دراسة جديدة تدعو إلى إعادة التفكير في بلوغ جبال الهيمالايا ارتفاعَها الشاهق
ساعد انزياح تكتوني ضخم الجبالَ على الارتفاع، لكنها كانت كبيرة حتى قبل ذلك
كيف صارت جبال الهيمالايا بمثل هذا الارتفاع الشاهق؟ لا تقلق إذا كنت لا تعرف الإجابة، فقد اتضح أن كبار العلماء لا يعرفون ذلك أيضاً. كشفت دراسة جديدة أن سلسلة الجبال الآسيوية لم تصل إلى ارتفاعاتها المذهلة بالطريقة التي كنا نعتقد أنها حدثت؛ أي نتيجة لاصطدام تكتوني ضخم.
توجد قمة جبل إيفرست Mount Everest – الأعلى في جبال الهيمالايا وأعلى نقطة على وجه الأرض – على ارتفاع 8,849 متراً (29,032 قدماً) حالياً.
لكن العلماء الذين أجروا الدراسة الجديدة توصلوا إلى الارتفاع الذي كانت عليه جبال الهيمالايا قبل الاصطدام التكتوني الذي كان يُعتقد أنه السبب وراء تكوينها. ووجدوا أنه على الرغم من أن الاصطدام زادها ارتفاعاً، فإن جبال الهيمالايا كانت بالفعل شديدة الارتفاع، ولا أحد يعرف لماذا.
قال دانييل إيبارا Daniel Ibarra، المؤلف الأول للدراسة، وهو حالياً أستاذ مساعد من جامعة براون Brown University بالولايات المتحدة، وكان يعمل سابقاً في كلية ستانفورد دوير للاستدامةStanford Doerr School of Sustainability: ”ساد الاعتقاد لدى الخبراء منذ فترة طويلة أن الأمر يتطلب اصطداماً تكتونياً هائلاً، بين قارتين، لإحداث ارتفاع بمستوى جبال الهيمالايا. هذه الدراسة تدحض ذلك وتفسح المجال أمام تناول الأمر من منظور مختلف“.
تصف الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر جيوساينس Nature Geoscience كيف اكتشف علماء من كلية ستانفورد دوير للاستدامة، بالتعاون مع علماء من جامعة الصين لعلوم الأرض China University of Geosciences، طريقة جديدة لقياس الارتفاعات السابقة للصخور الرسوبية Sedimentary rocks، مستوحاة من تقنية متوافرة تُستخدم لفحص النيازك Meteorites. ومن خلال قياس تركيب النظائر Isotopic composition لصخور الهيمالايا، تمكن العلماء من تحديد ارتفاعها القديم.
يعمل الأمر على هذا النحو: الهواء الدافئ على الجانب غير المواجه للريح من الجبل (الجانب المحمي من الرياح) يرتفع ويبرد قبل أن يتكثف ويسقط في شكل أمطار وثلوج. مع ارتفاع الهواء يتغير التركيب الكيميائي لمطره. النظائر الأثقل (عناصر متنوعة مثل الأكسجين الذي يحتوي على مزيد من النيوترونات) تسقط من السحب أولاً، في حين تسقط النظائر الأخف بالقرب من القمة.
ما وجده العلماء من خلال هذا التحليل الذي استغرق ثلاث سنوات هو أن جبال الهيمالايا الواقعة على حواف الصفائح التكتونية كان يبلغ ارتفاعها بالفعل نحو 3,500 متر (11,480 قدماً) قبل الاصطدام. وهذا أعلى بكثير مما كان يُعتقد سابقاً – ويمثل أكثر من 60% من ارتفاعها الحالي، في الواقع.
تعني هذه النتائج أن هناك حاجة إلى إعادة معايرة النماذج المناخية القديمة حول جبال الهيمالايا، مما قد يؤدي إلى نظريات جديدة حول المناخ القديم في منطقة جنوب التبت. ومن المرجح أن يطبق النهج لإعادة فحص سلاسل الجبال الأخرى مثل جبال الأنديز وسييرا نيفادا أيضاً.
وقال إيبارا: ”هذا الفهم الجديد يمكن أن يعيد تشكيل النظريات حول المناخ والتنوع البيولوجي في الماضي“.