خمس أصابع… وإبهام إضافية
لدينا إبهامان منذ نحو مليوني عام ساعدتانا على فعل أشياء رائعة. لكم أن تتخيلوا ما يمكننا فعله لو كانت لدينا ثلاث منها...
قد يكون في وسعنا جميعاً أن نحصل قريباً على إبهام إضافية. لا داعي للقلق، هذه ليس طفرة ناجمة عن التعرض لمواد مشعة، بل هي طرف اصطناعي جديد ومبتكر يجري العمل على تطويره في المملكة المتحدة.
في العام 2021، صنع فريق بقيادة باحثين من جامعة يونيفرسيتي كولدج لندن University College London إصبعاً روبوتيةً يوصَّل باليد. يمكن لهذه الإبهام المساعدة على الإمساك بشيء والتقاطه ودفعه برفق وعلى نحو عام تعزيز قدرات اليد. ولكن بدلاً من أن تكون طرفاً اصطناعياً ”نموذجياً“ (جزءاً اصطناعياً يحل محل جزء مفقود من الجسم أو به عيب على نحو ما)، فإن ”الإبهام الثالثة“ Third thumb، كما صارت معروفة، هي طرف اصطناعي مساعد Assistive prosthetic، يهدف إلى توسيع مدى قدرات أي شخص. ولكن هل نحتاج فعلاً إلى إبهام أخرى؟
التقط!
تقول داني كلود Dani Clode، مبتكرة الإبهام الروبوتية: ”[الإبهام الثالثة] يمكن ربطها باليد بحيث تكون مقابلة للإبهام البيولوجية. إنها مطبوعة بالكامل بتقنية الطبع ثلاثية الأبعاد، ويمكن التحكم فيها لاسلكياً باستخدام أجهزة استشعار الضغط تحت أصابع القدم وجهاز يمكن وضعه حول الكاحلين“. وتزود محركات موجودة داخل سوار معصم الإبهام بالطاقة التي يحتاج إليها للحركة.
تقول كلود ”إن الضغط بإصبع القدم اليمنى يسحب الإبهام قبالة اليد؛ و[الضغط] بإصبع القدم اليسرى يسحب الإبهام إلى أعلى باتجاه الأصابع. يسمح هذا الضغط للإبهام بالتقاط شيء والإمساك به وتشكيل امتداد لليد“.
في العام 2022، عرضت كلود وزملاؤها الإبهام الثالثة في المعرض العلمي الصيفي السنوي للجمعية الملكية Royal Society Summer Science Exhibition في لندن، ووفروا للزوار فرصة تجربتها. مُنح كل من المشاركين الذين بلغ عددهم 596 مشاركاً دقيقةً واحدة لمحاولة إكمال مهمتين باستخدام الإبهام الثالثة.
أولاً، طُلب إليهم التقاط أوتاد، واحداً تلو الآخر، من فوق لوحة ووضعها في سلة (تمكن 333 مشاركاً من إكمال هذه المهمة). بعد ذلك، كان عليهم نقل خمسة أو ستة أشياء خفيفة من المطاط الرغوي إلى السلة (تمكن 246 مشاركاً من نقل الأشياء إلى السلة خلال 60 ثانية).
تمكن 98% من المشاركين من استخدام الجهاز على الفور. وكانت مستويات القدرة متفاوتة، ولكن لم تكن هناك فروق على صلة بالجنس أو العمر أو الخلفية، ولم يكن هناك رابط بين الأشخاص الذين يتمتعون بمستويات أعلى من البراعة (الموسيقيون والنجارون، مثلاً) والمهارة في استخدام الإبهام. أربعة أشخاص فقط لم يتمكنوا من استخدام الإبهام الثالثة، ولكن ذلك كان إما بسبب عدم ملاءمتها لأيديهم، أو لعدم قدرتهم على التحكم فيها بأقدامهم.
هل نحتاج إلى إبهام ثالثة؟
كل هذا حسن وجميل، ولكن هل نحتاج حقاً إلى إبهام أخرى؟ لقد تمكنّا من العيش وإنجاز كل ما أنجزناه بإبهامين؛ فكيف ستساعدنا إبهام أخرى؟
اكتسبت فكرة تعزيز قدرات جسم الإنسان زخْماً كبيراً في السنوات الأخيرة باستخدام علم الروبوتيات Robotics (سواء كانت ذراعاً إضافية أو هيكلاً خارجياً كاملاً) لمساعدتنا على تنفيذ مهامَّ قد نواجه صعوبة في أدائها. الإبهام الإضافية هي أحد الأمثلة على ذلك، ويمكن استخدامها لحمل مزيد من الأشياء أو حمل الطعام في أثناء تقطيعه.
ولكن الإبهام الثالثة تظهر أهميتها فعلاً في مجالات أخرى. فمثلاً منحُ الموسيقيين إصبعاً إضافية يفتح المجال أمام قدرات جديدة لعازفي الغيتار والبيانو والطبول على حد سواء. كما أنه يزيد من البراعة في مجالات أخرى أيضاً، وذلك من خلال مساعدة الكهربائيين على اللحام والجراحين على حمل مزيد من المعدات في أثناء العمل.
”لا أنظر إليها كبديل لأحد الأطراف؛ إنها امتداد للجسم“
توضح كلود قائلةً: ”لا أنظر إليها كبديل لأحد الأطراف؛ إنها امتداد للجسم وهذه هي فلسفة التصميم التي أتبعها مع هذه الأطراف الاصطناعية. الأطراف الاصطناعية المساعدة موجودة لتوسيع نطاق ما يمكننا فعلُه ويمكن للجميع استخدامها“.
ومع ذلك قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل استخدامها على نطاق واسع.
تقول كلود: ”يُعَد طرح منتج جديد تحدياً كبيراً. ولكن على المدى القصير نتجه نحو التعامل مع المرضى. ونبحث حالياً في إجراء أبحاث مع المرضى الذين يعانون كسورًا في الأطراف“.
”نظراً إلى مدى سهولة استعماله لالتقاط الأشياء، نفكر في الإبهام الثالثة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون كسرًا في اليد، ثم سنتجه إلى مجموعات من المرضى الذين أصيبوا بسكتات دماغية ثم إلى الأطفال أيضاً“.
لم يُحدَّد موعد لطرح الإبهام الثالثة في السوق (ولا توجد معلومات حول سعر التجزئة المتوقع). ولكن إذا حظي بإقبال في التجارب، فقد لا يمر وقت طويل قبل أن نتجول ونحن نستخدمه ونُشيد بقدراته.