يُعتقَد أن الثقوب السوداء فائقة الكتلة Supermassive black holes (اختصاراً: الثقوب SMBHs) تكمن في مركز كل مجرة، ولكن لا يُعرَف سوى القليل جداً عن مَنشئها. تقترح الأفكار المطروحة حالياً أن هذه الأجسام الكونية العملاقة التي يمكن أن تعادل كتلتها ملايين أضعاف كتلة الشمس، تنمو ببطء نسبيٍّ إذ يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تمتص المادة التي تحيط بها.
ولكن لا بد من أن شيئاً آخر يحدث، إذ لوحظ أن عديداً من الثقوب السوداء فائقة الكتلة تعود إلى الأيام الأولى للكون.
حالياً يعتقد علماء فيزياء من جامعة كاليفورنيا University of California أنه قد يكون لديهم تفسير، وهو أن الثقوب السوداء البذرية Seed black holes، أو الثقوب السوداء في مراحلها الأولية، يمكن أن تتشكل من خلال انهيار هالات المادة المعتمة التي تحيط بالمجرات.
قال قائد الدراسة هاي-بو يو Hai-Bo Yu، الأستاذ المساعد للفيزياء وعلم الفلك من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد University of California Riverside: ”يشعر الفيزيائيون بالحيرة لدى محاولة تفسير سبب نمو الثقوب السوداء فائقة الكتلة في المناطق المركزية لهالات المادة المعتمة خلال فترة زمنية قصيرة… إنه مثل طفل يبلغ من العمر خمس سنوات ويزن، على سبيل المثال، 200 رطل [90 كغم]. سوف يذهلنا مثل هذا الطفل لأننا نعرف الوزن النموذجي لطفل حديث الولادة ومدى سرعة نموه. وبالمثل عندما يتعلق الأمر بالثقوب السوداء، فإن لدى علماء الفيزياء توقعات عامة حول كتلة الثقب الأسود البذري ومعدل نموه. ووجود ثقوب سوداء هائلة يشير إلى أن هذه التوقعات العامة قد خُرِقت، وهذا يتطلب معرفة جديدة، وهو أمر يستثير التفكير“.
وفقاً لنظرية يو، تتشكل الهالة في البداية عندما تسحب الجاذبية جزيئات المادة المعتمة معاً وتجعلها بعضها أقرب إلى بعض. مع استمرار تشكل الهالة، تبدأ معركة بين الجاذبية التي تسحب الجسيمات إلى مركز الهالة والضغط الذي يدفعها إلى الخارج.
إذا لم تتمكن جسيمات المادة المعتمة من التفاعل بعضها مع بعض فستسخن، مما يزيد الضغط الخارجي ويمنع الهالة من الانهيار Collapsing. ولكن إذا تمكنت من التفاعل بعضها مع بعض، يصبح من الممكن توزيع الحرارة بسهولة في معظم أنحاء الجسيمات مما يؤدي إلى انهيار الهالة في نهاية المطاف وتشكيل بذرة ثقب أسود.
يمكن أن تنمو هذه البذرة أكثر فأكثر بامتصاص أي مادة باريونية Baryonic matter (مرئية) محيطة بها من مثل الغاز والنجوم.
قال يو: ”إن ميزة السيناريو الذي وضعناه هي أن كتلة الثقب الأسود البذري يمكن أن تكون كبيرة لأنها تنتُج عن انهيار هالة المادة المعتمة. ومن ثمّ، يمكن أن تنمو إلى ثقب أسود فائق الكتلة في فترة زمنية قصيرة نسبياً“.
وأضاف: ”في عديد من المجرات تهيمن النجوم والغازات على مناطقها المركزية. ومن ثمَّ، يكون طبيعياً أن نتساءل كيف يؤثر وجود هذه المادة الباريونية في عملية الانهيار، نحن نظهر أنه سيسرع من بداية الانهيار. هذه الميزة هي بالضبط ما نحتاج إليه لشرح أصل الثقوب السوداء فائقة الكتلة في الكون المبكر“.