أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مراجعة

الرياضة الجماعية: لماذا يُفيد أداء التمارين مع الآخرين في تحسين لياقتنا

يكشف العلم لماذا من الأفضل لك أن تتصبب عرقاً مع مجموعة من الأصدقاء بدلاً من أن تكون بمفردك

لم تكن ممارسة الأنشطة والتمارين البدنية بصحبة الآخرين أكثر شيوعاً مما هي عليه حالياً، بدءاً من حصص اليوغا وركوب العجلات الثابتة والتمارين كروس فيت CrossFit وسباقات الجري في المدن. وفي حين أن البعض منا يفضلون ممارسة الرياضة بمفردهم، إلا أن الملايين من الأشخاص يستخدمون التمارين الجماعية للحفاظ على لياقتهم وصحتهم. ولكن هل من الممكن أن يكون لممارسة الرياضة مع الآخرين مزايا لا يوفرها التمرين المنفرد؟ هذا على ما يبدو ما خلصت إليه أحدث الأبحاث.

هل نستمد مزيداً من التشجيع خلال التمارين الجماعية؟
لقد وجدت الدراسات أن التمارين الجماعية يمكن أن تكون محفزة بطريقة لا توفرها التدريبات الفردية. كما أنها تلقى إقبال مجموعة واسعة من الأشخاص، وتُنشط حتى أكثر الأشخاص حباً للاسترخاء والكسل.

ولهذا السبب بادر عديد من شركات اللياقة البدنية إلى تحويل حرق السعرات الحرارية على نحو جماعي إلى أعمال تجارية كبيرة. يجري تسويق برامج من كروس فيت CrossFit وبيلوتون Peloton وليس ميلس Les Mills بالتركيز على الجو المجتمعي الذي توفره إلى جانب فعالية تدريباتها الرياضية. والشركات الثلاث لديها صالات رياضية أو فصول رياضية مَبيعة بالكامل في معظم أنحاء العالم.

الأمر مماثل مع باركران Parkrun، وهي مؤسسة خيرية يديرها متطوعون وتنظم سباقات لمسافة 5 كيلومترات في نهاية كل أسبوع في البلدات والمدن في أكثر من 20 دولة. بدأت باركران بمجموعة مكونة من 13 عداءً في بوشي بارك في لندن، في العام 2004. وبحلول العام 2013 درس الباحثون مدى جاذبيتها، ونشروا في مجلة الصحة العامة Journal of Public Health نتائجهم التي وجدت أنها جذابة بنحو خاص للأشخاص الذين لا يَعُدون أنفسهم عدائين.

هل هذا كل ما في الأمر؟ هل يمكن أن تكون فائدة التدريبات الجماعية هي مجرد وجود أشخاص آخرين يرتدون ملابس رياضية؟
يقول د. أليكس جيه بنسون Alex J Benson من جامعة ويسترن أونتاريو University of Western Ontario في كندا إن التدريب مع الآخرين – أي جعَل الأمر تجربة اجتماعية بقدر ما هو نشاط أو شيء يعتمد على الأداء – يُعَد عاملاً محفزاً كبيراً. يتناول عمل بنسون، وهو عالم نفس ومختص بعلم الحركة الفسيولوجية، ديناميكياتِ المجموعة في الرياضة وخارجها، بما في ذلك فوائد التمارين الجماعية.

يقول بنسون: ”يمكن أن تكون التمارين الجماعية وسيلة فعالة للمساعدة على التحفيز إلى أداء النشاط البدني الممتع والحفاظ عليه وتعزيزه. ولكن ليست جميع أشكال التمارين الجماعية متساوية ومن المهم التفكير في البيئات الجماعية التي ستحقق الفائدة الأكبر للمشاركين“.

هل تجعلنا التمارين الجماعية نمارس تمارين أشد؟
وجد العلماء أن حصص ركوب الدراجة الثابتة هي أحد أنواع التمارين الجماعية التي تدفع إلى رفع مستوى الجهد المبذول من قِبل اللاعبين. فقد وجد باحثون من جامعة ولاية كانساس Kansas State University أن النساء اللواتي مارسن التمارين مع الفريق على الدراجات الثابتة زوَّدن من وقت التمرين وكثافته بنسبة تصل إلى 200%. هذا صحيح بشكل خاص إذا مارس الشخص الرياضة مع شخص يعتقد أنه أفضل منه.

