أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

استكشاف الشمس

عند وصول معرض الشمس إلى متحف العلوم والصناعات في مانشستر، التقينا أحد القيّمين عليه، هو لويس بولارد Lewis Pollard، لمعرفة الكيفية التي يقرب بها المعرض الزوار من فهم الشمس.

ما سبب انبهارنا بالشمس؟
عبر التاريخ البشري، فسَّر الناس حركة الشمس بطرق مختلفة واستخدموا ذلك لمحاولة فهم موقعهم في الكون.
ومن بين المعروضات في معرض الشمس The Sun هو لوح بابلي، استعرناه من المتحف البريطاني [انظر الإطار في الصفحة المقابلة]. وقد نُقشت على اللوح واحدة من أقدم الإشارات المعروفة لما قد يكون تضاريس على سطح الشمس- قبل 2٫600 سنة، رصد أحدهم الشمس وكتب على اللوح أنك إذا رأيت بقعاً بيضاء على سطحها، فقد تكون علامة على أن المجاعة ستقع قريباً. نحن نعرف الآن عن البقع الشمسية والمخاطر المحتملة للعواصف الشمسية العالية الكثافة، خاصة باستخدام تقنيات الاتصالات الحالية، لكن أن يذكر شخصٌ الفكرة نفسها قبل كل تلك السنوات فهو أمر رائع حقاً.
تُعرض في المعرض أيضاً عربة تراندهولم الشمسية التي تعود إلى عام 1٫400 قبل الميلاد، والتي توضح الاعتقاد الإسكندنافي في العصر البرونزي بأن الشمس تُحمل عبر السماء على ظهر عربة تجرها الخيول. استخدم الكثير من الأديان أمثلة يومية – كالحيوانات والقوارب والعربات- لفهم نشاط الشمس وكيفية تحركها عبر السماء.

المعرض لا ينظر فقط إلى الماضي. فماذا يخبرنا عن المستقبل؟
جميع الطاقة على الأرض مُستمدة في النهاية من الشمس بشكل أو بآخر. فقد حصدنا الطاقة من الشمس عبر التاريخ، من الوقود الأحفوري، وهي نباتات وحيوانات متأحفرة استمدت طاقتها في النهاية من الشمس، إلى التقنيات الشمسية الأكثر مباشرة. ومن بين المعروضات مولد حراري يعمل بالطاقة الشمسية تَمّ تركيبه على سطح البيت الأبيض في عام 1979، في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر Jimmy Carter.
بالنظر إلى التقنيات التي تعزز قدرتنا على تسخير طاقة الشمس، فإننا نفكر فيما إذا كانت هذه هي الثورة الشمسية التي سنشهدها على الأرض. أم أن الحل هو محاكاة ظروف الشمس هنا على الأرض؟ مفاعل توكاماك الاندماجي لشركة توكاماك للطاقة Tokamak Energy هو مفاعل اندماجي نووي تجريبي يهدف إلى محاكاة طريقة عمل الشمس، ومن ثمَّ تستمد الطاقة من ذلك. لدينا في المعرض نسخة مصغرة من مفاعل توكاماك [انظر الإطار، في اليسار] وهي مثيرة للإعجاب حقّاً. وهي مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ ودائرية لدرجة أنها تبدو من وحي روايات الخيال العلمي.

كيف صاغت التكنولوجيا الجديدةُ شكلَ المعرض؟
لدينا الكثير من التجارب التفاعلية الغامرة والمذهلة. وفي إحداها تقف في هذه المصفوفة الضوئية لترى الكيفية التي تتحرك وفقها الظلال عبر الساعات الشمسية، والكيفية التي استُخدمت بها لمعرفة الوقت قبل أن تكون لدينا ساعات ميكانيكية. هناك شاشات للواقع المعزز، حيث يمكن للزوار تجربة النظارات الشمسية رقميا. وبطبيعة الحال، المشهد الختامي للمعرض: عاصفة شمسية تفاعلية. إنها تجربة غامرة ومذهلة حقّاً.

كيف تمكنتم من صنع تجربة العاصفة الشمسية؟
يقضي الزوار وقتهم في المعرض وهم يتعلمون المزيد عن الشمس ويفكرون في علاقتهم بها. أما هذا المشهد الهائل الأخير؛ فيذكرهم بمدى تأثير الشمس في حياتنا.
يدخل الزائر غرفة تجري شاشة كبيرة. وتُعرض على الشاشة صور مأخوذة من مرصد ديناميكية الشمس Solar Dynamics Observatory، وهو قمر اصطناعي للوكالة ناسا رصد الشمس على مدار فترة طويلة من الزمن. تُعرض مشاهداته في فيلم مدته ثماني دقائق، يتضمن هذا المشهد الصوتي الكبير والمؤثر. بالنسبة إلى كثير من الأفراد، سيكون هذا، مجازاً، أقرب ما يكون إلى الشمس. فقد أردنا أن يكون لهذا المعرض تأثير كبير، أي أن يكون أكثر من مجرد حديث عن موضوع بعينه؛ أردنا أن نجعل الشمس أقرب ما يكون إلى الناس.

هل التقنيات الجديدة- مثل الواقع المعزز، والواقع الافتراضي وما شابهها- تُغيِّر الطريقة التي تنظمون بها المعارض؟
أعتقد أن ذلك يحدث بشكل متزايد. الاحتمالات مذهلة حقّاً لما يمكننا فعله باستخدام هذه التقنيات. ولدينا تجربة للواقع الافتراضي، تُعرف بالهبوط الفضائي في الواقع الافتراضي Space Descent VR، يرويها رائد الفضاء البريطاني تيم بيك Tim Peake.
فما عليك إلا أن تضع سماعات الرأس وتعايش تجربة العودة إلى الأرض من محطة الفضاء الدولية. لهذا تأثير مختلف تماماً عما سيكون عليه الأمر لو كنت تقرأ أو تسمع روايته فقط. وتقدم هذه التقنيات طرقاً جديدة محتملة لإيصال رسالتنا ولها تأثير أكبر في زوارنا. ولذلك أنا متحمس حتى أرى الكيفية التي ستتطور وفقها هذه التقنيات.
بالطبع، لكل من هذه التقنيات تحدياتها الخاصة. فهي تعمل بشكل أفضل لبعض الناس وليس لغيرهم، فلا يوجد حل واحد يناسب الجميع لأي شيء. ولكن الشيء الوحيد الذي يجعل متحفنا ناجحاً حقّاً هو زيادة التفاعلية في صالات العرض، عادة عن طريق مفسرينا وعارضينا. وهناك تأثير كبير لوجود شخص حقيقي يتحدث إليك ويشرح لك الكيفية التي تعمل الأشياء وفقها.

في سياق المتاحف، هل سيُستبدل الأشخاص الحقيقيون بالتكنولوجيا في يوم ما؟
لا أتمنى ذلك. بالنسبة إلي، فأنا أستجيب دائماً بشكل أفضل للأشخاص، خاصة من الذين لديهم شغف حقيقي بما يتحدثون عنه. ولدينا فريق رائع من المتطوعين الذين يعملون في جميع معارضنا. أعتقد أن التحدث إليهم يؤثر حقّاً في كزائر للمتحف، وحتى كأحد العاملين في المتحف. لذلك، آمل بألا ينتهي هذا أبداً. وأعتقد أن ذلك من أسباب النجاح المذهل لهذا المتحف، وأنا فخور حقّاً بمتطوعينا وموظفينا الذين يعملون مع الجمهور وجهاً لوجه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى