الطاقة المتجددة: لماذا لا يمكنها إبقاء أسعار الطاقة منخفضةً في المملكة المتحدة؟

اعتباراً من أبريل 2022، سوف يقفز متوسط فواتير الطاقة المنزلية بأكثر من %50 نتيجة اضطرار مزودي الطاقة إلى تعويض الزيادات الهائلة في تكلفة الغاز. تأتي إمدادات الغاز من سلاسل التوريد العالمية التي تخضع لمتطلبات السوق المتغيرة والجغرافيا السياسية الإقليمية. ولكن، أوجدت الجائحة ظروفاً غير اعتيادية بكل الأشكال.
لكن لماذا، في عصر الطاقة المتجددة، ما زالت المملكة المتحدة تحت رحمة أسعار الغاز؟ لقد تضاعفت مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الطاقة في المملكة المتحدة بأكثر من الضعف منذ العام 2014. ومع ذلك، فإننا ما زلنا نعتمد على الوقود الأحفوري الذي سيفرض عبئاً كبيراً على الموارد المالية للسكان في المستقبل المنظور.
التفسير الأكثر وضوحاً هو أن قدرة مصادرنا المتجددة ليست كبيرة بما يكفي بعد. إذ يبلغ متوسط مساهمتها في الشبكة الوطنية نحو %40، معظمها من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية والطاقة الكهرومائية.
لا تساهم مصادر الطاقة المتجددة بنسبة أكبر لأسباب وجيهة جداً. باستخدام الوقود الأحفوري، تمكنا من تلبية الاختلافات في الطلب على الطاقة من خلال تشغيل مزيد من محطات الطاقة أو إيقاف تشغيلها، أو تشغيلها بطاقة أكبر أو أقل.
مع مصادر الطاقة المتجددة، نعتمد دائماً على الظروف الجوية. على سبيل المثال، شهد الربع الثالث من العام 2021 ارتفاعاً في أسعار الطاقة بسبب ضعف رياح الخريف. انخفض إنتاج الكهرباء المتجددة بنسبة %17 عن العام السابق، وتحتم استخدام الغاز لإنقاذ الوضع.

“مع مصادر الطاقة المتجددة، نعتمد دائماً على الظروف الجوية. على سبيل المثال شهد الربع الثالث من العام 2021 ارتفاعاً في أسعار الطاقة بسبب ضعف رياح الخريف”

ما زال تخزين الطاقة من فصل إلى آخر يمثل تحدياً أساسياً لقطاع الطاقة المتجددة. في أي وقت، يجب نقل كميات هائلة من الطاقة عبر الشبكة الوطنية للمملكة المتحدة- بمتوسط يزيد على 30 غيغاوات، وترتفع إلى أكثر من 40 غيغاوات في أوقات الذروة.
لكي تكون البلاد قادرة على الاعتماد على الطاقة المتجددة، نحتاج إلى مصفوفات ضخمة من البطاريات للتعامل مع الأيام الساكنة وتلك الملبدة بالغيوم. وحتى عندها لن يعمل هذا النظام إلا بضعة أيام. التكنولوجيا ليست متاحة في الوقت الحالي لتعويض النقص في الظروف المتقلبة مدة أسبوع أو شهر. في الوقت الحاضر، ما زلنا في حاجة إلى الوقود الأحفوري لتلبية توقعات احتياجات الطاقة بحسب الطلب.
يتمثل أحد الحلول لمواجهة ارتفاع الأسعار في زيادة التحكم في الغاز “المُنتج محلياً”. ففي نهاية الأمر يأتي نحو نصف إمداداتنا من الغاز من بحر الشمال- %30 تُستورد من النرويج، والباقي من مختلف أنحاء أوروبا.
لكن يتعين على المملكة المتحدة شراء غازها كسلعة دولية من السوق العالمية. وندفع سعراً عالمياً يخضع لسلوك المشترين والبائعين الآخرين، ونتعرض للسياق العالمي للتهديدات والمخاطر.
وظهرت مشكلات عملية متعلقة بسلسلة التوريد بسبب تأثير كوفيد19- في صعود وهبوط تدفق إمدادات الغاز. عندما توقف الإنتاج الصناعي على مستوى العالم، جُمدت ناقلات الغاز والنفط في مكانها. حالياً تُسرع الناقلات لخدمة آسيا حيث نشهد أكبر زيادة في الطلب. وعززت الولايات المتحدة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا لتخفيف الضغوط عنها.
يمكن زيادة الإنتاج العالمي لجعل إمدادات الغاز مستقرة ومن ثم خفض الأسعار، ولكن ما الحافز إلى ذلك لدى قطاع الطاقة الذي يجني الأرباح من ارتفاع الأسعار؟
يمكن أن تفكر المملكة المتحدة على المدى الطويل في تعزيز الإنتاج المحلي لتقليل انكشافها على الأسواق العالمية. وهذا يعني تجديد إيماننا بقيمة المساهمات الموزعة على الشبكة الوطنية، ودعم المشروعات على مستوى الأسرة والمجتمع المحلي والمناطق السكنية. بهذه الطريقة، ستستعيد الأسر الفردية السيطرة على ما تدفعه مقابل الطاقة التي تحتاج إليها، ويكون لديها خيار من خلال إنتاج بعضها. إذا ركَّب مزيد من الناس الألواح الشمسية على أسطحهم، مع بطارية صغيرة للتخزين، فسيمكنهم تقليل احتياجاتهم من الطاقة التي توفرها الشبكة، وخفض الطلب على الغاز وتقليل الانبعاثات. يمكننا البدء في تغيير هيكل الطلب على الطاقة، والانتقال من الجملة إلى نموذج التوليد الموزَّع.
قد يأتي تقليل الاعتماد أيضاً من تحسين التسرب من المساكن القديمة في المملكة المتحدة، مع تخصيص مزيد من الحوافز والأموال الخاصة والعامة لعزل الأسطح والجدران والنوافذ، بدلاً من مدفوعات الطوارئ لتعويض فواتير الطاقة الكبيرة.
سيكون الحل الأسهل للجميع هو وضع قواعد تخطيط أكثر تطوراً، وذلك من خلال التشديد على بناء جميع المنازل الجديدة مع أخذ كفاءة الطاقة في الاعتبار: عزل ممتاز، وألواح شمسية، ومرافق شحن السيارات وتخزين الطاقة، والمضخات Heat pumps. بذلك يصير كل منزل جديد قلعة صغيرة لتوليد الكهرباء وتأمين كفاءة استخدام الطاقة.
يجب أن تمثل قيمة الفواتير في الأشهر وربما السنوات المقبلة دافعاً كافياً لتشجيع الاستثمار في استقلال الطاقة على المستويين الشخصي والوطني.