العودة إلى المدرسة
بعد شهور من التعليم المنزلي يعود الأطفال إلى الفصول الدراسية. كيف يمكننا تسهيل الانتقال ومساعدة المعلمين المنهكين؟
أليكس كروتوسكي Aleks Krotoski اختصاصية علم النفس الاجتماعي، ومقدمة برنامج “الإنسان الرقمي” Digital Human على محطة BBC الإذاعية الرابعة.
منذ مارس 2020 انتظرتُ حلول شهر سبتمبر؛ لأنه الشهر الذي تفتح فيه المدارس أبوابها من جديد. إنه الوقت الذي يمكن أن تتلقى فيه طفلتي تعليمها على يد محترف لا يتخبط وسط أوراق العمل ويخوض نقاشات خلال مكالمات جماعية عبر الهاتف ويختلق الأعذار لتأخره عن التسليم في المواعيد المحددة. وستكون ابنتي مع أطفال من عمرها يتحدونها بطرق لا علاقة لها بكمية ما تأكل ومتى تنام أو كم شاهدت من مسلسل الرسوم المتحركة فامبيرينا Vampirina في ذلك اليوم. سبتمبر هو الوقت الذي يمكنني أن أحظى فيه ببعض الراحة.
لا يشاطرني كثيرون الرأي على وسائل التواصل الاجتماعي التي أتابعها. إذْ بمجرد أن أصدر الرئيس الأمريكي إعلانه بشأن إعادة فتح المدارس انهالت الصيحات الغاضبة عبر مواقع التواصل “فكر في الأطفال”، “فكر في المعلمين”.
صدقوني، أنا فعلاً أفكر فيهم.
كنت أحد الأهالي المنسقين للفصل، والمنسق هو الذي يسهل التواصل بين أولياء الأمور والمعلمين، في السنة التي واجهنا فيها الجائحة. وعندما انتقلنا إلى نيويورك، اعتقدتُ أن الانضمام إلى مثل هذه المجموعة سيكون وسيلة مفيدة للتعرف على العائلات الأخرى في مدرسة ابنتي الجديدة.
في البداية، كان دوري مختصرا على إرسال ملاحظات من الاجتماع الشهري، ولكن منذ مارس إلى يونيو، تطور الأمر إلى أن أصير بمثابة درع بشرية بين حشد غاضب من الآباء المذعورين والمعلمين الذين كانوا يعتقدون، حتى تلك اللحظة، أن وظيفتهم هي ضبط غرفة مليئة بأطفال في سن ست سنوات. فقد اتضح أن الآباء هم كابوس حقيقي.
ومع اقتراب موعد العودة إلى المدرسة أشعر بتعاطف مع هؤلاء المعلمين. وبعد صيف ممتلئ بالإحباط والصدمة ستكون هناك بعض التوقعات الكبيرة عند بوابات المدرسة. أنا واثقة من أن المؤسسة التي نرسل أطفالنا إليها ستعمل على إيجاد حلول لمعالجة مخاوف التلاميذ. وأنا شخصياً أريد أن أعرف ما يسعنا فعله لدعم المعلمين الذين يتعين عليهم التعامل معنا.
تقول عالمة النفس الإكلينيكية الدكتورة تارا كوينليفان Tara Quinlivan التي كتبت مدونة مؤثرة بعنوان “العودة إلى المدرسة. نهج من واقع الصدمة” Return to school. A trauma-informed approach، “المعلمون يساعدوننا…. إنهم في الحقيقة عاملون غير معترف بجهدهم في رعاية الأطفال على الخطوط الأمامية وفي تقديم الدعم المعنوي لهم”. يوجه المعلمون أطفالنا، ويدعمونهم، ويواسونهم عندما تسوء الأمور. ويزودونهم بمهارات تساعدهم على تحقيق النجاح في الحياة. لا يُعقل أن نتهجم عليهم. لكننا فعلنا ذلك. وتقول كوينليفان: “إنهم ‹مستقبِلون› لمحنتنا ومخاوفنا كآباء. لكننا لا نستقبل بالضرورة محنتهم ومخاوفهم بالطريقة نفسها”.
فماذا يمكننا أن نفعل؟ إن الجهد العاطفي لاستقبال قلقنا وتوترنا – ناهيك عن قلق وتوتر أطفالنا – عمل شاق، وليس هذا ما توقع المعلمون أن يكابدوه. وتقول كوينليفان: “أعتقد أن أفضل ما يمكننا فعله هو أن نتذكر أن هناك وجهاً بشرياً وراء كل هذا”.
في نهاية العام الدراسي عُرض على أولياء أمور الفصل خيار إعفائهم من المسؤولية. كنا جميعا نشعر بالغضب والأسى، بعد أن تحملنا ثقل الصدمة التي أصيبت بها عائلاتنا في مواجهة حالة عدم اليقين التي أوجدها الوباء. اقترحوا علينا العثور على بديل. وقالوا أنتم أحرار. لا أعرف أي ولي أمر قبل بذلك. نحن نهتم كثيراً لحال المعلمين. وكل ما نريده هو أن يكونوا أحراراً في الوجود بالفصل من جديد، من دون تحمل عبئنا العاطفي. فهذا ما توقعوا أن يجدوه. ويمكننا المساعدة على أن يحصلوا عليه.