Apple Vision Pro: خبير في الواقع الافتراضي يُصدر حكمه
يشرح ديفيد ريد، أستاذ الذكاء الاصطناعي والحوسبة المكانية، لماذا تتصدر أبل مسار الواقع الافتراضي
لا تُعرَف عن شركة أبل ريادتها اًفي مجال التكنولوجيا الجديدة. وسواء تعلق الأمر بهواتفها الذكية أو مشغلات الموسيقى أو أجهزة الحاسوب، نادراً ما تكون الأولى في طرح مثل هذه المنتجات والتكنولوجيا المتصلة بها.
بدلا من ذلك، تنتظر أبل مرور بضع سنوات، وتقدم التكنولوجيا، وبعد أن يُصدر منافسوها عدداً قليلاً من الإصدارات من أجهزتهم، تطل أبل وتطرح أول نسخة لها من التكنولوجيا، مع تقنية متطورة وقوية وأنيقة ودائماً باهظة الثمن.
بعد سنوات من بدء ازدهار الواقع الافتراضي، أدلت أبل أخيراً بدلوها، وكشفت النقاب عن أول سماعة رأس للواقع الافتراضي. قد تكون متأخرة في دخول السوق، لكن أبل خطت خطوتها المعتادة، فكانت أفضل نموذج نراه على الإطلاق في الواقع الافتراضي إلى اليوم.
ولكن ما الذي يجعل مشروع أبل الأول في عالم الواقع الافتراضي متميزاً؟ تحدثنا إلى ديفيد ريد David Reid، أستاذ الذكاء الاصطناعي والحوسبة المكانية من جامعة ليفربول هوب Liverpool Hope University ليخبرنا عن ذلك.
مزج الوقائع
على عكس بعض المحاولات السابقة لسماعات رأس الواقع الافتراضي، يستخدم جهاز أبل فيجن برو Vision Pro صيغةَ الواقع المختلط Mixed reality format. هذا يعني أنه بدلاً من تعتيم العالم من حولك، تمزج سماعة الرأس بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي.
ضع سماعة الرأس وستتمكن من التفاعل مع شاشة عائمة افتراضية فوق مكتبك أو لعب الألعاب في غرفة المعيشة أو جعل العالم الحقيقي أكثر متعة وتسلية.
”بنحو أساسي، هذا أقوى من حاسوب Macbook Pro. إنه فعلياً حاسوب تربطه حول وجهك“
يقول ريد: ”نقطة البيع الأساسية هنا هي أن أبل تحاول توسيع ما نعنيه بالميتافيرس Metaverse. حيث تستند ميتا Meta إلى الواقع الافتراضي، لذا تنظر أبل إلى الواقع المعزز، وتضع هذه العناصر الافتراضية في العالم من حولك“.
ويضيف: ”هناك نظرية تُعرف باسم الحوسبة المكانية Spatial computing. تقوم الفكرة على أن الآلة يمكنها الاحتفاظ بمرجعيات للأشياء الحقيقية في العالم والتلاعب بها. هذا ما تفعله شركة أبل هنا وتضطلع به على نحو قابل للتصديق“.
هذا لا يعني أن سماعة الرأس غير قادرة على استخدام الواقع الافتراضي. من خلال تبديل مفتاح موجود على جانب سماعة الرأس، يمكن للمستخدم تغيير مقدار ما يريد حذفه من العالم من حوله.
مع توفير القدرة على الوصول إلى كل من الواقع الافتراضي والمختلط، تتطلع أبل إلى تقديم أفضل ما في العالمين. على الرغم من أنها ليست أول من يفعل ذلك، فإن أبل هي أول من يفعل ذلك مع قوة المعالجة الكبيرة هذه.
قدرة عالية
ما تتفوق فيه أبل حقاً على أقرانها موجود داخل سماعة الرأس. تستخدم أبل شريحتين منفصلتين مع جهاز Vision Pro: الأولى لمعالجة الرسومات وخوارزميات الرؤية وتشغيل البرنامج؛ والأخرى تركز حصرياً على معالجة المدخلات من الكاميرات وأجهزة الاستشعار والميكروفونات.
يسمح هذا الإعداد المزدوج بعرض الصور من دون تأخير خلال 12 مللي ثانية. من الناحية النظرية تنتُج عن هذا تجربةُ واقع افتراضي أكثر سلاسة وانسيابية، وخالية من الحركات المفاجئة والقوية التي قد تخرجك من سياق التجربة.