”يمكن للناس، إلى حد ما، الاستعانة بالمجموعة كمصدر خارجي لتنظيم نشاطهم، بحيث تبدو شدة التمرين نفسها أسهل مع المجموعة“

يقول بنسون: ”هناك مكاسب تحفيزية في ظل ظروف معينة، مثل تأثير كولر Köhler effect. في مثل هذه الحالة يبذل الأفراد الأقل قدرةً جهداً أكبر لمواكبة الأعضاء الأكثر قدرة. كما أظهرت الأبحاث التي أُجريت على مجموعات الجري أن الأشخاص يمكنهم، إلى حد ما، الاستعانة بالمجموعة كمصدر خارجي لتنظيم نشاطهم، بحيث تبدو شدة التمرين نفسها أسهل مع المجموعة“.

ومن غير المستغرب أنه عندما نجد ممارسة الرياضة أسهل وأكثر متعة، فإننا سنواظب عليها. لقد وجد الباحثون أن التمارين الجماعية يمكن أن تُسهم في تشكيل العادات من خلال نهج ممارسة النشاط مع الأصدقاء الذي يساعد الناس على البقاء متحمسين بمرور الوقت. على سبيل المثال، عندما يلتحق الأشخاص ببرامج إنقاص الوزن مع الأصدقاء، فمن المرجح أن يلتزموا بها أكثر مما يحدث إذا حاولوا إنقاص وزنهم بمفردهم.

وجدت إحدى دراسات بنسون أنه عندما يكون لدى الناس إحساس أكبر بالانتماء إلى مجموعة في حصة أو مكان للتمرين، فمن الأرجح أن يستمتعوا به ويدفعوا أنفسهم إلى بذل جهد أكبر. يعزو بنسون ذلك إلى أن الأشخاص لديهم ”إحساس بالترابط المشترك والتفاعل بعضهم مع بعض، والتعريف عن أنفسهم بصفتهم أعضاء في المجموعة“.

قد تساعدك ممارسة التمارين مع أشخاص يتمتعون بقدرات مماثلة، أو حتى بقدرات أعلى قليلاً، على بذل جهد أكبر

ما تأثير المدرب؟
يقول بنسون إن المدرب يمكن أن يساعد على خلق هذا الشعور بالانتماء إلى المجموعة: ”إن قدرة المدرب على خلق شعور بالتجربة المشتركة يمكن أن تساعد على تلبية بعض احتياجاتنا النفسية الأساسية، مثل الارتباط والاستقلالية والكفاءة“.

قد يفسر ذلك سببَ متابعة الملايين بعضَ مدربي بيلوتون Peloton عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو سبب تمكن جو ويكس Joe Wicks من تحفيز ملايين الأشخاص إلى ممارسة التمارين من المنزل عبر متابعة حصصه المباشرة على YouTube في أثناء عمليات الإغلاق خلال جائحة كوفيد (COVID-19).

هل من الأفضل دائماً ممارسة الرياضة ضِمن مجموعة؟
التمرين هو شيء شخصي جداً. هناك كثير من الأشخاص الذين يفضلون أن يتمرنوا بمفردهم وألا ينافسوا أحداً آخر. هناك أيضاً آخرون ممن يهابون المشاركة في حصص جماعية، خاصة إذا لم تكن لديهم تجربة سابقة وكانت الحصص أكثر تقدماً.

لكن معظم الأبحاث المتاحة تشير إلى أننا عندما نمارس التمارين الرياضية مع أشخاص من المجموعة الديموغرافية نفسها ومستوى اللياقة نفسه، أشخاص يشاركوننا الأهداف وطريقة التفكير، فمن المرجح أن نستمتع بوقتنا.

وجدت دراسة أجرتها جامعة نيو إنغلاند University of New England في العام 2017 أنه بالمقارنة مع الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بمفردهم، أفاد أولئك الموجودون في فصل جماعي بانخفاض أعلى في التوتر والإجهاد، كما سجلوا مستوى أعلى من جودة الحياة البدنية والعقلية والعاطفية.

يقول بنسون: ”إن أحد الجوانب الأكثر صعوبة في التمارين بالنسبة إلى كثيرين (وسبب فشل عديد من التدخلات) هو الالتزام على المدى الطويل… بما أننا حيوانات اجتماعية، ولدينا رغبة أساسية في التواصل والانتماء، فإن تدخلات التمارين الجماعية يمكن أن تساهم في الحفاظ على الالتزام عندما يطور الناس روابط اجتماعية مع الآخرين“.


إيان تايلور Ian Taylor
إيان كاتب علمي مستقل وله مقالات في BBC Science Focus وMen’s Health وAskmen.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى