تصوير انفجار هائل على نجم ميت غامض

مع انتشار أعداد لا تُحصى من الروائع في الفضاء، لا يسعنا التفكير في كل ما يحدث فيه من دون أن تتسنى لنا رؤيته أو تسجيله. هذا ما جعل علماء الفلك يشعرون بسعادة غامرة عندما التقط قمر اصطناعي صادف أنه ينظر في الاتجاه الصحيح تماماً انفجاراً في الفضاء يندر أن نراه.

أضاء الانفجار العملاق مجرة بكاملها، تُعرف باسم المجرة M82، على بعد 12 مليون سنة ضوئية من الأرض. ظن علماء الفلك أن ما سبَّب الانفجارَ اصطدامٌ بين نجمين نيوترونيين Neutron stars، ولكن عندما بحثوا عن التوهج اللاحق Afterglow لمثل هذا الحدث، لم يجدوا له أثراً. عندها أدركوا أن انفجار أشعة غاما Gamma-ray burst القوي هذا لا بد أنه جاء من نجم نيوتروني واحد شديد القوة. النجوم النيوترونية هي بقايا نجوم ضخمة، أكبر بثماني مرات من شمسنا، بعد أن تنفجر على شكل سوبرنوفا (مستعر أعظم) Supernova. بدلاً من أن تتحول البقايا إلى ثقب أسود Black hole، فإنها تشكل كرات مضغوطة ذات مجالات مغناطيسية قوية.

لكن المجالات المغناطيسية للنجم النيوتروني المرصود كانت قوية جداً، مما جعله نجماً مغناطيسياً Magnetar، وهو نجم نيوتروني يحظى بقوة مغناطيسية هائلة. مع مجالات مغناطيسية أقوى بأكثر من 10,000 ضعف من مجالات النجوم النيوترونية المتوسطة، تحيط بالنجوم المغناطيسية أقوى المجالات المغناطيسية المَقيسة في الكون وتنبعث منها الطاقة من خلال التوهُّجات العملاقة. لقد كان واحدٌ من هذه التوهجات هو الذي التقطه القمر الاصطناعي إنتغرال INTEGRAL التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (اختصاراً: الوكالة إيسا ESA) في نوفمبر الماضي. استمر الانفجار عُشرَ ثانيةٍ فقط، ولكن في غضون 13 ثانية تلقى علماء الفلك في معظم أنحاء العالم تنبيهاً بحدوث انفجار أطلق كمية هائلة من أشعة غاما.

قال د. ساندرو ميريغيتي Sandro Mereghetti من المعهد الوطني للفيزياء الفلكية National Institute for Astrophysics بإيطاليا والمؤلف الرئيس للدراسة التي نُشرت في مجلة نيتشر Nature: ”لقد أدركنا على الفور أنه تنبيه من نوع خاص. انفجارات أشعة غاما تأتي من مسافة بعيدة ومن أي مكان في السماء، لكن هذا الانفجار جاء من مجرة لامعة قريبة“.

دقق فريق ميرغيتي على الفور فيما رصدته التلسكوبات الأرضية والفضائية، لكنها لم تلتقط أي إشارات للضوء المرئي Visible light أو الأشعة السينية X-rays أو موجات الجاذبية Gravitational waves. لقد التقط القمر الاصطناعي INTEGRAL لحظة فريدة وعابرة لم تخلف وراءها أي أثر.

ومن دون هذا الأثر، فإن الأرجح أن ما يقف وراء الانفجار هو النيوترونات الضخمة المغناطيسية، وهذا يجعله أولَ توهُّج لنجم مغناطيسي مؤكد خارج مجرة درب التبانة. في الخمسين عاماً الماضية، رصد العلماء ثلاثة توهجات عملاقة فقط مصدرُها نجم مغناطيسي في مجرتنا.