يقول ريد: ”بنحو أساسي، هذا أقوى من حاسوب Macbook Pro. إنه فعلياً حاسوب تربطه حول وجهك. أنا متأكد من أن هذا سيعني كثيراً من التطبيقات الجديدة والطرق الجديدة ليس فقط للعب الألعاب، ولكن للعمل والتواصل الاجتماعي وحتى مجرد تصفح الإنترنت“.
ويضيف: ”ستكون قادراً على فعل أشياء خلاقة واحترافية لا يمكن أن تفعلها باستخدام أجهزة الحاسوب التقليدية. غيرَ أنه نظراً إلى ارتفاع سعرها فإن قلة سيستخدمونها في البدء، ولكن مع انخفاض سعرها تدريجيا وإتاحتها لشريحة أوسع، ستقود أبل الطريق إلى الواقع الافتراضي“.
إلى جانب المعالجات القوية قدمت أبل عدداً من الميزات الفريدة الأخرى. لقد تخلت عن أدوات التحكم لتحل مكانها أدوات تعقُّب قوية للعين يمكنها أن تحدد بدقة ما تنظر إليه.
تتضمن سماعة الرأس 12 كاميرا وخمسة أجهزة استشعار تتابع حركات اليد وتمسح البيئة الخارجية. ترسل اثنتان من هذه الكاميرات ما يقرب من بليون بكسل في الثانية إلى الشاشة تلتقط قراءات العالم الحقيقي حول المستخدم.
لتوفير مستوى إضافي من الانغماس زودتها أبل بسماعات إدخال على جانبي سماعة الرأس. تحتوي سماعات الصوت هذه على سماعات أذن صغيرة ذات مشغلين صوتيين بجوار الأذنين مباشرةً. تضطلع هذه الأقراص بتحليل الخصائص الصوتية للغرفة، وتكييف الصوت ليلائم الفضاء الذي يقف فيه المستخدم.
يقول ريد: ”تحتوي سماعة الرأس على 12 كاميرا ونظام تتبع معقد. يتطلب ذلك قدراً هائلاً من قوة المعالجة، لكن أبل تمكنت من توفير ذلك. وعلى الرغم من أن هذا وحده كافٍ لإثارة الحماس، فإن أبل أضافت إلى ذلك مجموعة كاملة من الميزات المتطورة الأخرى“.
مشكلة دوار الحركة
في جميع إصدارات الواقع الافتراضي، هناك مشكلة رئيسة ابتُليت بها التكنولوجيا، وهي دوار الحركة. ليس مفاجئاً أن يشعر الناس بالغثيان بوجود شاشتين صغيرتين على بعد بضع بوصات من أعيُنهم تعرضان لقطات تتحرك بسرعة.
إذن هل وجدت أبل حلاً لهذه المشكلة؟ نوعاً ما. يقول ريد: ”إنها أفضل، لكن ما زالت غير مثالية. المشكلة الرئيسة في دوار الحركة في الواقع الافتراضي هي ما اصطُلح على تسميته التضارب بين التقارب والاستضباب Vergence-Accommodation Conflict“، ويُعرف اختصاراً بالمشكلة VAC.
التضارب بين التقارب والاستضباب في جوهره مشكلة نواجهها عندما يتلقى الدماغ إشارات غير متطابقة بين مسافة جسم افتراضي ثلاثي الأبعاد ومسافة التركيز المطلوبة للعينين للتركيز على هذا الشيء.
يحدث هذا كثيراً مع الواقع الافتراضي بسبب قرب الشاشة. حالياً لا يوجد حل لهذا الأمر مع الواقع الافتراضي، ولكن عدداً من الشركات (بما في ذلك أبل) تعمل على تطوير تكنولوجيا يمكن أن تحل المشكلة.
يقول ريد: ”حاولت أبل تقليل دوار الحركة قدر الإمكان. بتقليل التأخير، واستخدام شاشات عالية الجودة، صنعت أبل سماعة رأس هي الأفضل فيما يتعلق بمشكلة دوار الحركة“.
ما زال المستخدمون يصابون بدوار الحركة، وسيظل ذلك بالنسبة إلى البعض مشكلة على الدوام عند التفاعل مع الواقع الافتراضي. ولكن يبدو أن شركة أبل تتقدم على منافسيها في الحد من المشكلة قدر الإمكان.