ”لعد“ الكمية الأكبر من الطعام، في حين أن الحواس الأخرى ليست بالفعالية نفسها. مثلاً، عندما كانت الكلاب قادرة فقط على شم رائحة الطعام، لم تتمكن من اختيار الكمية الأكبر على نحو موثوق به.
الوعي بالذات
في اختبار المرآة، توضع علامة (مثل صبغة حمراء أو ملصق) على الحيوان ثم يوضع أمام المرآة. الفكرة هي أنه إذا نظر إلى المرآة وحاول إزالة العلامة، فهذا يظهر أنه يتعرف على نفسه. البونوبو والشمبانزي والأسماك المنظفة هي من بين الحيوانات التي تجتاز الامتحان. ماذا عن القطط والكلاب؟ حسناً، كلاهما فشل في هذا الاختبار البصري.
ولكن ماذا عن الرائحة؟ أجرى عالم الأحياء د. مارك بيكوف Marc Bekoff اختبار ”الثلج الأصفر“ Yellow snow مع كلبه جيثرو Jethro. في تجربة (مقرفة بعض الشيء)، وجد بيكوف أن جيثرو كان مهتماً أكثر بالثلج المُلطَّخ ببول كلب آخر أكثر من اهتمامه بالثلج الملطَّخ ببوله، حتى لو نُقل من دون أن يراه.
أعدت البروفيسورة ألكسندرا هوروفيتز Alexandra Horowitz اختبار الوعي بالذات أو اختبار مرآة ”الرائحة الكريهة“ بإضافة رائحة من طحال كلب مريض ومتوفى إلى بول كلب سليم. ووجدت أن الكلاب تقضي وقتاً أطول في شمّ بولها عند إضافة الرائحة، مقارنة ببول كلب لم تعرفه. باختصارٍ اجتازت الكلاب هذا الاختبار بنجاح. ماذا عن القطط؟ حسناً، استناداً إلى الوقت الذي تقضيه في الشمّ، نعلم أن القطط يمكنها التعرف على برازها وتمييزه عن براز القطط المألوفة وغير المألوفة. يشبه هذا اختبار الثلج الأصفر الذي أجراه بيكوف، ولكن يجب إضافة رائحة أخرى لجعله اختبار مرآة ”الرائحة الكريهة“. وللأسف، لم يُجرب ذلك بعد مع القطط في المختبر.
الحكم النهائي
”إحدى طرق التفكير في الأمر هي أن نتساءل عمّا إذا كان في إمكان الكلاب والقطط تدبُّرُ أمرِها من دوننا. في هذه الحالة، ستكون معظم القطط بخير“
إن التحلي بالذكاء ينطوي على كثير من العوامل المختلفة، في عديد من السيناريوهات المختلفة. وينبغي لنا ألا نحكم على الذكاء من منظورنا البشري فحسب. إحدى طرق التفكير في الأمر هي أن نتساءل عمّا إذا كان في إمكان الكلاب والقطط أن تتدبر أمرَها من دوننا. في هذه الحالة، ستكون معظم القطط بخير ويمكنها توفير طعامها بسهولة. قد تتدبر بعض الكلاب أمرها، لكن البعض الآخر سيواجه صعوبات.
بالطبع هناك فروق فردية، والكلب أو القطة التي بجانبك على الأريكة قد تكون أو لا تكون أكثر ذكاءً من المتوسط. إن جيناتها، وتنشئتها الاجتماعية، وتجاربها المبكرة، وحياتها اليومية، كلها تُحدث فرقاً.
ربما يمكننا جعلها أكثر ذكاءً من خلال تدريبها (نعم، حتى القطط يمكن تدريبُها بالتعزيز الإيجابي Positive reinforcement). لا نعرف على وجه اليقين، ولكن من الممكن أن التنشئة الاجتماعية الإضافية والتدريب الذي تحصل الكلاب عليه عادة يمنحانها الأفضلية عند مواجهة المهام التي تتطلب مساعدة من الآخرين.
من المحتمل أن تُحدث السلالة فرقاً أيضاً. فلنأخذ مثلاً مشروع الكلب العبقري Genius Dog Project، الذي يبحث أي الكلاب يمكنها حفظ أسماء 10 ألعاب على الأقل. جميع ”الكلاب العباقرة“ تقريباً كانت من فصيلة كلاب الرعي Border collies، ولكن هناك ”عباقرة“ في سلالات أخرى وسلالات مختلطة أيضاً. لا توجد قطط معروفة يمكنها فعل ذلك، لكنها قدرة نادرة حتى لدى الكلاب.
في النهاية، كل من الكلاب والقطط تتمتع بذكاء مدهش، ولكن بطرق مختلفة. لذا فإن أفضل ما يمكنك فعلُه هو أن تحب حيوانك الأليف كما هو.
(@CompAnimalPsych)
زازي هي خبيرة في سلوك الحيوان ومؤلفة كتابين الأول بعنوان: هز الذيل: العلم وراء جعل كلبك سعيداً Wag: The Science of Make Your Dog Happy
والثاني بعنوان: الخرخرة: العلم وراء جعل قطتك سعيدة Purr: The Science of Make Your Cat Happy.